سليمان برادة، كاتب مغربي شاب، لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره، أصغر أعضاء الوفد المغربي المشارك في مهرجان باريس للكتاب وممثلٌ لبلده ضمن هذه التظاهرة الثقافية المرموقة، يوقّع روايته الأولى بعنوان «السابح»، الصادرة في فرنسا عن دار النشر «لو سوبيراي».
وسط صخب أروقة مهرجان باريس للكتاب، ظهرت رواية متواضعة في حجمها، لكنها متقدة في مضمونها، لتفرض نفسها إلى جانب الأصوات الأدبية البارزة المنتظرة في دورة سنة 2025.
من خلال هذا السرد الأدبي، يأخذنا سليمان برادة إلى فاس في أربعينيات القرن الماضي، حيث يكتشف القارئ تلك المرحلة المفصلية بين الطفولة والمراهقة،
يُغرقنا الراوي بإحساس عالي في عالم الحمّام المغلق، ذلك المكان الذي يشهد لحظة اليقظة الأولى مع الأمهات أولا بالنسبة للذكور الغير البالغين ، ثم مع الآباء.
حضور الماء، والحركة، والعطور، وتلاعبات الضوء، وخطوط الأجساد، والهمسات، كلها عناصر تأسر وتغمرالراوي بشكل عميق، وتستدعي في ذهنه كل مخيال الاستشراق الفني والأدبي.
في هذا الفضاء "الاستثنائي"، المنفصل عن المجتمع، يبدأ الراوي في اكتشاف جسده، ويمنح نفسه الحق في الاضطراب والارتباك الذي تثيره رؤية الأجساد، سواء كانت أنثوية أم ذكورية.
وتتميّز الرواية برهافة أسلوبها، ولمسة لغوية تكاد تكون حسّية، كما تنخرط في دينامية جيلية جديدة، تعبّر عن جيل مغربي مثقف وجريء، يطالب بحقه في سرد رغباته، وخيالاته، وحدوده الخاصة.
تشكّل هذه الرواية فعلًا من الشجاعة الأدبية، دون أن تقع في فخ الخطابية أو التقريرية. يقول المحلل الفرنسي غابرييل أندريو
مقدّم الرواية ، " إن الحسية التي تتخلل بعض مقاطع الرواية والتي يصفها سليمان برادة بدقة، بالإضافة إلى خيال أسلوبه الأدبي، تجذب القارئ وتأسره. أسلوبه التصويري، الغنائي، الحسي، وأهمية العطور والضوء في مدينة فاس، المدينة التي كانت في صميم مفاوضات الاستقلال المغربي، كل ذلك يعكس طابعًا شخصيًا فريدًا"