سيدي مومن تغيب عن أجندة جهة البيضاء-سطات.. واتهامات للمنتخبين بـ"تجاهل الساكنة"

الكاتب : انس شريد

10 يوليو 2025 - 08:30
الخط :

لا يزال إقصاء مقاطعة سيدي مومن من أجندة مجلس جهة الدار البيضاء سطات، يثير موجة غضب أوساط الفعاليات الحقوقية والمدنية والسياسية بالمنطقة، التي عبّرت عن استنكارها لما وصفته بسياسة التهميش الممنهج والإقصاء المتكرر في حق ساكنة تعاني أصلاً من اختلالات تنموية مزمنة.

واعتبر عدد من المتتبعين للشأن المحلي أن هذا الاستبعاد، خاصة من أجندة الدورة الأخيرة للمجلس يعكس بشكل واضح استمرار العقلية الانتقائية في توزيع المشاريع الكبرى التي تُطلقها الجهة، رغم الشعارات المرفوعة بخصوص العدالة المجالية وتكافؤ الفرص بين مختلف تراب المدينة.

ورأت العديد من الأصوات المحلية في هذا القرار استمراراً لما وصفته بالإجحاف غير المبرر تجاه منطقة سيدي مومن، التي ظلت لعقود خارج دوائر الاهتمام الحقيقي، رغم موقعها الجغرافي الهام وكثافتها السكانية العالية.

ورغم تعاقب المجالس المنتخبة، لم تشهد المقاطعة تحولات نوعية تذكر، وهو ما كرّس حالة من التراجع في مؤشرات التنمية، وفاقم من حدة الفوارق بينها وبين باقي المقاطعات، خاصة تلك التي تستفيد بانتظام من مشاريع مهيكلة وبرامج تنموية ذات أثر مباشر على حياة المواطنين.

وذهب البعض إلى حد اعتبار أن صمت المنتخبين على المقاطعة وعدم توجيه مطالب الساكنة إلى عمدة الدار البيضاء نبيلة الرميلي وإلى رئيس جهة الدار البيضاء-سطات عبد اللطيف معزوز، خيانة سياسية وأخلاقية لمطالب وتطلعات سكان أوصلوهم إلى مناصب المسؤولية أملاً في تحسين أوضاعهم، وهو ما لم يتحقق بعد سنوات من الانتظار.

في الميدان، تنطق تفاصيل الحياة اليومية في سيدي مومن بحجم الهوة القائمة بين الخطابات الرسمية والواقع الملموس.

فالزائر للمنطقة لا يحتاج إلى تقارير تقنية أو دراسات ميدانية ليتبين حجم الخلل.

وتعاني الشوارع من التآكل، الأزقة مثقوبة بالحفر، والإنارة العمومية ضعيفة أو منعدمة في العديد من الأحياء.

ولم تعد مشاهد الدواب وهي تتجول بين الأزقة، تثير الاستغراب، بقدر ما تحولت إلى جزء من المشهد اليومي، في تناقض صارخ مع الشعارات التي تُرفع حول مدينة ذكية وعصرية.

كما أن غياب المساحات الخضراء يدفع بالأسر إلى افتراش أرصفة الشوارع والمدارات الطرقية لقضاء لحظات استراحة أو لعب الأطفال، في وضع يشكل تهديداً مباشراً على السلامة، ويُبرز في الآن ذاته غياب تصور حضري منصف لمقاطعة تحتضن شريحة واسعة من الطبقة الكادحة.

وبالرغم من المساحة الكبيرة التي تغطيها سيدي مومن، إلا أن البنية التحتية تظل ضعيفة، والخدمات العمومية دون المستوى، ما يؤشر إلى فشل مزمن في مواكبة حاجيات ساكنة تنمو ديمغرافياً بشكل مستمر.

ورصد تقرير سابق لرابطة جمعيات سيدي مومن مظاهر عديدة من التهميش الذي تعانيه المنطقة، مسلطاً الضوء على ضعف البنية التحتية، تراجع جودة الخدمات الصحية، محدودية المرافق الثقافية والرياضية، وتفاقم البطالة، خاصة في صفوف الشباب وحاملي الشهادات.

وأشار التقرير إلى اتساع دائرة الاقتصاد غير المهيكل، وغياب فرص التكوين المهني الفعال، إلى جانب ضعف إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة وغياب العدالة في الولوج إلى مناصب الشغل العمومي.

في ميدان النقل، ما تزال سيدي مومن تعاني من ضعف كبير في ربطها بالمراكز الصناعية والجامعية، حيث تسجل خصاصاً واضحاً في وسائل النقل العمومي، خاصة في فترات الذروة، ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلبة والعمال.

كما أن غياب رؤية تشاركية في إعداد البرامج والمشاريع جعل الساكنة في موقع المتلقي السلبي، بدل أن تكون طرفاً فاعلاً في رسم مستقبل منطقتها والمساهمة في تنميتها.

أمام هذا الوضع، دعت رابطة جمعيات سيدي مومن، في تقريرها، إلى ضرورة إشراك السكان في مختلف مراحل بلورة المشاريع العمومية، من التخطيط إلى التقييم، مع التأكيد على أهمية تنسيق الجهود بين الجماعة الترابية، القطاعات الوزارية، والمجتمع المدني لضمان تنفيذ مشاريع ذات أثر ملموس على الحياة اليومية للمواطنين.

واعتبرت أن التشخيص التشاركي المجالي الذي أنجزته، يمثل خارطة طريق واقعية لتنمية منصفة، ويترجم إرادة قوية لدى الساكنة في أن تكون شريكاً فعلياً في صناعة القرار المحلي.

الرابطة أعلنت عزمها مواصلة الترافع بشأن خلاصات هذا التشخيص، بالتعاون مع شركائها، من أجل ضمان تفعيل نتائجه وتحويلها إلى إجراءات عملية على الأرض، قادرة على استعادة الثقة في المؤسسات، ورد الاعتبار لساكنة لطالما ظلت مهمّشة في خطاب التنمية، رغم ما تختزنه من طاقات بشرية كبيرة وإمكانات مجالية واعدة.

وبينما تتسارع وتيرة الاستعدادات الوطنية لاستحقاقات كبرى، على رأسها كأس العالم 2030،يظل أمل ساكنة سيدي مومن معلقاً على صحوة ضمير قد تُعيد الاعتبار لمنطقة تبحث عن موقع مستحق داخل مدينة ترفع شعار التنمية والحداثة.

آخر الأخبار