وزان: بعد انقطاع 22 سنة عن الدراسة...هاجر...عاملة نظافة تحصل على "الباك"

أمينة المستاري
هاجر الجوهري...قصة من قصص عديدة حقق أبطالها نجاحات رغم قساوة الظروف التي فرضت عليهم واقعا لم يختاروه...ابنة وزان "هاجر" لم تمنعها الظروف الاجتماعية والاقتصادية من الإصرار على حلمها، بعد انقطاع عن الدراسة وزواج لم يكتب له الاستمرار، من على شهادة الباكلوريا.
فبعد أن اضطرت إلى التوقف عن الدراسة سنة 1998 ، بمستوى الثالثة اعدادي بإعدادية الإمام مالك، لم يكن أمامها سوى الزواج هربا من "القيل والقال"، لكن إنجاب طفلتين وفشل زواجها، دفعها إلى حمل آلامها والعودة إلى بيت أسرتها الفقيرة، وحتى لا تشكل عبئا آخر على الأسرة قررت المقاومة والخروج للعمل وجلب القوت اليومي، وعد الاستكانة وندب حظها...نفضت عنها حالة اليأس والقلق وبحثت عن عمل كمنظفة بمدرسة المصلى الابتدائية التي درست بها في صغرها.
كانت تضع نصب عينيها مستقبل طفلتيها وداومت على تنظيف حجرات المدرسة كل مساء، لتعود إلى بيتها منهكة لكن مهامها لا تنتهي، فهناك أشغال البيت والتزاماتها كأم...
فكرت هاجر بتحسين وضعها المادي، فتقدمت بطلب للاشتغال بالتعليم الأولي، لكن دوام الحال من المحال، فهناك دائما من ينغص عيشتها ويحاول وضع المتاريس في طريقها...قادها واقعها إلى التفكير جديا في استكمال مشوارها الدراسي الذي توقف في منتصف الطريق، فقامت بالتسجيل كمترشحة حرة لاجتياز امتحانات الباكلوريا، وبتشجيع ومساعدة بعض الأساتذة، بدأت حصص الدراسة أثناء الحجر الصحي، وقررت تحقيق الحلم الذي أجهض في مهده...كانت فرحتها لا توصف مع الإعلان عن نتائج امتحانات الباك...وكانت رسالة قوية للمرأة "الوزانية" وكل الشباب الذين لم يساعدهم الحظ في الحصول على هذه الشهادة وهم رسميون بالمدرسة العمومية.
في جو مؤثر، وبحضور ابنتيها ووالدتها، استقبلت هاجر اليوم الثلاثاء، من طرف مجلس جماعة وزان...في التفاتة ترفع لها القبعة، وفي حفل احتفاء حضره رئيس المجلس ونائبته ونوابه ، وأعضاء من المجلس الذي تفاعل بشكل سريع مع الإعلام، ألقت هاجر كلمة شكر ضمنتها كل أحاسيس الامتنان وبعثت رسائل لكل من تعثر في حياته الدراسية بالقول " العلم ليس له عمر محدد يكفي أن تكون لديك عزيمة وإرادة قوية".
بافتخار، تابعت عيون الطفلتين حديث والدتهما، وكادت عينا الأم أن تدمع لرؤية ابنتها وهي تتلو كلماتها أمام الحضور، وتحكي بعضا من تفاصيل والظروف الاجتماعية الصعبة التي حرمتها من الدراسة قبل 22 سنة.
أكدت هاجر أمام الحاضرين أن سبب تحقيق جزء من حلمها يكمن في الإرادة الصلبة ، وارتفاع منسوب التفاؤل ، وعدم الاستسلام للواقع ، والتشبث بالأمل... ذاك الأمل الذي على صخرته تكسرت كل الصعاب والمعاناة التي رافقتها في مسيرتها، وأهدت انتصارها لكل النساء اللواتي قاومن الصورة النمطية المتخلفة للمرأة وقتل طموحاتهن الخلاقة.
بتأثر شكرت والديها على وقوفهما إلى جنبها، والأطر التربوية التي واكبتها وشجعتها على بلوغ هدفها، وثمنت مبادرة المجلس البلدي لوزان الإنسانية اتجاهها، وبنبرة واثقة قالت:" أوجه نداء لكل من وجد نفسه يسبح في برك المعاناة فغادر الصف المدرسي ، من أجل العودة للمصالحة مع الأمل والتفاؤل... وألتمس من كل مكونات المجلس الجماعي التفكير مستقبلا في توفير خدمة دروس الدعم يستفيد منها بنات وأبناء وزان الذين يقررون اجتياز امتحان الباكالوريا كأحرار... أعدكن وأعدكم بأنني مستمرة في تجويد هذه النتيجة بالالتحاق بالتعليم العالي للحصول على أعلى الشهادات.