الدراسة الكاملة للحليمي التي تنبأ فيها بإصابة 17 مليون مغربي بكورونا في 100 يوم

أحمد الحليمي علمي- المندوب السامي للتخطيط
منذ تسجيل أول حالة مؤكدة لإصابة ساكنته بفيروس كورونا (COVID-19)، رسميًا في 2 مارس 2020، عرف المغرب كيف يستثمر بسرعة الدروس المستقاة من التجارب الدولية في مكافحة هذا الفيروس الفتاك والمعدي، وذلك باتخاذه بحزم التدابير التي أثبتت فعاليتها من أجل التصدي لانتشار الجائحة على ترابه الوطني.
إلى جانب الإغلاق الفوري للحدود ومؤسسات التعليم والتكوين، وتعبئة كل الطاقات الاستقبالية لنظامه الاستشفائي والصحي، قام المغرب بتطبيق جذري لعملية الحجر الصحي قوية الرمزية وإعلان حالة الطوارئ الصحية لفرض احترام قواعدها، مصحوبة بحملة تواصلية مكثفة من أجل حث المواطنين على احترام ممارسات التباعد الاجتماعي والاحتياطات الاحترازية والوقائية أو تدابير أخرى فردية أو جماعية للحماية الذاتية.
سياق تعبئة وطنية شاملة
إن التعبئة الاستثنائية للموارد المالية ذات المصدر العمومي والخاص، والتي واكبت هذه المبادرات على الصعيد الصحي، قد ساهمت في انخراط واسع للسكان في حملة وطنية رائدة لمواجهة جائحة كان من شأن انتشارها، في غياب ذلك، أن تعاني المجموعة الوطنية من سيناريو "كارثي" من نوع سيناريو "المناعة الجماعية" بما ينطوي عليه من ملايين من الأشخاص المصابين ومئات الآلاف من الوفيات.
وقد كان من الطبيعي، في ظل هذه الظروف، أن تساهم المندوبية السامية للتخطيط، في حدود اختصاصاتها، في هذه التعبئة الجماعية من خلال دراسة تقييمية لآثار الحجر شبه الشامل للساكنة النشيطة ببلادنا، سواء على عرض المنتوجات والخدمات أو على الطلب الداخلي والخارجي وكذا بإنجازها لبحوث خاصة من أجل لتتبع نمط تكييف الأسر لظروف معيشتها في ظل هذا السياق العصيب.
وقد تبدو هذه الدراسة، بالنظر لموضوعها، شادة مقارنة بالدراسات التقليدية للمندوبية السامية للتخطيط، بينما لها قرابة مع الدراسات المستقبلية "مغرب 2030" التي سبق أن أنجزتها هذه المؤسسة حول مواضيع ذات طابع اقتصادي وجيوستراتيجي، نذكر منها على الخصوص، "الأزمات غير الاعتيادية" التي كانت موضوع ندوة دولية نظمت بالدار البيضاء يومي 19 و20 يناير 2007.
والحقيقي أن هذه الدراسة قد انطلقت بمبادرة من المدير العام للإحصاء والمحاسبة الوطنية، من الخبرات الإحصائية للمندوبية السامية للتخطيط، ممثلة على الخصوص بمدير الإحصاء ومركز الدراسات والأبحاث الديموغرافية، والمختص في الرياضيات بالفريق، أحد الأطر الشابة بمديرية التوقعات والمستقبلية.
تحديات نمذجة الجائحة
ونظرا لما هو مؤكد إحصائيا من تباين شدة وإماتة الجائحة بحسب مستوى الأعمار والحالة المرضية للساكنة، كان من الوجاهة الإسهام في توفير إضاءة حول تحليل آثارها، مع اعتماد هذه الجوانب الديموغرافية الوطنية مع إبراز الساكنة النشيطة باعتبار أولوية رفع الحجر الصحي عنها وكذا ما يكتسيه دورها في إعادة الاستعجالية لتحريك الاقتصاد الوطني. كما كان مما هو وارد أن يعتمد التحليل على المرجعية الرسمية للتدابير الصحية كما تعلن عنها السلطات الوطنية المختصة سواء من حيث رزمانتها الزمنية أو مؤشرات نتائجها الإحصائية.
