العالقون بين المدن يعيشون مأساة اجتماعية

أمينة المستاري
بعد أن وجد العديد من أرباب الأسر ومعيلي عائلاتهم أنفسهم عالقين بعيدا عن أسرهم، واضطرت حالة الطوارئ بعضهم إلى حزم قيبتهم وبدأ مشوار الكيلومترات، بعبور الغابات والدواوير خوفا من إيقافهم من طرف عناصر الأمن أو الدرك الملكي لخرقهم قانون الطوارئ.
هي إحدى المعضلات التي طرحتها حالة الطوارئ والتي لم تكن متوقعة، بعد أن علق البعض بعيدا عن أسرهم، كحالة أب يتحدر من إيمنتانوت، صادفه الفاعل الجمعوي رضا الطاوجني أثناء توجهه إلى أحد الدواوير بطريق أمسكروض، وحكى قصته التي أخرجته من مدينة طاطا وغامر بحياته بين الغابات لمحاولة الوصول إلى بيته حيث ترك والديه المعاقين وأبنائه أحدهم يعاني إعاقة، بعد أن توجه إلى طاطا للعمل في قطاع البناء منذ قرابة شهر، لكن حلول الجائحة أوقفت الأشغال، وعوضا عن ادخار بعض المال يعود إلى منزله دون تحقيق هدفه.
قطع محمد 8 أيام مشيا على الأقدام، يحمل أمتعته على ظهره ويسير الكيلومترات، حتى تأثرت قدماه بسبب انتعاله "صندال" صيفي، يتوقف منحين لآخر لأخذ قسط من الراحة ليستكمل رحلته المضنية التي شابها من حين لآخر لخطر الفتك به من طرف الخنازير، أو ضحية مواجهات بين الساكنة والرحل كما وقع لمحمد حيث كاد يتعرض للهجوم ظنا من أحد أفراد الساكنة أنه من الرحل...
توفيق وياسين حالتان صادفهما الفاعل الجمعوي، غادرا هوارة حيث يعملان في ضيعات فلاحية في اتجاه دمنات وبرشيد، مشيا على الأقدام بعد أن توقفت حركة السير بين المدن، واختارا سلك طريق طويل شاق في جو رمضاني، يقطعان الغابات أحيانا حتى لا يتم توقيفهما لعدم توفرهما على رخصة استثنائية للتنقل خاصة بين المدن.
العالقون داخل المدن أصبحوا يشكلون معضلة ومأساة إنسانية، فلم يعد الشخص يفكر في عواقب تحركه وتنقله بل فقط الوصول إلى بيته أو مدينته، بعد أن فوجئ بقرار حالة الطوارئ بعيدا عن أهله، فاختار المشي على الأقدام أو الدراجات الهوائية وقطع مئات الكيلومترات.
قصص كثيرة دفعت أصحابها إلى خوض غمار المجهول وسلك الغابات معرضة نفسها للخطر، خاصة وقد تم تمديد الطوارئ...وتتطلب حلولا استعجالية للحالات التي تعج بها الطرق والمسالك الثانوية.