قبل اجتماع الحسم.. إصلاح التقاعد بين تفاؤل حكومي وتوجس نقابي

الكاتب : انس شريد

04 يوليو 2025 - 11:50
الخط :

عاد ملف إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب إلى واجهة النقاش السياسي والاجتماعي، وسط تحذيرات متزايدة من اقتراب نفاد احتياطات صناديق التقاعد وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها تجاه مئات الآلاف من المتقاعدين.

هذا الملف الذي لطالما كان على رأس الأولويات، يستمر في إثارة الجدل بين مختلف الأطراف المعنية، من حكومة، نقابات، وجمعيات مجتمع مدني، الذين يتباينون في تقييمهم لكيفية إصلاح النظام التقاعدي في البلاد.

تزامنًا مع هذه التحذيرات، تتزايد الضغوط على الحكومة الحالية لإجراء إصلاح شامل يضمن ديمومة الأنظمة التقاعدية ويصون حقوق المنخرطين.

ومع تزايد الأصوات الرافضة لأي إجراءات قد تمس حقوق الأجراء، تطرح التساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على تحقيق توازن بين الحاجة للإصلاح وضمان حقوق الطبقات العاملة والمتقاعدين على حد سواء.

وفي سياق هذا النقاش، أكدت بعض الصفحات النقابية على أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وجه دعوة رسمية إلى المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية لحضور اجتماع اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد يوم الخميس 17 يوليوز 2025، بمقر رئاسة الحكومة.

ويأتي هذا الاجتماع في أعقاب نتائج الحوار الاجتماعي الذي أُجري في أبريل الماضي، حيث يُتوقع أن يتم بحث الإصلاح الشامل بناءً على المبادئ المتوافق عليها في الاتفاق الاجتماعي لعام 2024، والتي تقضي بإرساء نظام تقاعد موحد قائم على قطبين عمومي وخاص.

ووفقا لما يتم تداوله، فإن العرض الحكومي يتضمن مقترحات تشمل رفع سن الإحالة على التقاعد، ومراجعة شروط الاستحقاق، مع استبعاد خيار خفض المعاشات، نظرًا لتبعاته الاجتماعية السلبية.

وبالنظر إلى أهمية هذا الورش الاستراتيجي، فإن المركزيات النقابية تطالب الحكومة بالكشف الكامل عن الأرقام والدراسات المعتمدة، على أن تشمل هذه الدراسات توقعات تمتد على مدى لا يقل عن ثلاثين سنة، بما يتيح تقييما معمقا للأثر المالي والاجتماعي المحتمل لهذا الإصلاح.

في المقابل، لا تزال تركيبة اللجنة المكلّفة بمناقشة هذا الملف تثير تساؤلات مشروعة، خاصة في ما يتعلق بالمعايير التي اعتمدها الأمناء العامون لاختيار أعضائها.

كما تتشبث المركزيات النقابية في الأونة الأخيرة، باتباع منهجية تشاركية تضمن حقوق الأجراء والمتقاعدين، وتجنب ما تُسميه "الهروب إلى الأمام" عبر رفع سن التقاعد إلى 64 سنة أو زيادة المساهمات دون توافق اجتماعي شامل، الأمر الذي يساهم المساس بالمكتسبات الاجتماعية.

مشددة على أنه لا يمكن تحميل الشغيلة تبعات الأخطاء التي ارتكبت في تدبير صناديق التقاعد.

من جهة الحكومة، سبق أن أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، التزام الحكومة بالإصلاح، معتبرة أن الوضع الحالي يُنذر بانفجار مالي واجتماعي إذا لم يتم التدخل بشكل عاجل.

وكانت الوزيرة قد تعهدت سابقًا بتقديم عرض أولي للإصلاح مع بداية عام 2025، إلا أن الخلافات حول بعض المقترحات مثل رفع سن التقاعد إلى 64 عامًا وزيادة المساهمات بنقطتين أدت إلى تأجيل الخطوات التنفيذية.

وفيما يخص تطمينات الحكومة، فإن وزيرة الاقتصاد نادية فتاح أكدت أن الهدف الرئيسي من الإصلاح هو ضمان معاش مستدام للمتقاعدين، مما يسهم في إنهاء المعاناة الحالية.

وطمأنت جميع المتقاعدين والمساهمين بأن الحكومة ملتزمة بتوفير إطار مالي مستدام يضمن عدالة أكبر في توزيع معاشات التقاعد ويعزز من استمرارية النظام التقاعدي في المستقبل.

وفي هذا الإطار، جاء تقرير المجلس الأعلى للحسابات ليشكل صدمة جديدة، حيث حذر من أن احتياطيات الصندوق المغربي للتقاعد قد تنفد بحلول عام 2028، وهو ما يضع مزيدًا من الضغوط على الحكومة للعمل بسرعة أكبر.

كما أشار المجلس في تقرير سابق إلى أن العجز التقني المسجل في عام 2023 بلغ 9.8 مليار درهم، محذرًا من استمرار هذا الوضع في غياب إصلاح حقيقي.

آخر الأخبار