ولهذا، فإن مقاربة وضع سيناريوهات التطورات المحتملة للوضع الوبائي في بلادنا، في أفق الخروج من الحجر، يجب تناولها على طبيعتها والغرض منها هو قبل كل شيئ تمرين منهجي وبيداغوجي، واعتبار خلاصاتها بمثابة تأشير على إبراز المناحي المنتظرة لهذه التطورات، وذلك من أجل تنبيه الرأي العام وإثارة الباحثين و ربما تنوير مراكز صنع القرار، دون ادعاء أي احتكار للخبرة أو استيفاء جميع جوانب الموضوع ولا مشروعية مؤسساتية خاصة.
وهكذا، فإن الهدف المحدد لهذا التمرين هو، قبل كل شيء، تزويد المندوبية السامية للتخطيط بقاعدة تجريبية للمعرفة حول موضوع جديد يتعين عليها أن تستثمرها لاحقًا من أجل إلمام أفضل بالسياق الوطني للجائحة، واعتمادها حين تكون شروط رفع الحجر الصحي قد تقررت من طرف السلطات المختصة وتكون المعلومات المتصلة بها متوفرة بشكل كامل ومفصل وحبذا لو كانت تشمل الصعيدين الوطني والجهوي. وعلى هذا الأساس، يجب، بكل تأكيد، اعتبار أن هذه المحاولة، كما تم التخطيط لها، تقتصر، في المرحلة الراهنة من مقاربتنا، على سيناريوهين رئيسيين لرفع الحجر، أحدهما عام والآخر جزئي، يستبعد كلاهما فئات السكان الأكثر عرضة، في حالة الإصابة، للمخاطر القصوى للإنعاش والوفاة، ويركزان على النشيطين المشتغلين بالقطاعات الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية للبلاد.
ومن المؤكد أن كل نمذجة هي، بطبيعتها، عمل مجرد يروم بالخصوص إثارة التفكير وربما تنوير عملية صنع القرار ولا يمكن أن تدعي مقارنة نتائجها وبالأحرى تعويض ما يتم استخلاصه من دروس التاريخ وما يستفاد من خلاصات المؤسسات الدستورية المعبرة عن إرادة المواطنين. ولم تكن هذه البديهية من الوضوح أكثر مما هو عليه في حالة هذه الجائحة التي يتميز فيروسها بسرعة انتشاره بنفس مستوى قوة تسلطه على الضحايا الأقل مناعة بقدر ما يتميز به من مقاومة الكشف على إفشاء أسرار هويته وميكانيزمات سلوك بيولوجيته.
وهكذا، لم يعد اليوم بدا من الاعتراف بأنه في غياب موسمية مؤملة لحياة هذا الفيروس على غرار"SARS 2002" أو "MERS 2012" و كذا في غياب اكتشاف علاجات وحبذا لقاحات ذات فعالية استثنائية، يظل الحل الجذري لمواجهة انتشاره هو اللجوء إلى حجر للساكنة بما يصحبه من تدابير وقائية وعلاجية سواء لما يرجع منها للسلطات العمومية (الاختبارات، والعلاجات، وعزل المصابين، والعرض الاستشفائي،...) ولما يعود للمواطنين (التباعد الاجتماعي، إجراءات الوقاية، الأقنعة،...)
الحجر الصحي واقتصاد المناعة
مهما كانت الفعالية الوقائية للحجر الصحي، فإنه إجراء غير مستدام وغير قابل للاستمرارية على المدى البعيد. ومن ثم فإن رفع الحجر الصحي أمر حتمي تمليه ضرورة وضع سياسة لفترة ما بعد الجائحة لتعزيز المناعة الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي وتلطيف المناخ النفسي ببلادنا. وتتوقف طرق ووتيرة تفعيله، بالضرورة وبنفس القدر، على المتطلبات القطاعية لإعادة التوازنات الأساسية للاقتصاد الوطني وعلى حتميات المعالجة التوافقية للمخلفات الاجتماعية والنفسية للوباء.
