سخط وسط الجمركيين بعد حملة تنقيلات وصفوها بغير القانونية

أكدت مصادر بإدارة الجمارك للجريدة24؛ أن مسؤولين بالموارد البشرية في إدارة الجمارك قاموا بإقرار مجموعة كبيرة من الانتقالات لا تخدم مساعي الدولة في هذه الظرفية الوبائية ناهيك عن التشتت الأسري لفئة عريضة من الموظفين المرؤوسين.
وأوضح المصدر ذاته أن تبعات مثل هذه القرارات قد تثير مسؤولية المبادرين بها إذا ما تأكدت حالات الإصابة بالفيروس في صفوف الموظفين أو عائلاتهم أثناء هذه التنقلات بين جهات المملكة، "حتى إذا كانت جهة آمنة مطمئنة تنعم بثمرة صبرها و احترازها طوال مدة الحجر الصحي الذي فرضته الدولة، أتاها الوباء من جهة أخرى بفعل قرار إداري ينم عن ضعف البصيرة في ظل عام استثنائي تجمدت فيه معظم الأنشطة و لم يتعاف المصابون فيه بعد".
ويعتبر موظفو الجمارك الذين طالتهم هذه الإنتقالات "العشوائية" كما يصفونها بالخارجة عن القانون من جهة وعن الإنسانية لعدم مراعاتها الظروف الإجتماعية الخاصة بهم، حيث أورد قانون الوظيفة العمومية من خلال الفصل 64 من العنوان المتعلق بانتقالات الموظفين أن: " للوزير الحق في مباشرة انتقالات الموظفين الموجودين تحت سلطته." وبأنه: " يجب أن تراعى في تعيين الموظفين الطلبات التي يقدمها من يهمهم الأمر وكذا حالتهم العائلية ضمن الحدود الملائمة لمصالح الإدارة."
و بالتالي فمتى لم يقدم الموظفون المعنيون طلبات بالانتقال تخصهم لدوافع معينة أو لم يكن من داعٍ للإدارة بأن تصدر قرارها في الموضوع، فإن قرارها هذا بنقلهم جبرا يعد قرارا معيبا يمكن الطعن فيه بالإلغاء.
وذكرت المصادر أن قرارات الإنتقال بهذه الصيغة يمكن أن تهم فقط الرؤساء في هذه الإدارة وليس المرؤوسين، وهذه النقطة تستند على مضامين الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول المحررة بالقصر الملكي بالرباط بتاريخ 15 نونبر 1993 و التي جاء في مقتطف منها: "و يبدو لنا أن من أسباب ضعف إدارتنا بقاء العون الإداري المسؤول في منصبه و مركز عمله مدة طويلة، مما يترتب عليه نشوء عادات تخل بحسن تسيير الإدارة، و قيام علاقات شخصية بين المسؤول الأعلى و من هم تحت سلطته من الأعوان، الشيء الذي يؤدي إلى بروز ظاهرة الرتابة و التراخي، و ما يتولد عنهما من سوء تسيير المصالح العامة. وتلافيا لكل ذلك، قررنا أن يبقى الموظف المسؤول في نفس المنصب و نفس المركز مدة أقصاها أربع سنوات. ذلك أن انتقاله إلى منصب و مركز آخرين سيمكنه من العمل بنَفَس جديد، بحكم أنه لا محالة سيغير عاداته، و سيعمل مع زملاء جدد، مما سيساعد إلى حد كبير على التخفيف من التباطؤ في العمل و تعثر سير الإدارة... ".
والغريب في الأمر أن المسؤولين في الإدارة تركوا مضمون الرسالة الملكية الذي يركز على انتقال الرؤساء وذهبوا إلى تنقيل الموظفين المرؤوسين دون سند قانوني.
وتنتمي إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة إلى وزارة الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة، و هي إدارة لا تتوفر إلى حد الآن على نظام أساسي رغم أن الفصل الرابع من قانون الوظيفة العمومية قد نص في فقرته الثانية على ما يلي: " وفيما يخص أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي ورجال التعليم والهيآت المكلفة بالتفتيش العام للمالية وموظفي هيئة كتابة الضبط بقطاع العدل وأعوان الشرطة وإدارة السجون ورجال المطافئ وأعوان المصلحة العامة بإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، والمفتشين والمراقبين والحراس بالبحرية التجارية وضباط الموانئ وموظفي المنارات وموظفي المياه والغابات، فان قوانين أساسية خصوصية يمكنها أن تأتي بمخالفات لبعض مقتضيات هذا النظام الأساسي التي لا تتفق والتزامات تلك الهيآت أو المصالح."
حيث لئن كانت الهيئات المذكورة قد سطرت لنفسها قانونا فريدا يراعي خصوصية المهام التي تتميز بها، فإن إدارة الجمارك و الضرائب غير المباشرة لم يشأ مسؤولوها إصدار نظام أساسي خاص بها إيمانا منهم -ربما- بطبيعة الخدمات الجمركية التي لا تستدعي التميز، و هي نظرة و إن كانت قاصرة، إلا أنها تجعل من قانون الوظيفة العمومية قانونا ساري المفعول في كل مضامينه على موظفي الجمارك من قبيل الحق النقابي المكفول بموجب الفصل 14 من قانون الوظيفة العمومية و الذي يتم تعطيله في حق هذه الشريحة بحجة حَمَلة السلاح رغم عدم وجود السند القانوني لمنع هذا الحق ما دام لم يتم تقنين المنع في إطار نظام أساسي يشير إلى ذلك مثلما هو جارٍ به العمل في بعض الإدارات الأخرى.