رفاق الراضي يطلقون حملة رقمية تحت شعار "اغتصاب#Free "

الكاتب : الجريدة24

17 أغسطس 2020 - 12:30
الخط :

لم يكن مهندسو التعبئة الرقمية مع عمر الراضي يعتقدون، ولو في كوابيس أحلامهم، بأن دعوتهم الافتراضية ستجد كل هذا الزخم الكبير من اللاتضامن، وهذا الكم الهائل من اللامبالاة والنكران، وهذا الجحود العارم من جانب ما تبقى من طلائع اليسار والرعيل الأول من رفاق الأب إدريس الراضي.

لقد كان مبتكرو فكرة التعبئة الرقمية مع عمر الراضي يمنّون النفس بطوابير المتضامنين الذين يصدح هديرهم في شبكات الأنترنت، وبجحافل "المجمجمين"، أصحاب وسم J'aime ، الذين سيملؤون منصات التواصل الاجتماعي بالقلوب الحمراء تضامنا مع من تحوم حوله شبهة "الاغتصاب"، وشبهات " التخابر مع الأجنبي بغرض الإضرار بالوضع الدبلوماسي للمغرب".

ورغم أن الداعون للفكرة حاولوا استمالة أكبر قدر من المتضامنين الافتراضيين لتعبئتهم الرقمية، بعدما جعلوها حملة عامة لا يختص بها عمر الراضي وحده وإنما تشمل كل من يتوسم في نفسه بأنه ضحية كيفما كان، إلا أن النتيجة كانت مخيبة للآمال، مناقضة لتطلعات الرفاق، وكاشفة لحجم تمثيليتهم الواقعية والافتراضية، إذ لم يتخط عدد المعلقين في أكثر من 24 ساعة حاجز الرقم الفردي (واحد)، واقتصر تعليق "المتعاطفة الشاردة" على أوسام بلا كلام.

إنه الجواب الذي أفرده رواد العالم الأزرق والإعلام البديل لحملة التعبئة الرقمية مع عمر الراضي، وعلى شعار "Free" الذي رفعه رفاق الأب من باب المواساة والحنين لشعارات الماضي. وهذا الرد "اللاشعبي" كان متوقعا حتى من أصحاب الدعوة أنفسهم، إذ لا يمكن للمغربيات، وهن أكثر من نصف المجتمع، أن يعبرن عن تضامنهن مع شخص متهم بالاغتصاب وهتك عرض صحفية من نفس نوعهن الاجتماعي. كما لا يمكن لعموم المغاربة أن يقدموا شيك تضامن على بياض مع من يتقاضى من الخارج رواتب شهرية سخية، جراء معلومات حساسة يتم تسريبها خارج القنوات الرسمية والمهنية للإخبار.

أكثر من ذلك، فالشعبية الواقعية لا تختلف عن الشعبية الرقمية في المنصات التواصلية! فالذي لم يستطيع تأليف قلوب الناس في الشارع العام، واستمالة أصواتهم في الانتخابات، لا يمكنه، بأي شكل من الأشكال، أن يفلح في التعبئة الرقمية على منصات التواصل الاجتماعي. وذلك لسبب بسيط، وهو أن جيل الألفية الثالثة الذي يتواصل ب "الهاشتاغات والتيك توك" لا يعرف شيئا عن شعارات الاشتراكية والشيوعية والنضال القاعدي..، وبالتالي فإن هذه الشعارات التي طالها التقادم الإيديولوجي والزمني تبقى غير قادرة على التأثير فيه أو حشد جذوة نضاله، لأنها ،بكل بساطة، جزء من التاريخ المنسي بالنسبة إليه.

واللافت للانتباه أيضا في مختلف التدوينات والأوسام التي أطلقتها الحملة الرقمية المخصصة لعمر الراضي، أنها لم تجلب سوى تعليق واحد في أفضل الانجازات المحققة. بل إن لعنة العدد (1) طالت حتى بعض مقالات الرأي وتقارير منظمة أمنستي التي أعيد نشرها من طرف مهندسي هذه الحملة.

وفي قراءة بسيطة لما وراء هذه الأرقام، يمكن الجزم بأن حتى أصحاب هذه الحملة الرقمية، ومن يتبناها ظاهريا من رفاق الأب، لم يتضامنوا معها ولم يتجاوبوا مع مطالبها. ولعل هذا ما يدفعنا لطرح مجموعة من الفرضيات المفرغة في تساؤلات مشروعة: هل نحن أمام مجرد حملة فردية يحركها شخص واحد يبحث عن " شرعنة فايسبوكية للاغتصاب والخيانة للوطن"؟ أم نحن أمام رفاق الأب الذين يحاولون "رفع الحرج عنهم والظهور بمظهر المتعاطفين مع الأسرة في زمن المحنة"؟ أم أننا فعلا أمام منسوب مرتفع من الوطنية لدى رواد العالم الأزرق ودعامات الإعلام الجماهيري الذين يستنكفون عن التضامن والتواطؤ مع المتهمين بالاعتداءات الجنسية وبالتخابر مع الأجنبي؟

الجواب على هذه الأسئلة وغيرها تكشف عنه نتائج الحملة 1 من التعبئة الرقمية، التي استطاعت أن تجلب متعاطفا واحدا في أكثر من 24 ساعة، وهي نتيجة ربما تجاوزت سقف تطلعات مهندسي الفكرة لأسباب عديدة، وهي أولا "لا مشروعية المطالب"، إذ لا يمكن تسخير النضال الشعبي من أجل إشباع غريزة جانح في الاغتصاب وهتك العرض، ثم ثانيا "لا شعبية أصحاب هذه الحملة الرقمية في وسائط الإعلام البديل". فالذي لا يتواصل نهائيا مع جيل الألفية الثالثة، أو عندما يتواصل معه يخاطبه بقاموس مشحون بمعجم لينين وثرودسكي وستالين.. فمثل هؤلاء لا يمكنهم نهائيا أن يجمعوا شباب اليوم على كلمة سواء، وبالأحرى إن كانت الكلمة المطلوبة هي الانتصار لمغتصب ولمتهم بالخيانة للوطن.

فعلا ضعف الطالب والمطلوب..

آخر الأخبار