وإلى ذلك، تظل المندوبية السامية للتخطيط مستعدة لمواصلة هذه المقاربة التمرينية وإعداد السيناريوهات المرغوب فيها للرفع التدريجي للحجر بقدر كبير من الإفادة والدقة، لا سيما عندما يتم تحديد ومعرفة استراتيجيات الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي، وإذا تم بطبيعة الحال توفير المعطيات المتعلقة بها، دون قيد، من طرف المؤسسات الوطنية التي تنتجها أو تتوفر عليها.
على أن الدرس الكبير الذي نعتبره أساسيا في ما أتت به هذه السيناريوهات، مما يستحق أن يتم التأكيد عليه، هي الأهمية الحيوية للمجهود الذي يتعين على كل مواطن بذله من أجل الاحترام التام لممارسات التباعد الاجتماعي والتدابير الاحترازية وارتداء الكمامات ومختلف التدابير الفردية أو الجماعية للحماية الذاتية، حتى يتحمل كل فرد نصيبه من المسؤولية في حماية الأمة.
وبدون هذا الانضباط الفردي لكل واحد منا، يمكن للوباء، في أقل من 100 يوم، حسب تقديرات أحد سيناريوهات رفع الحجر الصحي الأكثر احتمالا للوقوع، أن تتضاعف معه حالات الإصابة 8 مرات وأن تتضاعف الحاجة إلى أسرة الإنعاش، ويؤدي، بالتالي، إلى إفشال السياسة الوطنية الاستشفائية للتكفل بالحالات النشيطة. وهذا ما يبرز معه حجم المسؤولية الملقاة على عاتق كل واحد منا تجاه أنفسنا وعائلتنا والأمة التي نستمد منها هويتنا.
مقدمة
إن جائحة كوفيد 19(CoronaVirus Infectious Disease 2019) هو مرض ناجم عن فيروس SARS-COV-2 الجديد الذي يتميز بسرعة انتقاله وبإماتة غير مرتفعة نسبيا تسمح له بالانتشار لفترة طويلة. تطرح هذه الجائحة أسئلة عديدة سواء حول تحليله الإحصائي، أو نمذجته المحتملة، أو تحديد العوامل التي يتعين العمل عليها للحد من انتشاره.
ومن هذا المنظور، ستقدم هذه الدراسة بداية المقاربة المنهجية المعتمدة التي ستسمح لها انطلاقا من الأدوات النظرية المتوفرة والمعطيات الحقيقية، بإعداد آلية تمكن من دراسة وتقييم العديد من خيارات تطور الجائحة في المغرب. وبالنظر للتأثير المتباين لهذا الوباء حسب الشرائح السكانية، فمن المهم التطرق، بداية، إلى سياقه الديموغرافي والذي سيمكن من اعتماد مقاربة أكثر دقة في التحليل الإحصائي، المفيد لصياغة الخيارات المختلفة لرفع الحجر الصحي ولتأثيراته الصحية، على وجه الخصوص. بعد فحص الوضعية الإحصائية للوباء بالمغرب الذي يمكن من تقييم التدابير المتخذة حاليا لمواجهة الوباء، سيتم تقديم سيناريوهات أولية التي ستقدم توضيحات على الخصوص حول تأثيرات مختلف خيارات رفع الحجر الصحي.
وتجدر الإشارة إلى أنه لا يوجد نموذج قادر على استعاب كل التعقيدات المرتبطة بانتشار هذا المرض، وبالتالي فإن هذا التحليل لا يدعي بتاتا تقديم استنتاجات نهائية للأزمة الحالية، بل يقترح مساهمة بناءة في النقاش حول خيارات الخروج من الأزمة.
