"مي يامنة"..قصة مسنة بأكادير تعيش بين الفئران !

الكاتب : الجريدة24

14 فبراير 2020 - 03:30
الخط :

أمينة المستاري

"مي يامنة"...مأساة أخرى خرجت حكايتها إلى العلن، بعد أن ظلت في زاوية مظلمة لسنوات عديدة، وعرت واقعا هشا لنساء وجدن وحيدات لا أقارب لهن أو من يسأل عنهن، إلا جيرانها الذين مدوها لسنوات بالأكل والشرب.

قصة "مي يامنة" أبكت كل من سمعها أو وقف على حالتها، فهي تعيش وحيدة بمنزلها الآيل للسقوط ببنسركاو. عاشت سنوات بين جدران متهاوية خائفة ومرعوبة من إمكانية هدم منزلها الذي يأويها، ففضلت البقاء خلف الباب وعدم السماح لأي كان بولوجه، تكتفي بأخذ ما يضعه الجيران من مأكل ومشرب على بابها لتختفي في مساحة ضيقة ، لا سقف يحميها.

حالة المنزل الصغير الذي تهدم جله، جعل الفئران تحاصرها من كل جهة و تأكل من غائطها، وشن الدود هجوماته لتتحول الرقعة الصغيرة حيث تقيم وتنام إلى جحيم للمسنة، التي رفضت الخروج رغم ذلك من منزلها خوفا من فقدانه والعيش في الشارع.

انتشر خبر مي يامنة، وانطلقت دعوات الجيران إلى الأخذ بيد السيدة والاعتناء بها صحيا ونفسيا بعد أن عاشت سنوات عصيبة، فلم يكن من المنظمة المغربية لحماية الطفولة سوى أخذ زمام المبادرة والتوجه بمعية لجنة من السلطات المعنية (القيادة والباشوية ممثلين عن الصحة والبلدية والشرطة والتعاون الوطني)والوقاية المدنية لمداهمة المنزل.

منظر تقشعر له الأبدان، سيدة مسنة بين الأزبال ومخلفات الغائط والفئران هو مشهد لن ينساه الحسين النجاري، مدير المكتب المركزي للمنظمة الذي حضر تفاصيل عملية إخلاء البيت وحمل "مي يامنة" إلى المستشفى الجهوي الحسن الثاني من أجل الاعتناء بها.

"ما يشاع حول المسنة وكونها عنيفة وترفض المساعدة والعلاج...هو أمر غير صحيح، فربما الخوف من فقدان منزلها أو تعرضها للسرقة جعلها لا تثق في أحد وترفض دخول أي كان إلى (بيتها) ولو لتقديم المساعدة، وبالعكس فبعد أن نقلناها إلى مقر المنظمة وقامت المساعدات الاجتماعيات للمنظمة بتنظيفها وأخذت حماما ساخنا أحست بالارتياح وقالت لنا وهي تبتسم : "الله يرحم الوالدين"، بل تحولت إلى امرأة أخرى تبتسم وتترنم بأهازيج بمعية أعضاء المنظمة".

"مي يامنة" حضيت بجلسة حناء خضبت خلالها يديها ورجليها بالحناء وهي فرحة بعينيها بريق وإحساس بالثقة في النفس وفي من حولها، ولم ترفض كأس الشاي والحساء، لتشارك الحسين وفريقه العشاء في جو مرح، ولم تتوقف عن السؤال عن بيتها إلا عند طمأنتها بإغلاقه إلى حين تماثلها للشفاء، حتى تعود إليه.

ما يحز في قلب النجاري أنه لحظة نقل المسنة إلى دار العجزة بأكادير في ساعة جد متأخرة من ليلة الأربعاء/ الخميس، لم تفتح الدار أبوابها ليقرر الفاعل وكانت الساعة تشير إلى حوالي الثانية ليلا، نقلها إلى مقر المنظمة لتبيث فيه وتحضى بالعناية.

يؤكد الحسين أن السيدة كانت تصرخ بشدة أثناء إخراجها من منزلها وعند نقلها أول  الأمر على متن سيارة المنظمة إلى المستشفى الجهوي، لكنها لم تمتنع عند نقلها إلى المستشفى العسكري بالدشيرة بل ركبت وهي فرحة واثقة من نية من معها، بعد إصدار زينب العدوي، المفتشة العامة لوزارة الداخلية أوامرها لنقلها إلى المستشفى العسكري، حتى تلقى العناية الصحية والنفسية.

بعض شباب حي بنسركاو أطلقوا عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة للمطالبة بتقديم مساعدات من أجل تنظيف بيت المسنة وتجهيزه حتى تتمكن من العودة إليه والعيش بين جدرانه بكرامة.

آخر الأخبار