بعد تعويم الدرهم.. القيمة الحقيقية لأجور المغاربة تنخفض مع ثبات القيمة الإسمية!

هشام رماح
قيمة الدرهم المغربي تتحرك نزولا وصعودا أما قيمة رواتب وأجور المغاربة ثابتة، تخر صرعى في تجاذبات "المتحرك والثابت" بفعل التقلب الذي فرضه تعويم عملة البلاد، وتوسيع نطاق هذا التعويم، ابتداء من 9 مارس الجاري، من 2,5 بالمائة إلى 5 بالمائة.
وفيما تدافع وزارة الاقتصاد والمالية مصحوبة بـ"بنك المغرب" على مباشرة الحكومة المغربية منذ شهر يناير 2018، لما أسمته بـ"إصلاح نظام سعر الصرف"، فإن الانعكاسات السلبية لهذا الإصلاح على رواتب الموظفين وأجور العمال وقبلهما "القفة المغربية" سقط من وارد اهتمامات منفذي تعليمات صندوق النقد الدولي "FMI".
وكان صندوق النقد الدولي أوصى الحكومة المغربية بـ"تعويم الدرهم" من أجل الحفاظ على حظوظها في الاقتراض، وبدلا من أن تكابد الحكومة لتجنب الإضرار بالقدرة الشرائية للمغاربة فضلت الحل الأقرب والأسهل وهو الانصياع لـ"تعليمات الفرنسية " كريستين لاغارد" المديرة السابقة لصندوق النقد الدولي وخليفتها البلغارية "كريستالينا جورجييفا".
وبالعودة إلى التقلبات التي تعرفها أسعار صرف الدولار بالدرهم المغربي، يتبدى أثر فداحة "تعويم الدرهم" على القدرة الشرائية للمغاربة، إذ أن قيمة الدولار الواحد تبلغ 9,51 دراهم، لكن في عمليتي شراء العملة الأمريكية أو بيعها تحدث تغيرات كبرى إذ يتم اقتناء العملة بـ10,40 دراهم وبيعها فقط بـ8,90 دراهم!
وإذ تتغير قيمة الدرهم بعد توسيع نطاق تقلباته مؤخرا، فإن من شأن التغير الذي غالبا ما يكون بالانخفاض تزامنا وضعف الصادرات المغربية نحو الخارج للحصول على العملة الصعبة، يبرز المواطن المغربي كأكثر المتضررين من هذا التعويم بما يضرب قدرته الشرائية في مقتل.
وتفيد التقديرات أن أجرا أو راتبا يقدر بـ3000 درهما، يظل محتفظا بقيمته الاسمية فقط بينما تتغير قيمته الفعلية بتغير الأسعار خاصة المتعلقة بالمواد الاستهلاكية المستوردة والتي تخضع للتقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية، بما يوسع من هامش انخفاض القيمة الفعلية في غياب بدائل اقتصادية ناجعة لتجاوز الانخفاض بحيث قدر خبراء اقتصاديون تحدثوا مع "الجريدة 24"، القيمة الفعلية للأجر أو الراتب المسمى بأقل بنحو 250 درهما، وهي القيمة التي تتغير نسبيا وفق القيمة الاسمية لكل راتب أو أجر على حدة.
وبتأثر الأجور والرواتب فإن القدرة الشرائية للمغاربة تسير بسرعة نحو المنحدر، بسبب الارتفاع المرتقب في أسعار المواد الاستهلاكية بسبب ارتفاع أسعار واردات المغرب مقابل انخفاض قيمة الدرهم، وهو الأمر الذي لم تحاول الحكومة تجنبه بعدما ركنت إلى أقرب الطرق لتدارك العجز في تحقيق توزاناتها الاقتصادية بالارتكاز فقط على جيوب المواطنين.