1- المقاربة المنهجية
لقد كان انتشار الأوبئة، على الدوام، ظاهرة يصعب فهمها بسبب تعدد العوامل الفاعلة. وفي حالة جائحة كوفيد19، فإن الوضع أكثر تعقيدا لأن الأمر يتعلق بفيروس جديد يصعب التنبؤ بسلوكه بسبب عدم توفر معلومات كافية عنه. ومع ذلك، من الضروري أن نحاول قدر الإمكان فهم كيفية انتشاره اعتمادا على أدوات مفاهيمية، حتى نأمل في السيطرة على تفشيه.
ولهذا الغرض، تعد النمذجة الرياضية أداة مفيدة للغاية لدراسة الأوبئة الناجمة عن الأمراض المعدية. وفي هذا الصدد، فإن نموذج SIR الذي تم تطويره في عام 1924 من قبل Soper و Kermack و McKendrick لفهم سلوك جائحة الإنفلونزا الإسبانية لعام 1918، يعتبر، في هذا المجال، الأكثر استخداما في علم الأوبئة الرياضية. يتعلق الأمر بنموذج ديناميكي مجزأ [الملحق 1] بمنظومة معادلات تفاضلية تتمحور حول عدد التكاثر R0للفيروس وتطوره بالموازاة مع انتشار الوباء
بالإضافة إلى النمذجة الديناميكية المجزأة، توفر النماذج الإحصائية لدراسة الظواهر نقطة بداية لتقدير محددات أو معاملات نقل العدوى الرئيسية و توقعات تأثير الوباء بواسطة دالات رئيسية تمكن من ضبط توسع الوباء لاسيما الدالة اللوجستية المعممة fonction) logistique généralisée ( من أجل نمذجة تطور حالات الإصابة المتراكمة والدالة الغاوسية (gaussienne Fonction) لتقدير اتجاه عدد المصابين النشيطين
في هذه الدراسة، يستند استخدام هذه الأدوات الرياضية والإحصائية إلى نوعين من المعطيات:
- المعطيات الديمغرافية والسوسيو اقتصادية والصحية للسكان المتأتية من الإسقاطات السكانية لسنة 2020 ومن البحث الوطني حول التشغيل لسنة 2019 للمندوبية السامية للتخطيط، والبحث الوطني حول السكان وصحة الأسرة لوزارة الصحة برسم سنة 2018؛
- المعطيات المتعلقة بالوباء والتي كانت متاحة لنا من خلال منشورات وزارة الصحة.
تم تلخيص المقاربة المعتمدة في هذه الدراسة في الشكل جانبه. لقد تم وضع نماذج إحصائية ووبائية بناء على مختلف التدابير الصحية (التباعد الجسدي، والحماية الذاتية، والاختبار والعزل) للتمكن من محاكاة تأثيرات مختلف سيناريوهات رفع الحجر الصحي المحتملة. كل تدبير صحي مرتقب سيؤثر على أحد مكونات عدد التكاثر R0 مما سيمكن بالتالي من تقييم هذا التدبير. تسمح النماذج النظرية للتطور الطبيعي (المناعة الجماعية) والنتائج التي تمت ملاحظتها من خلال السيناريو الاتجاهي للحجر الصحي، بمعايرة نموذج SIR بهدف استخدامه لمحاكاة تأثير السيناريوهات المختلفة لرفع الحجر الصحي على وجه الخصوص.
