المعارضة تتهم الحكومة بتجاهل الإصلاحات الصحية.. والأغلبية ترد: السيادة خط أحمر

الكاتب : انس شريد

07 يوليو 2025 - 07:30
الخط :

شهدت جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، التي عقدت زوال الإثنين 7 يوليوز 2025، جدلاً حادًا بين الأغلبية والمعارضة حول المنظومة الصحية في المغرب والإصلاحات المرتبطة بها. في هذه الجلسة، أثيرت العديد من القضايا المتعلقة بالاختلالات البنيوية التي يعاني منها القطاع الصحي، والتي تعد بمثابة تهديد حقيقي لترسيخ مبادئ الكرامة والعدالة الاجتماعية التي يكفلها الدستور.

الأغلبية والمعارضة على طاولة المساءلة

في بداية الجلسة، قدمت النائبة عتيقة جبرو من الفريق الاشتراكي، المعارضة الاتحادية، تساؤلات مباشرة لرئيس الحكومة حول ما وصفته بـ "الاختلالات البنيوية" التي تواجه المنظومة الصحية الوطنية.

وقالت جبرو إن الحق في الصحة لا يزال بعيد المنال بالنسبة لكثير من المواطنين، خاصة في المناطق القروية والمدن الصغرى التي تعاني من نقص حاد في الموارد البشرية الطبية والتمريضية، بالإضافة إلى نقص الأدوية الأساسية.

وتطرقت جبرو إلى وضع المستشفيات العمومية التي تفتقر إلى التجهيزات الأساسية وتواجه مشاكل عديدة في تقديم الخدمات الصحية بشكل عادل.

وأشارت النائبة إلى أن الوصول إلى العلاج في الوقت الحالي أصبح "امتيازًا اجتماعيًا" في وقت يفترض أن يكون فيه "حقًا مكفولًا لجميع المواطنين"، مشددة على أن المجهودات الحكومية رغم أهميتها، لم ترق إلى معالجة هذه الأعطاب الجذرية.

واستفسرت جبرو عن الخطوات التي تعتزم الحكومة اتخاذها لإصلاح المنظومة الصحية، وتوزيع الخدمات الصحية بشكل عادل، وتأهيل المؤسسات الاستشفائية لتوفير خدمات صحية تلبي احتياجات المواطنين وتضمن لهم الكرامة.

النقد الحاد من المعارضة

كما قدم النائب البرلماني عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي، مداخلة شديدة اللهجة، حيث انتقد الحكومة بسبب فشلها في تنفيذ الإصلاحات التي وعدت بها في قطاع الصحة. وقال شهيد إن الحكومة لم تلتزم بالوعود التي أطلقتها بشأن تحسين النظام الصحي وتوفير الخدمات الصحية للجميع، واصفًا تلك الوعود بأنها "مجرد شعارات".

وأكد أن الحكومة لم تفي بالتزاماتها بشأن تعميم البطاقة الصحية الذكية، وإرساء نظام فعال لاستقطاب الأطباء إلى المستشفيات العمومية، فضلاً عن إتمام مشروعات حيوية مثل المجموعات الصحية الترابية والهيئة العليا للصحة.

كما لفت شهيد إلى أن التأخير الكبير في إصدار النصوص التنظيمية الخاصة بالقانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية يعرقل تنفيذ الإصلاحات الأساسية ويؤثر سلبًا على جميع المشاريع الحيوية.

وأشار إلى التحديات المالية التي تواجه قطاع الصحة، مبرزًا أن الأسر المغربية لا تزال تتحمل أكثر من نصف النفقات الصحية، بسبب ضعف التمويل العمومي وارتفاع أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية.

النقد حول التفاوتات المجالية

وتحدث شهيد عن التفاوتات الكبيرة في توزيع الموارد الصحية بين المدن الكبرى والمناطق القروية، لافتًا إلى أن هذا التفاوت يساهم في زيادة الفجوة الاجتماعية.

وأضاف أن الوضع في قطاع الصحة أصبح يعكس تدهورًا واضحًا في الأوضاع المعيشية للعديد من المواطنين، الذين يعانون من نقص في الخدمات الصحية الأساسية، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى العلاج، وخاصة في المناطق النائية.

كما أكد شهيد أن نقص الأطر الطبية، بما في ذلك الأطباء والممرضين، يمثل تحديًا كبيرًا أمام إصلاح المنظومة الصحية، حيث يقدر عدد الأطباء المفقودين بأكثر من 30 ألفًا، فضلاً عن الهجرة المقلقة للأطر الطبية إلى الخارج.

الرد من الأغلبية الحكومية: الدفاع عن الإنجازات

من جهة أخرى، رد فريق الأغلبية الحكومية ممثلاً في رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، محمد شوكي، على انتقادات المعارضة بتأكيد أن الحكومة قد أنجزت خطوات كبيرة في تحسين النظام الصحي في المغرب.

وقال شوكي إن السيادة الوطنية في المجال الصحي تعتبر "خطًا أحمر"، وأن تعزيز الأمن الصحي والسيادة الدوائية جزء لا يتجزأ من الأمن القومي.

وأشار إلى أن ما تم تحقيقه في مجال تعميم التغطية الصحية يتفوق على أي جهود سابقة من الحكومة المغربية.

وشدد شوكي على أن الحكومة تبنت رؤية شمولية وإصلاحات جذرية في قطاع الصحة، التي تركز على تحسين العدالة في الوصول إلى العلاج وتوفير الخدمات الصحية بشكل متساوٍ لجميع المواطنين.

وأكد أن إصلاحات الحكومة تهدف إلى القضاء على التفاوتات الصحية وتحقيق الإنصاف في التغطية الصحية، مشيرًا إلى أن أكثر من 11 مليون مواطن استفادوا من "أمو-تضامن"، وهي رقم لم يتحقق في أي حكومة سابقة.

السيادة الصحية: أولوية الحكومة

وأضاف شوكي أن الحكومة لم تتعامل مع السيادة الصحية كمجال للمزايدات السياسية، بل اعتبرتها مسؤولية وطنية استراتيجية تهدف إلى ضمان استدامة النظام الصحي ومواكبة تطوراته المستقبلية.

وأشاد شوكي بتوجه الحكومة نحو التصنيع الدوائي المحلي، معتبرًا أن هذا التوجه يشكل أساسًا لاستقلالية البلاد في مجال الأدوية والمواد الطبية.

كما أكد شوكي أن هذه الحكومة حريصة على تنفيذ الإصلاحات الصحية التي تضمن حق المواطن في العلاج بكرامة، مبرزًا أن "السيادة الصحية" هي جزء من "السيادة الوطنية" بشكل عام.

وأوضح أن الحكومة تتبنى سياسة جدية فيما يخص تعزيز السيادة الصحية وتوفير الأدوية المحلية لتقليل الاعتماد على الخارج.

آخر الأخبار