هل تشجع مظاهر الحياة بالأحياء العشوائية على الحجر الصحي؟

الكاتب : الجريدة24

26 مارس 2020 - 04:00
الخط :

فاس: رضا حمد الله

هل تشجع بنية وتركيبة وعمران بعض الأحياء الشعبية، على إنجاح الحجر الصحي وتأمين سلامة سكانها؟. سؤال لا يروم الجواب عنه التشكيك من نجاعة القرار الأجدر للتحكم في انتشار فيروس كورونا المستجد، طالما أن الواقع يعلو ولا يعلا عليه، خاصة في ظل وجود إكراهات تعرقل تنفيذ القرار بها.

لوحظ أثناء تنفيذ الطوارئ الصحية، اصطدام السلطات بإكراهات كثيرة في تنزيل القرار بتلك الأحياء، ليس فقط بعدم امتثال نسبة من السكان، له وتأمين ملازمتهم لمنازلهم، إنما ب"أين نؤمن سلامتهم، أفي تلك المنازل المحشوة بالعشرات منهم؟، طبعا لا، بل علينا التفكير في أماكن بعيدة حرصا على سلامتهم".

الكثير من تلك المنازل المتلاصقة في حميمية غير صحية، مسكونة بعدد كبير من الناس، وكيفية بنائها غير صحية خاصة أنها نبتت في أوقات معينة بطرق لا تخلو من عشوائية بعدما كان سكانها دوما قاعدة انتخابية يتساهل معها حتى ولو خرقت القوانين في إحداث بنايات تصلح لكل شيء، إلا للسكن الآمن.

"دوار السردينة، بيت وكوزينة" مثل متداول بين سكان حي عوينات الحجاج بفاس على سبيل المثال، ويختصر حقيقة ما يعيشه آلاف الناس في بيوت لا تتوفر فيها الشروط الصحية، امام ضيقها وتلاصقها وضيق الشوارع والأزقة وعدم كفاية النوافذ للتهوية اللازمة في بعضها، قبل الحديث عن كم يقطنها.

هذا الحي بملحقيه دواري الدريسي والهندية، يعتبر أكثر الأحياء المغاربة كثافة، بالنظر لعدد السكان الذين يقطنون به والمقدر عددهم ب240 آلاف نسمة في رقعة محدودة، ما يلخص حقيقة الاكتظاظ و"الضيق للي عايشين فيه الناس" ليس فقط في منازلهم، بل حتى لما قد يفكرون في مغادرتها للترويح عن النفس.

الأزقة في بعض المواقع لا تسع لمرور عدد محدود من الأشخاص، فبالأحرى الشاحنات والحافلات والسيارات. أما داخل بعض المنازل، فالقول "دوار السردينة، بيت وكوزينة" أفصح من كل محاولة لقراءة واقع فئة عريضة من الناس، بعضهم يتناوب في استعمال المرحاض أو النوم أحيانا.

ارتفاع عدد أفراد الأسر وضيق المجال وغياب الشروط الصحية، من المعيقات الكثيرة التي تعيق تنفيذ قرار الحجر الصحي ليس فقط بهذا الحي، بل بعدة أحياء أخرى بفاس العالمة بحقيقة ما يجري ويدور بين أرجائها، خاصة تلك الأحياء التي أنشأت في الثمانينات والتسعينات وتنتفي فيها شروط الحياة والسلامة.

التركيبة العمرانية للأحياء الشعبية والعشوائية وزد عليها دور الصفيح، لا تسمح بالحجر الصحي، وربما قد تكون سببا وراء عدم امتثال بعض شبابها للقرار واستمرار في السير والجولان و"التسركيل" في أزقتها مغامرين بحياتهم وسلامتهم وسلامة أفراد أسرهم كثيرة العدد وقليلة الدخل والمدخول.

لذلك على الدولة أن تفكر مليا في بديل لحجر هؤلاء خاصة بالنسبة للأسر كثيرة العدد القاطنة في رقعة محدودة جدا، فيما يبقى اقتراح إيوائهم في بدائل لمنازلهم، أقرب وأهم حفاظا على سلامتهم وسلامة المجتمع خاصة أن إمكانيات غالبيتهم لا تسمح بغير البقاء في تلك المساكن التي تبقى قبورا في دنياهم.

آخر الأخبار