من المهم في هذه المرحلة التذكير ببعض المصطلحات المهمة:
فيروس مسؤول عن الالتهاب الرئوي الخطير. في الآونة الأخيرة، تم تحديد ثلاثة أنواع من الفيروسات التاجية:
SARS-Cov : المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة في 2002-2004
MERS : متلازمة الشرق الأوسط التنفسية ابتداء من عام 2012
SARS-Cov-2: مرض COVID19 ظهر في الصين سنة 2019 وهو مسؤول عن جائحة سنة 2020 فيروس كورونا
العدد المتراكم للحالات الإيجابية المؤكدة عن طريق اختبار كوفيد-19 الإصابات المتراكمة
عدد حالات الإصابة بكوفيد- 19 في التاريخ (t) ويشير إلى عدد الحالات التي تستلزم علاجا صحيا في التاريخ (t). الإصابات النشيطة
عدد الحالات الإيجابية المؤكدة/ عدد الاختبارات معدل الإصابة
عدد المتعافين/ عدد الحالات الإيجابية المؤكدة معدل الشفاء
عدد الحالات بالمستشفى/ عدد الحالات الإيجابية المؤكدة معدل الاستشفاء
عدد الحالات المتواجدة بالإنعاش/ عدد الحالات الإيجابية المؤكدة النشيطة معدل الإنعاش
عدد حالات الوفاة/ عدد الحالات الإيجابية المؤكدة معدل الإماتة
متوسط عدد الأشخاص الذين ينقل إليهم شخص مصاب فيروس كوفيد-19 RO: عدد التكاثر الأساسي
مجموع التدابير التي تهدف إلى تقليصRO: التباعد الجسدي، والحماية الذاتية، وآلية الاختبار والعزل التدابير الصحية
- السياق الوطني الديمغرافي والصحي للجائحة
1.2. البعد الديموغرافي
تؤثر هاته الجائحة على السكان بشكل مختلف حسب العمر ووجود مرض مزمن، مما يقودنا إلى توزيعها بالنسبة لهذا المعيار المزدوج. وبالموازاة، من المهم أيضا تمييز السكان المنخرطين في الاقتصاد الممثلين بالنشيطين المشتغلين.
بحوالي 36 مليون نسمة، تعتبر ساكنة المغرب نسبيا شابة، مسجلة متوسط عمر يصل إلى 31,9 سنة وتتكون من 7,4% من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة فما فوق.
وتصل الساكنة النشيطة المشتغلة إلى 10,7 ملايين فرد. وتصل الساكنة الأكثر عرضة لخطر الاستشفاء أو الوفاة بالنسبة لهاته الجائحة إلى 8,4 ملايين نسمة. ويتعلق الأمر بالسكان الذين تبلغ أعمارهم 65 سنة فما فوق (2,6 مليون نسمة، منهم 1,7 مليون شخص يعانون من مرض مزمن واحد على الأقل) والسكان الذين تقل أعمارهم عن 65 سنة والذين يعانون من مرض مزمن واحد على الأقل (5,8 مليون).
من ناحية أخرى، وإذا اقتصرنا على الفئة العمرية 15-64 سنة، فإن 18,6 مليون شخص ليس لديهم مرض مزمن ويعتبرون أقل عرضة للخطر. ومن بين 10,5 مليون شخص نشيط مشتغل أقل من 65 سنة، يقدر أن 7,9 مليون شخص ليس لديهم أي مرض مزمن..
2.2. التدابير الصحية
بمجرد تسجيل أول حالة مؤكدة من كوفيد-19، في 2 مارس 2020، في المغرب، اتخذت تدريجيا سلسلة من التدابير، أهمها إغلاق الحدود والمدارس، ولكن أيضا حجر صحي واسع للسكان مصحوبا بقواعد التباعد والنظافة الصحية.
وكانت هذه التدابير ضرورية من أجل إبطاء انتشار المرض. ولولا هذه التدابير لكان الانتشار بحجم أكبر لتحقيق مناعة جماعية ممكنة ولكن مع آثار مدمرة على كل من عدد الإصابات ومستوى الخسائر البشرية.
3.2. وضعية الجائحة
أعطى التطبيق السريع للتدابير الصحية للحد من المرض وجها مختلفا تماما لانتشاره. وهكذا، وحتى 9 ماي، تبين حالة الجائحة أن عدد الحالات المؤكدة الإيجابية المتراكمة قد تضاعف في الأيام الـ 16 الأخيرة وبلغ 5910 حالة. في المقابل، يظهر أن عدد الحالات المصابة النشطة بلغ 3263 حالة، مما يعكس الزيادة في حالات الشفاء، التي تمثل الآن 41% من الحالات المؤكدة الإيجابية المتراكمة.
