الدار البيضاء تستنفر أجهزتها الأمنية لتأمين ديربي الرجاء والوداد

يشهد محيط مركب محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، منذ الساعات الأولى من صباح اليوم السبت، استنفارًا أمنيًا استثنائيًا، تزامنًا مع الترتيبات الخاصة بمباراة ديربي العاصمة الاقتصادية بين الغريمين الرجاء والوداد الرياضيين، لحساب الجولة السادسة والعشرين من البطولة الاحترافية.
https://youtu.be/z69v7fyyFqk?si=neWhmp0Ss8dD-34p
تعزيزات أمنية كبيرة طوقت محيط المركب، وسط حضور ميداني وازن لمختلف التشكيلات الأمنية، يتقدمها والي أمن الدار البيضاء، في خطوة تؤكد جدية التعاطي مع هذه المواجهة الكروية التي، رغم غياب الجماهير المنتظرة في المدرجات، ما تزال تحتفظ بحساسيتها ورمزيتها في المشهد الرياضي المغربي.
ورغم إعلان الفصائل الجماهيرية لكلا الناديين مقاطعتها للمباراة، احتجاجًا على ما وصفته بالأوضاع الإدارية غير المستقرة والتسيير العشوائي داخل الفريقين، فإن المصالح الأمنية لم تتراجع عن تنفيذ مخططها الكامل لتأمين هذا الحدث.
واستندت المقاربة الأمنية المتبعة إلى إدراك عميق لخصوصية اللقاء، سواء من حيث طابعه الرمزي أو من حيث تداعياته المحتملة على الوضع العام في المدينة، بالنظر إلى حساسية الديربيات في السياق المغربي، حتى وإن غاب عنها الجمهور المنظم.
وواصلت المديرية العامة للأمن الوطني، من جهتها، تأكيد حضورها المؤسساتي في مواكبة مختلف التظاهرات الرياضية الوطنية، عبر بروتوكولات أمنية متطورة تستحضر طبيعة الحدث ومحيطه.
فقد خصصت للمناسبة موارد بشرية ولوجيستيكية ضخمة لضمان مرور اللقاء في أجواء يسودها الانضباط والاحترام الكامل للقانون، داخل الملعب وخارجه، بما يعزز صورة المغرب كبلد آمن قادر على احتضان كبرى التظاهرات الرياضية القارية والدولية.
ورغم المقاطعة الرسمية من طرف فصائل الألتراس، فإن الترقب الجماهيري ظل حاضرًا بقوة في الأوساط الرياضية، سواء في الشارع أو على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تدور نقاشات حادة حول واقع الناديين ومستقبلهما القريب.
يأتي ذلك في سياق موسم وُصف من طرف متابعين بكونه من بين الأضعف خلال العقد الأخير، بعدما خرج الفريقان من دور الثمن في مسابقة كأس العرش، الرجاء على يد الاتحاد الإسلامي الوجدي، والوداد على يد المغرب التطواني، ما أدى إلى حالة غضب كبيرة في صفوف جماهير الناديين.
هذا الوضع فجر موجة من الانتقادات الحادة تجاه المسؤولين عن تسيير الفريقين، وسط مطالبات بإعادة هيكلة شاملة للمكاتب المسيرة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وتُرجمت هذه الانتقادات إلى قرارات تصعيدية، أبرزها إعلان الألتراس الانسحاب من متابعة الفريقين مؤقتًا، في موقف احتجاجي قلّ نظيره خلال السنوات الماضية، ويعكس عمق الشرخ الحاصل بين الإدارات والقاعدة الجماهيرية الوفية.
على المستوى الرياضي، يدخل الرجاء هذا اللقاء وهو يحتل المركز الثامن برصيد 37 نقطة، في موسم للنسيان لا يليق باسم وتاريخ الفريق.
أما الوداد، فيحل ثالثًا برصيد 43 نقطة، ساعيًا إلى الحفاظ على مركز يؤهله للمشاركة القارية الموسم المقبل، على أمل تعثر المنافسين المباشرين، رغم ابتعاد حلم التتويج باللقب، في ظل التفوق الواضح للفريق المتصدر.
وتُجرى هذه القمة الكروية مساء اليوم، ابتداء من الساعة الثامنة ليلاً، على أرضية مركب محمد الخامس، وسط أجواء يغلب عليها التوتر والاحتقان، أكثر من الحماس الرياضي الذي طالما ميّز مباريات الديربي البيضاوي.
ديربي هذه السنة، وإن غابت عنه الأهازيج واللافتات والاحتفالية المعتادة، يبقى مرآة تعكس أزمة بنيوية عميقة داخل واحد من أهم وأقدم المواعيد الكروية في القارة الإفريقية.