جميلة والوزير في "أرض النفاق".. من يتحمل المسؤولية؟

هشام رماح
ترفرف روح جميلة بشر، سكرتيرة مصطفى الرميد، المحامي السابق الذي يشغل حقيبة حقوق الإنسان في الحكومة المغربية والمنتمي لحزب العدالة والتنمية، لتخبر الجميع أن الراحلة هلكت بالمرض وبظلم ذوي القربى، بعدما حُرِمت من أبسط الأمور هو الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي.
ومن حَرَم جميلة بشر من هذا الحق؟ الإجابة على السؤال تحيل على "بيان الحقيقة" المذيل بتوقيع لحسن بشر، الوالد المكلوم، الذي رمى بثقل المسؤولية في عدم تحقق الانخراط بـ"CNSS" على كاهل جميلة التي ترقد في جدثها، تحت "أرض النفاق"!!!
وبالعودة إلى "بيان الحقيقة" يمكن الطعن في هذا "الادعاء" بلا هوادة بالدفع أن انخراط المستخدمين في الصندوق الاجتماعي إجباري والمسؤولية القانونية تترتب على المشغل، الذي هنا ليس غير مصطفى الرميد، الذي لمع اسمه بالذود عن الحقوق والقضايا الإنسانية قبل أن يركب سفينة الحكومة التي جنحت بها رياح الربيع العربي إلى شط المغاربة.
جميلة بشر، ماتت وفي نفسها شيء من حتى، وحسبها أنها هناك في دار الحق حيث لا ظلم وحيث الويل للظالمين، لكن قضية جميلة لا تختزل فقط في مستنقع لا أخلاقي تمتص أوحاله الوزير لتضعه في فوهة مدفع المتعاطفين معه قبل الغاضبين منه فكيف الحال بالمتربصين بهفوات رجل ظل يرغي ويزبد قبل أن يستكين بعدما حُمِّلَ حقائب وزارية في حكومة العراب عبد الإله ابن كيران والطبيب النفساني سعد الدين العثماني.
قضية جميلة بشر، هي قطعة من قطع عدة سقطت في معسكر الـ"بيجيدي" الذي باع الأوهام للمغاربة وسوق لنفسه صورة الإطار السياسي الذي يضم بين جنباته أناس أفذاذ قادرين على تسوية ما اعوج في الواقع، لكن اعوجاج أنفس هؤلاء الأناس سرعان ما تبدى بكل وضوح متى ارتقوا وزراء، ورغم ذلك منهم من آثر على نفسه أن يتأنسَن ويسجل مستخدمته في صندوق الضمان الاجتماعي من أجل "دواير الزمان" التي زادت حكومة العدالة والتنمية في دورانها حول أجساد المغلوب على أمرهم لتسحقهم سحقا.
في "بيان حقيقة" لحسن بشر، والد جميلة الكثير من التمثلات التي يتخيلها قراؤه كـ"سيناريوهات" عدة قد تكون نُسِجَت لتجعل الأب وهو مهيض الجناح يذعن ليقول دون الحق، بأن ابنته جميلة رفضت قطعا التحسب لـ"دواير الزمان".. ولا عزاء لمن يكون نكأ جراح الرجل ودفعه قسرا لتوقيع البيان.
كذلك، البيان المحرر، مصادق عليه في يوم عطلة، وإن كان سائدا لدى أغلب المغاربة أن المصادقة قد لا تعز على أحد حتى واليوم كذلك، إلا أن تمرير "بيان الحقيقة" في هكذا ظرف كان ضرورة قصوى من لدن من جعلوا الأب يذيله بتوقيعه بعدما حرروه له، حتى يطفؤوا نار الانتقاد التي تتقد ضد مصطفى الرميد، لكن الأمر ما كان ليمر دون أن يزيد في حمأة هذه النار، لتكون بردا وسلاما على صدور أهل جميلة بشر التي لها من ربها الذي لا يظلم عنده أحد كل الرحمة.