واستمر معدل الوفيات في الانخفاض إلى 3.1% (186 حالة وفاة) بفضل التشخيص المبكر والعلاجات التي تم وضعها. وأخيرا، بفضل زيادة عدد الاختبارات، انخفض معدل الإيجابية من 20% في بداية الحجر الصحي إلى أقل من 10%.
ويبين تحليل تطور عامل التكاثر (R) أن التدابير الوقائية، خاصة إغلاق الحدود والمدارس، أسهمت في انخفاض عامل التكاثر من 2,7 إلى 1,36 في الفترة بين 14 و20 مارس.
وساهم الحجر الصحي أيضا في تخفيض عامل التكاثر إلى مستوى بالكاد أعلى من 1 في 6 ماي، وهو ما يميل إلى عتبة احتواء الجائحة. وسيظل هذا الاتجاه التنازلي في عامل التكاثر قائما على افتراض المراقبة المستمرة للتدابير الصحية: التباعد الجسدي، والحماية الذاتية، والاختبارات والعزلة.
- توقعات تطور الوضعية: سيناريوهات أولية
1.3. إعداد السيناريوهات
للتذكير وبالإشارة إلى المنهجية الموصوفة في الفرع 2، يرتبط انتشار جائحةحسبالنموذجSIR على العدد الأولي للمصابين النشطين وعامل التكاثر (R0).
التدابير الصحية إعدادات عدد التكاثر الأساسي R0
التباعد الجسدي متوسط عدد C الأشخاص المتواصل معهم للفرد
الحماية الذاتية احتمال P الإصابة في وقت المخالطة
الاختبارات، والعزلة المدة J الذي يكون فيه الفرد معديًا
عدد التكاثر الأساسي R0=C*P*J
Bمعدل الانتقال
يحتوي هذا العامل R0 على 3 محددات (C متوسط عدد الأشخاص المتواصل معهم للفرد، واحتمال P الإصابة في وقت المخالطة، والمدة J الذي يكون فيه الفرد معديًا) كل واحد منها حساس لأنواع معينة من التدابير الصحية على النحو الموجز في الجدول في الشكل المقابل. يتم معايرة إعدادات نموذج محاكاة SIR في البداية بالبيانات الملاحظة.
فمن خلال العمل على هذه الإعدادات وكذلك على محيط الساكنة المعنية، يمكن وضع نماذج لسيناريوهات مختلفة لرفع الحجر مع مراعاة مختلف التدابير الصحية (مثل التباعد الجسدي، والحماية الذاتية، والاختبارات، والعزلة). وستقارن آثارها من حيث عدد الحالات المصابة التي تم الحصول عليها بقدرة المستشفيات على تقييم مدى صلاحيتها.
وفيما يتعلق بالخطوات، يُفترض في مرحلة أولى الإبقاء على تدابير الحماية الذاتية والاختبار/العزلة. يتم الاحتفاظ بقيم الإعدادات "P: احتمال الإصابة" و"J : أيام العدوى" التي تم تقديرها للوضعية الحالية تحت الحجر الصحي. وبمجرد رفع حجر السكان، يزداد عدد المخالطين يوميا. يتم تقييم هذه الزيادة باستخدام نموذج رياضي لمختلف سيناريوهات رفع الحجر.
وفي مرحلة ثانية، يتم تخفيف فرضية الحفاظ على تدابير الحماية الذاتية، مما يوفر "متغيرات دون تدابير للحماية الذاتية" لكل سيناريو من هذه السيناريوهات.
2.3 السيناريو المرجعي للتطور الطبيعي:
يعتبر هذا السيناريو حالة مدرسة التي تفترض تطورا طبيعيا للوباء بدون حاجز يمتد إلى غالبية السكان حتى يتم الحصول على حصانة جماعية محتملة. هذا السيناريو النظري في الواقع يجعل من الممكن قياس إنجازات السيناريوهات الأخرى.
يتم استنتاج معلمات عدد التكاثر R0 من المراجع [33] [32]. وتعتبر الحد الأعلى حيث تعكس قيمها الانتشار الطبيعي للوباء.
