لماذا غاب الفاعل الديني في زمن كورونا؟

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

16 أبريل 2020 - 04:00
الخط :

أظهرت جائحة كورونا غياب دور الفاعل الديني في مختلف المجتمعات وبعض الأحيان يكون لهذا الفاعل دور معاكس للسياسات وقرارات السلطات العمومية، مما يشوش على قناعات الناس وانضباطهم لقرار الطوارئ الصحية أو الحجر الصحي والمنزلي٠
وفي هذا السياق، أكد أحمد البوكيلي، أستاذ الفكر الإسلامي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط، أن الكثير من قيادات وزعماء دينيين لم يتعاملوا بعقلانية مع جائحة كورونا ومع مختلف التوجيهات العلمية والصحية.

وشدد المتحدث للجريدة24، على أن طريقة تعامل قيادات بعض الديانات مع الوباء يعكس ازمة في الخطاب الديني، لاسيما بعدما لاحظنا رفض التيارات المتطرفة الإسرائيلية القبول بالأمر الواقع، وخروج مسيرات في المغرب تعلن رفض حالة الطوارئ الصحية، واحتجاج بعض الناس ومواجهتهم لكل القيم الصحية والتوجيهات العلمية للمحافظة على صحة المجتمعات وايضا ظهور رجال دين مسيحيين يعودون ويباركون رئيس الدولة الأمريكية على أساس أن وباء كورونا ليس غضبا من الرب وإنما جزء من التداعيات السلبية للطبيعة، يقول البوكيلي.
وأضاف المتحدث ذاته، أن رفض مشايخ ينتمون للعقيدة السلفية بالمغرب ويدافعون عن الفهم السلفي للدين، ويرفضون أيضا قرار الإغلاق المؤقت للمساجد وخروج بعض الشباب في بعض المدن في مسيرات رافضة لحالة الطوارئ الصحية التي فرضتها السلطات، تفرض ضرورة تجديد الخطاب الديني من خلال إعادة الاعتبار لموقع فلاسفة الدين والمثقفين المتنورين لمواجهة الخرافة والتمثلات الدينية الخاطئة الغارقة في الأساطير والطقوس الشعبية للدين.

ولفت أستاذ الفكر الاسلامي إلى أن الحضور الديني لم يستثمر اللحظة من الزاوية الروحية وإدخال الأمان النفسي، وتوعية الناس بكون جائحة كورونا ابتلاء ورسالة محبة من الله تدعو البشرية إلى إعادة اكتشاف قيم التضامن والتحرر من النماذج المغلقة التي صنعتها لسنوات وأوصلتنا للفردانية ولتضخم النزعة الاستهلاكية والأنانية المفرطة.
واعتبر أحمد البوكيلي أن جائحة كورونا أكدت أننا لا نتوفر على خطاب ديني واحد، بل خطابات دينية متعددة ومتنوعة تتحدث باسم الله، وخصوصا في زمن الانفتاح الإعلامي على العالم.

ونبّه المتحدث إلى أن البشرية أصبحت بحاجة ماسة إلى الخطاب الروحي الذي يهدأ من الضغط النفسي ويبعث الطمأنينة في الناس ويصحح صورة الأديان ووظيفتها الإنسانية والروحية.

لكن البوكيلي اعتبر أنه بالرغم من الاشكالات في الخطاب الديني بمختلف المجتمعات، إلا أن المغرب كان سباقا للوعي بقيمة التأطير الديني، بعد تعليمات ملكية سامية نبهت لضرورة إشاعة الثقافة الايجابية للتغلب والانتصار في هذه المعركة، على أساس خروج المجتمع في مرحلة ما بعد كورونا خروجا متزنا من الناحية النفسية، ولعل ظهور كبار العلماء في القنوات الرسمية يدل على مركزية الخطاب الديني المعتدل في التأطير لضمان الأمن الروحي للمغاربة.

آخر الأخبار