"الطفل المبادر".. قارئ صغير يطل على كلميم ويطالع كتابا على مرأى الزوار والعابرين

الكاتب : الجريدة24

06 يناير 2020 - 08:00
الخط :

في قلب مدينة كلميم، بشارع رئيسي تنزل فيه المدينة بكامل ثقلها على "الإنسان"، حيث يلتقي الجميع بالجميع، مارة ومتاجر ومقاه وسيارات وقططا وسياح أجانب بحقائب ظهر ضخمة جاؤوا يستدفئون بشمس الجنوب من برد الشتاء، يضع طفل صغير رجلا على رجل، غير عابئ بالجميع، مستغرقا في كتاب، محاطا بالفراشات وزرقة السماء، لا شيء من دوامة الحياة التي تدور "أسفل" منه تلهيه عن القراءة. إنه "الطفل المبادر" الذي بات يطل على المدينة من على جدارية ضخمة تروم تشجيع القراءة بين أهلها، أشرفت جمعية مبادرة القراءة للجميع بكلميم على إنجازها.

أيوب الداودي، وهو رئيس جمعية مبادرة القراءة للجميع بكلميم ومدير مهرجان واد نون للقراءة والإبداع، يقول إن البحث عن شكل فني يدعم تشجيع القراءة بالمدينة كان من أبرز خلاصات مهرجان واد نون للقراءة والإبداع، الذي نظم في نسخته التأسيسية خلال دجنبر من العام الماضي بكلميم، وسلط الضوء على "الكتابة السردية في المغرب عند الشباب"

ويعتبر الداودي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن جدارية "الطفل المبادر" كانت من مخرجات هذا المهرجان الذي احتفى بالقراءة. "فبعد نقاشات مختلف المشاركين في إطار الفعاليات التي عرفها مهرجان القراءة والإبداع، كامتداد للنقاشات داخل الجمعية (مبادرة القراءة للجميع)، رست الآراء على فكرة استثمار فن الجداريات في إشاعة روح العلم والمعرفة وقراءة الكتب بالمدينة".

"وهذه اللوحة"، يقول الداودي مشيرا إلى الجدارية التي كتب في جانبها وسم "مبادرة القراءة للجميع"، "هي ثمرة هذه النقاشات وقد اخترنا لها اسم +الطفل المبادر+ ونأمل أن تحمل رسالة تشجيع على القراءة لساكنة المدينة".

وتتيح الجداريات، باعتبارها أشكال تعبيرية باتت تعرف زخما ملحوظا في المغرب، فسح مساحة للنظر والتأمل والتفكير بقضايا مختلفة من خلال رسومات مبدعة.

ويقول الداودي "لقيت جدارية الطفل المبادر منذ أول ريشة مرت على الحائط تفاعلا واسعا وتنويها ونالت إعجاب كثير من سكان المدينة ومن خارجها أيضا"، معتبرا أن "هذا التفاعل ينم عن تعطش لفن من هذا النوع بالمنطقة.

يؤكد أحمد سيدي الغازي، العضو بجمعية مبادرة للقراءة للجميع بكلميم، أن الفكرة هي جعل الإبداع في خدمة القراءة والقراءة في خدمة الإبداع، "من أجل مدينة تقرأ ومن أجل دعم القراءة والمعرفة في المجتمع".

ولم يكن إنجاز هذا العمل بلا إكراهات. وفي هذا السياق، يقول سيدي الغازي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، "ارتبطت الإكراهات بشكل أساسي بصعوبة إيجاد "جدار" للجدارية! فلا تزال فكرة الجداريات غير مألوفة لدى الكثيرين"، موضحا أن "الجمعية دافعت رغم ذلك على الفكرة، وبعد عمل دؤوب وجهد تواصلي تطوع أحد الساكنة واحتضن الفكرة، ووافق مشكورا على رسمها على جدار المبنى الذي يملكه".

وتطلب إنجاز جدارية "الطفل المبادر" حوالي أسبوعين اشتغل خلالهما عثمان أومبا، وهو رسام شاب يشق طريقه بثبات في رسم الجداريات، بتصميم وتفان على تحويل الفكرة من تصور إلى جدارية فعلية تذكر العابرين برقي فعل القراءة.

ويقول أومبا، في تصريح للوكالة، "كانت هناك مجموعة من الأفكار التي اقترحها شباب الجمعية لجدارية تشجع الناس على القراءة"، موضحا "حاولنا بعد نقاشات طويلة أن تكون الفكرة بسيطة: طفل صغير يقرأ !".

وكذلك كان، طفل صغير يقرأ أطل على المدينة من رحم فكرة وغيرة شباب على "طقس مقدس" صار مهجورا.

آخر الأخبار