عاريف: لا خطر في استهلاك الدلاح.. والمراقبة تشمل مراحل الإنتاج والتوزيع

الكاتب : انس شريد

10 يوليو 2025 - 10:00
الخط :

مع حلول كل موسم صيفي، تعود إلى الواجهة التساؤلات الحادة حول سلامة فاكهة البطيخ الأحمر، أو ما يُعرف محليًا بـ"الدلاح"، في ظل انتشار أخبار عن حالات تسمم غذائي يُعتقد أنها ناتجة عن استهلاك هذه الفاكهة، خصوصًا في بعض المناطق الداخلية.

ويثير هذا الجدل المتجدد مخاوف مشروعة لدى المستهلكين، كما يفتح الباب أمام مساءلة أجهزة المراقبة الصحية ومدى نجاعة آليات التتبع واليقظة التي تعتمدها لضمان جودة وسلامة المنتوجات الفلاحية عالية الاستهلاك خلال فصل الصيف.

في هذا السياق، أكد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) أنه يُواصل بشكل دائم ومكثف عمليات المراقبة الخاصة بجودة وسلامة البطيخ الأحمر، مشددًا على أن الفاكهة المعروضة في الأسواق تخضع لتتبع صارم، سواء على مستوى الضيعات الفلاحية أو مراحل التخزين والنقل والتوزيع.

وأوضحت خديجة عاريف، رئيسة قسم مراقبة المنتجات النباتية وذات الأصل النباتي بـ"أونسا"، في مقطع فيديو تم نشره عبر الصفحة الرسمية للمكتب أن مصالح المكتب تعتمد برنامجا وطنيا منتظمًا لمراقبة سلامة الفواكه والخضر، يتم خلاله أخذ عينات من جميع جهات المملكة وإخضاعها لتحاليل مخبرية دقيقة للتحقق من خلوها من المبيدات المحظورة أو المواد الكيماوية غير المصرح بها.

وأشارت المسؤولة نفسها إلى أن المكتب أخذ السنة الماضية أكثر من 5700 عينة من الخضر والفواكه والنباتات العطرية، من ضمنها 850 عينة من البطيخ الأحمر، مبرزة أن هذا العدد مرشح للارتفاع خلال هذا العام حيث ستتجاوز 6 آلاف، في إطار حرص "أونسا" على رفع وتيرة المراقبة وتعزيز الثقة لدى المستهلك.

وأضافت أن أي منتوج لا يحترم المعايير الصحية يتم سحبه فورًا من السوق، مع تحرير محاضر مخالفات ضد المتورطين وإتلاف المحصول غير المطابق.

وشددت خديجة عاريف على أن البطيخ الأحمر السليم يمكن استهلاكه بكل طمأنينة، شريطة اقتنائه من مصادر موثوقة والالتزام بشروط النظافة والتبريد عند الاستهلاك، مذكرة بضرورة إدخال الفاكهة المقطعة إلى الثلاجة فورًا واستهلاكها في غضون ثلاثة إلى أربعة أيام، لتفادي نمو البكتيريا الضارة التي قد تنتج عن سوء الحفظ، وليس بالضرورة عن أصل المنتوج.

في المقابل، تتداول وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام أخبارًا عن وقوع تسممات غذائية نُسبت إلى استهلاك البطيخ الأحمر، دون وجود تقارير رسمية تثبت الرابط المباشر بين الفاكهة وتلك الحالات.

وأمام تصاعد الجدل، خرجت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، بمراسلة كتابية إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، تسائل فيها الحكومة حول ما وصفته بـ"الغياب المقلق للتوضيحات الرسمية بشأن حالات التسمم المسجلة في عدد من المناطق"، خاصة في إقليمي آسفي وتارودانت ومدينة المحمدية، التي سجلت بها حالات متفاوتة من التسمم الغذائي، بعضها في صفوف الأطفال، ما استدعى نقل المصابين إلى المستشفيات لتلقي العلاجات الضرورية.

وطالبت البرلمانية بالكشف عن نتائج التحقيقات، إن وجدت، حول مصدر الفواكه المشتبه بها، وعن نوعية المواد المستعملة في الزراعة أو التخزين، ومدى مطابقتها للضوابط المعمول بها.

كما دعت إلى تقوية آليات المراقبة في الأسواق العشوائية التي تفتقر في كثير من الأحيان إلى شروط النظافة والتخزين السليم، ما قد يُساهم في تعريض المنتوجات للتلوث أو التحلل السريع بفعل الحرارة وغياب التبريد.

وتأتي هذه الدعوة البرلمانية في وقت يعرف فيه استهلاك البطيخ الأحمر ارتفاعًا ملحوظًا، بالنظر إلى إقبال الأسر المغربية عليه كوسيلة للترطيب والانتعاش خلال أيام الصيف الحارة، وهو ما يجعل مسألة السلامة الغذائية لهذا المنتوج أولوية قصوى.

كما أن تزايد حدة الأخبار الرائجة حول خطورة الفاكهة وتسببها المفترض في التسممات قد يؤدي إلى تراجع الثقة في السوق، مما ينعكس سلبًا على الفلاحين والتجار، ويُهدد أحد أهم المنتوجات الفلاحية الموسمية بالمغرب.

وبين تأكيدات المكتب الوطني للسلامة الصحية، وتخوفات جزء من الرأي العام، تبقى الحاجة ملحة إلى تواصل مؤسساتي فعّال وشفاف من طرف الجهات المعنية، يُواكب الشائعات المتداولة ويفندها بالمعطيات العلمية الدقيقة، بدل الاكتفاء بردود تقنية غير كافية لطمأنة المواطن العادي.

كما أن التنسيق بين مختلف المتدخلين في سلاسل إنتاج وتوزيع وتسويق البطيخ الأحمر، من فلاحين وتجار ومراقبين، يظل ضروريا لتأمين منتوج صحي وسليم من جهة، وضمان ثقة المستهلك في السوق المحلية من جهة ثانية.

وفي ظل غياب بلاغات رسمية تحسم في أصل بعض الحالات المسجلة، ستبقى علامات الاستفهام قائمة إلى حين صدور تقارير شفافة ومفصلة، سواء من وزارة الفلاحة أو وزارة الصحة، لتحديد المسؤوليات بوضوح، والتمييز بين التسمم الناتج عن أصل المنتوج، وذلك الناتج عن ظروف التخزين والنقل والتعرض لأشعة الشمس، أو عن سوء التعامل المنزلي مع الفاكهة بعد اقتنائها.

آخر الأخبار