وجه القرار الأخير للمحكمة الدستورية صفعة قوية لمجلس المستشارين الذي يترأسه البامي حكيم بنشماش، وصرحت المحكمة بأن النظام الداخلي لمجلس المستشارين المعروض على نظر المحكمة الدستورية، يتعذر البت في مطابقته للدستور على الحال.
وقد جاء هذا القرار بعد الاطلاع على باقي الوثائق المدرجة في الملف
الذي يبين من الإطلاع على الأعمال التحضيرية للمواد المُحالة، من النظام الداخلي لمجلس المستشارين، على المحكمة الدستورية، أن المجلس المذكور:
- أدخل تعديلات على المواد المصرح بعدم دستوريتها، مع حذف المواد 176 و215 و272، وبملائمة 48 مادة لما هو مضمن بقرار المحكمة الدستورية،
- عدَّل 15 مادة (20 و26 و32 و34 و37 و54 و55 و59 و64 و 68 و199 و201 و205 و220 و271) من المواد التي سبق للمحكمة الدستورية أن أبدت ملاحظات بشأنها، باستثناء ست مواد (49 و50 و62 و122 و144 و351) منها، لم يتم بيان مآلها؛
واوضح القرار ان عرض مشروع النظام الداخلي من جديد على مجلس المستشارين، إثر تصريح المحكمة الدستورية بعدم مطابقة بعض مقتضياته للدستور، تمليه ضرورة الامتثال لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 134 من الدستور، التي تنص على أن قرارات المحكمة الدستورية "تلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية"، مما يقتضي من المجلس المذكور ملاءمة المقتضيات المصرح بعدم دستوريتها مع قرار المحكمة الدستورية في الموضوع، مع مراعاة أن نص مشروع النظام الداخلي يتعين التصويت عليه في الجلسة العامة برمته؛
كما ان الفقرة الأولى من الفصل 69 من الدستور، نصت على أنه "يضع كل من المجلسين نظامه الداخلي ويقره بالتصويت..."؛ والمادتين 275 (الفقرة الأخيرة) و198 (الفقرة الأخيرة) من النظام الداخلي لمجلس المستشارين تنصان بالتتابع، على أنه "تودع مقترحات تعديل النظام الداخلي بمكتب المجلس، وتحال على اللجنة المختصة، وتدرس ويصوت عليها، وفق المسطرة التشريعية المنصوص عليها في هذا النظام الداخلي"، وأنه "أثناء عملية التصويت، تتم المناقشة والتصويت على التعديلات المتعلقة بكل مادة إلى حين التصويت على النص برمته"؛
و يتبين من الرجوع إلى محضر الجلسة العامة لمجلس المستشارين، رقم 239، المنعقدة بتاريخ 02 أغسطس 2019، أن المجلس صوت بالإجماع على المواد المحالة، وبالصيغة ذاتها صوت على حذف المواد 176 و 215 و 272، وأن ست مواد (49 و50 و62 و122 و144 و351) من مجموع المواد التي سبق للمحكمة أن اشترطت دستوريتها وفق تأويلات تحفظية لم يتم بيان مآلها، وأن النص لم يتم التصويت عليه برمته؛
كما مجلس المستشارين، لم يصوت على نظامه الداخلي برمته، وإنما على التعديلات التي أدخلها لملاءمة بعض مواده مع قرار المحكمة الدستورية، وكأن الأمر يتعلق بنظام داخلي سار، والحال أن مسطرة وضع النظام الداخلي قد أعيدت من جديد ترتيبا لأثر قرار المحكمة الدستورية، مما لا يمكن معه التمسك بأثر التصويت السابق على المواد المصرح بمطابقتها للدستور.