بعد فضيحة ضعف مهارات تلاميذ المغرب في القراءة والعلوم..مسؤول تربوي يخرج عن صمته

الكاتب : الجريدة24

19 ديسمبر 2019 - 08:00
الخط :

أكد مدير المركز الوطني للتقويم والامتحانات والتوجيه بوزارة التربية الوطنية، محمد الساسي، أن مشاركة المغرب في البرنامج الدولي لتقويم التلاميذ "بيزا"، تروم توفير مداخل ومرتكزات لإجراءات تعزيز قدرات التلميذ في مجال تعبئة المكتسبات الدراسية لمعجالة وحل المشكلات الحياتية، وذلك بتطوير أهداف ومحددات الممارسة التدريسية والتقويمية لتتجاوز حدود مضامين البرامج الدراسية إلى تحضير التلاميذ اليافعين للانخراط في الحياة بأقصى احتمالات النجاح.

وأوضح الساسي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المشاركة في اختبارات (بيزا)، تمكن التلميذ المغربي من التعاطي مع وضعيات اختبارية غير معتادة في الفصل الدراسي المغربي، تتجاوز حدود استرداد المعارف والإعمال المعتاد للمهارات إلى مواجهة وضعيات مركبة، تتطلب تعبئة المكتسبات في مجالات القراءة والرياضيات والعلوم على نحو مندمج لحل مشكلات عملية، تنمي القدرة على البحث وعلى التواصل.

وهكذا، يعتبر المسؤول، فمن شأن رصد أداء التلميذ المغربي من جانب "ما يعرفه" و"ما يستطيع فعله بما يعرفه" ومقارنته بأداء أقرانه من التلاميذ على المستوى الدولي مع تحديد الفروق والمتغيرات المفسرة لتلك الفروق، أن يوفر مداخل حقيقية وبلورة إجراءات تمكن من تحسين أداء التلميذ المغربي بالنظر إلى أهداف التربية والتعليم من منظور (بيزا).

وفي معرض الحديث عن الأهداف الأساسية للمشاركة في برنامج (بيزا)، أكد  الساسي أيضا أن مشاركة المغرب في هذا التقويم الدولي، الذي تشارك فيه أعتى الأنظمة التربوية والأكثر تطورا على صعيد العالم من حيث القدرة على إعداد التلاميذ اليافعين (15 سنة) للانخراط في الحياة العملية والحياة بصفة عامة، أنه لم تكن لدى المغرب انتظارات أو رهانات بخصوص الترتيب بين الدول المشاركة، خصوصا وأن الأمر يتعلق بأول مشاركة في الدراسة، حيث يعد المغرب البلد الإفريقي الوحيد و سادس بلد عربي يشارك في هذه الدورة .

وأشار إلى أن الهدف الأساسي من المشاركة تمثل في إتمام صورة أداء المنظومة على مستوى الأسلاك التعليمية الثلاثة بعد أن كان محصورا في السلكين الابتدائي والإعدادي بمعطيات ونتائج الدراسة الدولية للتوجهات في الرياضيات والعلوم (TIMSS) والدراسة الدولية لقياس مدى تقدم القراءة (PIRLS)، وذلك عبر رصد أداء التلاميذ المغاربة بنهاية السلك الإعدادي وبداية السلك التأهيلي بالنظر إلى مطالب التقويم لبرنامج (بيزا) ومقارنة ذلك الأداء بمتوسط الأداء الدولي وأداء الدول المشاركة، للوقوف على الفروق وعلى محدداتها، في اتجاه بلورة فرضيات قوية للخطط التدخلية، من أجل تحسين الأداء الوطني بالسلك التأهيلي، وذلك في ظل الإصلاح الشامل والحاسم لمنظومة التربية والتكوين الوطنية.