سيؤدي هذا السيناريو إلى ذروة الوباء، الذي يتم الوصول إليه في وقت مبكر مع عدد كبير جدا من الحالات المصابة مما يؤدي إلى ضغط مرتفع على المنظومة الصحية وكذا ارتفاع معدل الوفيات. وسينتج عن هذا السيناريو في نهاية المطاف إلى عدوى حوالي %80 من السكان.
- 3.3 السيناريو الاتجاه:
يعمل هذا السيناريو على امتداد الوضع الحالي حيث تكون جميع الأشياء الأخرى متساوية، وهذا يعني أن جميع التدابير المتخذة بالفعل قد تم الحفاظ عليها.
في هذه الحالة، يتم تقدير عدد التكاثر R0 ومعلماته انطلاقا من المعطيات الحقيقية الملاحظة. ويتم تقديمها في الجدول المقابل. حيث أن R0 يساوي 0,76 (أقل من 1 ) وهذا يعني أن الجائحة تتناقص وتتجه نحو الاندثار.
بينت محاكاة استمرار الحجر الصحي باستخدام النموذج الحسابي التأثيرات التالية:
- سيصل العدد الإجمالي للمصابين في بداية يوليوز إلى 7800 حالة.
- سيصل العدد الإجمالي للمصابين النشطين إلى حوالي 3200 حالة والقضاء على المرض في نهاية يوليوز.
علاوة على ذلك، من وجهة نظر علم الأوبئة، طالما أنه لا يوجد لقاح أو مناعة مجتمع مكتسبة، فإن فيروس كورونا المستجد
(SARS-COV2) سيستمر في الانتشار مع خطر الارتداد. لذلك، من الضروري النظر في سيناريوهات رفع الحجر الصحي ذات التأثير الاقتصادي والاجتماعي الإيجابي ولكن مع مراقبة مخاطر انتقال العدوى من جهة والضغط على النظام الصحي الوطني من جهة أخرى.
.3. 4 في سيناريوهات رفع الحجر(1) "الشامل"
يفترض سيناريو رفع الحجر الصحي على الساكنة الأقل من 65 سنة، والتي لا تعاني من أمراض مزمنة (27,5 مليون نسمة). يفترض هذا السيناريو بلوغ 2000 حالة مصابة نشيطة أثناء رفع الحجر الصحي.
بمجرد رفع الحجر هذه المجموعة السكانية، سيزيد الاتصال اليومي المؤدي للإصابة المقدر حسب النموذج الذي تم اعتماده بنسبة%64+، وبذلك ستصل R0 إلى 1,248، بافتراض الحفاظ على تدابير الحماية الذاتية (انظر الجدول المقابل).
السيناريو الشامل : تراكم عدد الإصابات
ستؤدي محاكاة على هذا الأساس إلى إصابة 8 ٪ من السكان في 100 يوم.
سيعرف النظام الصحي تجاوز قدرته الاستيعابية خلال 62 يومًا مع تسجيل معدل استشفاء يصل إلى 10 ٪ فقط من الحالات المصابة النشيطة.
سينتج عن هذا السيناريو دون تطبيق تدابير الحماية الذاتية، بعد 100 يوم، عددًا اجماليا من الأشخاص المصابين الذين سيقتربون من 50٪ من السكان. سيعرف النظام الصحي تجاوز قدرته الاستيعابية خلال 28 يومًا مع تسجيل معدل استشفاء يصل إلى 10٪ فقط من الحالات المصابة النشيطة. هذا السيناريو له نفس طبيعة سيناريو "التطور الطبيعي".
5.3. سيناريو رفع الحجر الصحي موسع
يهدف سيناريو رفع الحجر الصحي عن الساكنة النشيطة الأقل من 65 سنة والسكان دون سن 15 سنة، الذين لا يعانون من أمراض مزمنة (16,7 مليون نسمة)، إلى انفتاح الاقتصاد مع العودة التدريجية إلى الأنشطة الاجتماعية. يفترض هذا السيناريو، أيضا، بلوغ حوالي 2000 حالة مصابة نشيطة أثناء رفع الحجر الصحي.
