المعارضة تبرز نواقص قطاع التعليم وتطالب بتعديلات جوهرية

في وقت يشهد فيه قطاع التعليم بالمغرب سلسلة من المحاولات لإصلاح منظومته، خرجت فرق المعارضة النيابية لتكشف عن "نواقص وثغرات" في مشروع القانون المتعلق بالتعليم المدرسي.
واعتبرت المعارضة أن هذا المشروع، رغم محاولاته التحديثية، لا يواكب بشكل حقيقي التحديات التي يواجهها القطاع، بل يظل عاجزًا عن تقديم حلول فعالة وجذرية للمشاكل المستفحلة في المنظومة التعليمية، ما يثير تساؤلات حول مدى قدرته على تحسين جودة التعليم في المملكة.
خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة بمجلس النواب، الذي عُقد اليوم الثلاثاء بحضور وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، سعد برادة، قال عمر أعنان، عضو الفريق الاشتراكي ـ المعارضة الاتحادية، إن مشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، افتقر إلى مقاربة مجتمعية واضحة المعالم.
وأضاف أن هذا المشروع تم إعداده دون أن يتضمن أي أثر للبعد الثقافي، مذكرا في نفس الوقت عدم وضوح القانون فيما يخص تدريس اللغات.
كما لفت إلى أن المشروع يواصل تركيز القرار في يد الوزارة، رغم الحديث عن توسيع صلاحيات الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، مشدداً على أن فريقه سيتقدم بتعديلات على المشروع بهدف تحسينه وتجويده.
وبخصوص النقاط التي اعتبرها ضرورية لإدخالها في النص القانوني، طالب أعنان بالتنصيص على مبدأ "مجانية التعليم" للمغاربة، مع ضمان "ولوج التلاميذ إلى جميع المسالك الدراسية".
كما دعا إلى توضيح المسؤوليات الاجتماعية للقطاع الخاص في العملية التعليمية، إلى جانب إنشاء "مرصد وطني لتقييم التعليم العمومي" يقدم تقريرًا دوريًا عن واقع التعليم في البلاد.
وفي السياق ذاته، عبّر رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، عن قلقه من "التحديات العميقة" التي يواجهها قطاع التعليم.
وأكد أن إصلاح التعليم ليس مجرد مسألة قصيرة المدى أو مرتبطة بفترة حكومة واحدة، بل هو مشروع طويل الأمد يتجاوز عمر الحكومة الحالية.
وشدد على أن القطاع يحتاج إلى حلول جذرية ومراجعات شاملة بعيدًا عن "الوصفات المحدودة" التي جُربت سابقًا.
ومن جهته، خاطب إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، الوزير برادة قائلاً: "أنا أخاطبك بدون خلفية سياسية، ولكن لابد أن يكون لدينا ضمير حقيقي لإصلاح أعطاب التعليم".
مشيرًا إلى أن مدارس الريادة قد "خلقت وكرست الفوارق" بشكل كبير بين الفئات الاجتماعية المختلفة، ولم تستند إلى "أي أساس قانوني"، وهو ما يعكس حالة الانقسام والتفاوت الذي يعاني منه القطاع.
وأثارت البرلمانية نادية القنصوري عن المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، أثارت قضية "المحيط الخارجي للمؤسسات التعليمية"، مشيرة إلى أن هذا المحيط يعرض الأطفال إلى "شتى أنواع الانحرافات".
وتساءلت عن المجهودات التي تقوم بها الوزارة لحماية الأطفال وضمان سلامة محيط المؤسسات التعليمية، مطالبة بتدابير أكثر فعالية للتصدي لهذه الظواهر.
أما النائبة نعيمة الفتحاوي عن الحزب نفسه، فقد تناولت قضية الهدر المدرسي، مشيرة إلى أن هناك "هروبًا جماعيًا من المدرسة العمومية إلى التعليم الخصوصي".
وأكدت أن هذا الانتقال ليس بسبب رغبة أولياء الأمور في التعليم الخصوصي، بل بسبب "إكراهات" تتعلق بتراجع مستوى التعليم العمومي من سنة لأخرى، مما أدى إلى ارتفاع نسبة الهدر المدرسي.
وتعد هذه النقاشات والتفاعلات في مجلس النواب تجسيدًا حقيقيًا للتحديات التي يواجهها قطاع التعليم بالمغرب.
فبين مطالب المعارضة بتعديل وتجويد مشروع القانون، وبين دعوات لتغيير الجوهر الفعلي للإصلاحات، يبقى السؤال: هل ستتمكن الحكومة من تجاوز هذه النواقص والثغرات، وتحقيق نقلة نوعية في جودة التعليم؟