رئيس فيدرالية التجار يُفجرها: ما وقع في سوق دلاس اجتهاد فردي دمر مئات الأسر

أثار قرار هدم سوق "دلاس"، أحد أقدم وأكبر الأسواق الشعبية بالدار البيضاء، وتحديداً بمقاطعة الحي الحسني، غضباً واسعاً في صفوف التجار والمهنيين وفعاليات المجتمع المدني، الذين اعتبروا أن ما جرى يُشكل ضربة موجعة لمئات الأسر التي كانت تعتمد على هذا المرفق في كسب قوتها اليومي.
https://youtu.be/Dk9_qTtHSuw?si=3Yzl5D6p__vgj7Ju
وجاءت هذه الخطوة دون سابق إنذار، حيث باشرت السلطات المحلية عملية الهدم في الساعات الأولى من الصباح، باستعمال جرافات وقوة عمومية، ما خلف حالة من الذهول والاستياء وسط المستفيدين من السوق.
السوق، الذي شكّل لعقود نقطة حيوية للحركة التجارية في المنطقة، كان يضم عدداً كبيراً من المحلات المتخصصة في بيع قطع غيار السيارات ومهن مختلفة أخرى، وشكل مصدر رزق مباشر وغير مباشر لمئات الأشخاص.
وفي ندوة صحفية نُظمت للوقوف على تداعيات ما جرى، قال إبراهيم زريق، رئيس الفيدرالية الإقليمية لبائعي ومستوردي قطع الغيار بالحي الحسني، في تصريح خص به الجريدة 24، إن اختيار مكان الندوة خارج الحي لم يكن اعتباطياً، بل "تفادياً لأي محاولات استفزاز أو تحريض قد تُمارس ضدنا من بعض الجهات التي استعانت سابقاً بأشخاص غرباء لترهيب التجار أثناء عملية الهدم".
وأكد زريق أن "ما وقع لا يمكن وصفه إلا بكارثة إنسانية بكل المقاييس"، متهماً أحد المسؤولين المحليين بـ"الاجتهاد الشخصي في اتخاذ قرار الهدم دون الرجوع إلى أي جهة قضائية أو تنفيذ حكم معلن، ودون احترام لأبسط شروط الإشعار أو الإنذار المسبق".
وأضاف أن "التجار فوجئوا بجرافات تقتحم السوق فجراً، دون سابق إشعار، ودون توفير أي ضمانات لحماية سلعهم وممتلكاتهم، لتُهدم المحلات أمام أعينهم"، معتبراً أن "الطريقة التي جرت بها العملية تشبه سيناريوهات عسكرية لا تليق بدولة الحق والقانون".
ووجّه زريق اتهامات ثقيلة للمسؤول عن القرار، مشيراً إلى أن هذا الأخير "سبق أن جلس إلى طاولة الحوار مع التجار، وتبادل معهم الإفطار في بيوتهم خلال شهر رمضان، ليطمئنهم بأن لا قرار بالإخلاء يلوح في الأفق"، قبل أن يُفاجأ الجميع بما وصفه بـ"الانقلاب المفاجئ".
زريق اعتبر ما جرى اجتهاداً شخصياً غير محسوب العواقب من طرف الشخص المدعو، نافياً أن يكون للوالي أو لعامل الإقليم أي علاقة مباشرة به. وأضاف
واعتبر المتحدث ذاته أن هذه "الثقة التي منحوها له استُغلت ضدهم"، مشيراً إلى أن "السلع أُتلفت أو سُرقت في غياب تام لأي تأمين أو إشراف أمني"، في وقت كان التجار يتوقعون حواراً لإيجاد بديل قانوني وإنساني.
وطالب زريق، باسم الفيدرالية، بفتح تحقيق عاجل من طرف النيابة العامة للوقوف على "الخروقات التي شابت العملية، وتحديد المسؤوليات بدقة"، مشيراً إلى أن ما جرى "يسيء إلى صورة المغرب كدولة مؤسسات، ويضرب في العمق مساراً ديمقراطياً بنته الدولة المغربية عبر سنوات من الإصلاحات".
كما كشف أن التجار المتضررين يستعدون لتقديم شكاوى رسمية مدعومة بالوثائق والشهادات، فيما يستمر التنسيق مع السلطات الولائية ومجلس المدينة من أجل إيجاد حل بديل يحفظ كرامة ومصدر رزق المتضررين.
وفي خضم هذه الأزمة، لم يصدر أي بلاغ رسمي من طرف المجلس الجماعي يوضح أسباب قرار الهدم أو يعرض بديلاً للمتضررين، ما زاد من حالة التوجس والغضب في الأوساط المعنية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها شريحة واسعة من المواطنين.
ويبقى مستقبل مئات الأسر اليوم معلقاً على قرارات جديدة قد تعيد الاعتبار لتجار السوق، أو تُفاقم من مأساتهم في حال استمرار الصمت الرسمي.
وفي انتظار توضيحات أو مبادرات رسمية للتهدئة، تواصل الفيدرالية المعنية تحركاتها لعقد لقاءات مع المسؤولين المحليين من أجل التوصل إلى حلول عملية تحفظ الحد الأدنى من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمتضررين، وسط تأكيد على التمسك بالمسار القانوني في الدفاع عن حقوقهم المشروعة.