وبعد أن أبرز أن الدراسة، باعتبار طابعها الدوري، ستمكن من رصد أثر الإجراءات المتخذة ونجاعة التدخلات التصحيحية يشكل دوري، استعرض السيد الساسي مشاركة المغرب في عدد من الدراسات الدولية لتقويم أداء التلاميذ، باعتبارها خيارا استراتيجيا لتمكين أداء المنظومة الوطنية من مواكبة المستجدات على الصعيد الدولي،

وتطرق في هذا الصدد، إلى مشاركة المغرب في الدورات الست للدراسة الدولية للتوجهات في الرياضيات والعلوم وذلك منذ 1999، وهي دراسة تستهدف أداء تلاميذ مستويي الرابع ابتدائي والثامن إعدادي في مجالي الرياضيات والعلوم، وكذا الدراسة الدولية الخاصة بكفايات القراءة لدى تلاميذ المستوى الرابع ابتدائي التي شارك المغرب في دوراتها الخمس منذ 2001.

وذكر أن خيار المشاركة في الدراسات الدولية، التي تعتمد مناهج افتراضية نموذجية بالنسبة لفئات التلاميذ المعنية بها، يعد خيارا أساسيا لجعل التقويم آلية لتحسين المردود التربوي الوطني، باستحضار التطورات الحاصلة على المستوى الدولي.

وسجل، من جانب آخر، أن تأخر مشاركة المغرب في البرنامج الدولي (بيزا)، الذي يعنى بالفئة العمرية 15 سنة، بغض النظر عن المستوى الدراسي، يرجع للكلفة العالية من حيث الجهد والزمن لإنجاز مثل هذا النوع من الدراسات، موضحا أن القدرات التدبيرية في مجال التقويم والخبرة الوطنية في تدبير عمليات من هذا الحجم باعتماد مقاييس دولية صارمة لم تكن كافية للمشاركة في (بيزا) إلى جانب الدراسات الأخرى.

غير أنه أصبح من الملزم، يستطرد الساسي، باعتبار ضرورات الإصلاح الجاري لمنظومة التربية والتكوين الوطنية وبعد مراكمة ما يكفي من الخبرة في هذا المجال، التعاطي مع تمرين (بيزا) باعتبار أهمية منظوره المتطور للوظائف التي يجب أن تضطلع بها المدرسة الجديدة، بالنسبة لمحطة حاسمة في مسار فئة المتعلمين اليافعين المقبلين على الانخراط في الحياة العملية.

وفي سياق حديثه عن بناء القدرات الوطنية في مجال قيادة الدراسات التقويمية من حجم (بيزا)، أشار الساسي إلى أن من أهم ما ميز أول مشاركة للمغرب في هذه الدراسة هو رفعه لتحدي الاعتماد الكلي على الوسائط الإلكترونية في إنجاز جميع محطاتها.

وفي أفق دورة 2021، أبرز الساسي أنه يتم العمل على تعميق تحليل نتائج هذه الدورة وتوسيع مجاله ليشمل مجالات لم يشملها التقرير الدولي مع إغناء النقاش البناء والهادف حول تلك النتائج ووضع برامج تدخلية للتأثير على بعض المتغيرات المحددة ذات الأولوية وخصوصا منها الممارسة التدريسية والممارسة التقويمية على صعيد فصول الدراسية وبرامج التكوين المستمر للمدرسين وكذا مناخ التعلم بالمؤسسات التعليمية، مع رصد الأثر المحتمل لكل ذلك على أداء التلاميذ.

يشار إلى أن حجم العينة الوطنية التي شاركت في الدراسة الدولية (بيزا) برسم دورة 2018، بلغ 6814 تلميذا وتلميذة ينتمون إلى 179 مؤسسة بالسلكين الثانوي الإعدادي والثانوي التأهيلي، موزعين على الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين. وضمت عينة المدرسين والمدرسات المشاركين في هذه الدراسة 3470 مدرسا ومدرسة.

ويعنى برنامج "بيزا"، الذي تشرف على تنظيمه منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية كل ثلاث سنوات، بتقويم أداء المنظومات التربوية على المستوى الدولي من خلال رصد أداء تلاميذ الفئة العمرية 15 سنة في مجالات ثلاثة، هي القراءة والرياضيات والعلوم، وذلك بغض النظر عن السلك أو المستوى الدراسي أو المسار التكويني الذي يسايرون به دراستهم أو تكوينهم.

آخر الأخبار