وسيؤدي رفع الحجر الصحي إلى الزيادة في عدد الاتصالات في اليوم الواحد للحالات المصابة بنسبة %24 وRO إلى 0,94 في حالة الحفاظ على تدابير الحماية الذاتية.
ستفضي المحاكاة في هذا السيناريو إلى 31.663 حالة إصابة مؤكدة في 100 يوم مع ذروة 3200 حالة إصابة نشيطة. الشيء الذي يعني الحاجة القصوى إلى 3200 سرير للاستشفاء (100% في المستشفى) و160 سرير للإنعاش (5% من المصابين النشطين) ووقوع 1266 حالة وفاة (4% من العدد التراكمي للمصابين).
سيؤدي هذا السيناريو لرفع الحجر الصحي بدون تطبيق تدابير الحماية الذاتية بعد 100 يوم، إلى عدد تراكمي من المصابين سيرتفع إلى أكثر من 844.000 حالة. وبذلك ستتعدى هذه الأرقام القدرة الوطنية للإنعاش خلال 50 يوم. وخلال 100 يوم، لن تتمكن المنظومة الصحية من استقبال سوى 7% من عدد المصابين
6.3. سيناريو رفع الحجر الصحي الجزئي
يفترض سيناريو رفع الحجر الصحي الجزئي على الساكنة الملتزمة بالاقتصاد، أي الساكنة النشيطة أقل من 65 سنة، والتي لا تعاني من أمراض مزمنة (7,9 مليون نسمة). ويهدف هذا السيناريو إلى انفتاح الاقتصاد بدون المس بسلامة السكان الذين يشكون خطرا مرتفعا للتعرض لصعوبات صحية معقدة من جراء هذا المرض. يفترض هذا السيناريو، بلوغ عتبة 2000 حالة إصابة نشيطة أثناء رفع الحجر الصحي.
وسيؤدي رفع الحجر الصحي إلى الزيادة في عدد الاتصالات في اليوم الواحد للحالات المصابة بنسبة %13 وRO إلى 0,864 في حالة الحفاظ على تدابير الحماية الذاتية.
ستؤدي محاكاة هذا السناريو إلى 18.720 حالة إصابة مؤكدة خلال 100 يوم مع ذروة 3200 حالة إصابة نشيطة. الشيء الذي يعني الحاجة القصوى إلى 3200 سرير للاستشفاء (100% في المستشفى) و160 سرير للإنعاش (5% من المصابين النشطين) ووقوع 748 حالة وفاة (4% من العدد التراكمي للمصابين).
سيؤدي هذا السيناريو لرفع الحجر الصحي بدون تطبيق تدابير الحماية الذاتية بعد 100 يوم، إلى عدد تراكمي من المصابين سيرتفع إلى أكثر من 155.920 حالة.
وفي هذه الحالة واعتمادا على القدرة الوطنية للاستشفاء (7765) و(854) المخصصة للإنعاش- المصدر وزارة الصحة-، ستحقق الاستراتيجية الوطنية لاستشفاء 100% من الحالات المصابة النشيطة خلال 75 يومًا.
رفع الحجر الصحي الجزئي
السكان النشيطين المشتغلين السكان ماعدا السكان البالغين 65 سنة فما فوق والأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة رفع الحجر الصحي الواسع
السكان النشيطين المشتغلين والأطفال دون 15 سنة ماعدا السكان البالغين 65 سنة فما فوق والأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة رفع الحجر الصحي الشامل
إجمالي عدد السكان ماعدا السكان البالغين 65 سنة فما فوق والأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة
سيناريوهات رفع الحجر الصحي
دون الحفاظ على التدابير الوقائية مع الحفاظ على التدابير الوقائية دون الحفاظ على التدابير الوقائية مع الحفاظ على التدابير الوقائية دون الحفاظ على التدابير الوقائية مع الحفاظ على التدابير الوقائية تطبيق التدابير