"استيبانيكو".. كتاب يوثق لمسار المستكشف المغربي "مصطفى الزموري" في بلاد "العم سام"

الكاتب : الجريدة24

26 أكتوبر 2024 - 11:25
الخط :

نشر كلا من عبد السلام الإدريسي، البروفيسور المغربي المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وعبد القادر الجاموسي، القنصل العام السابق للمملكة في نيويورك، حديثًا كتابًا (في 7 أكتوبر 2024) يتناول حياة "مصطفى الزموري" المعروف بـ"إستيبانيكو" (Estevanico)، والذي يعد أول مستكشف إفريقي لأمريكا، وهو الكتاب الذي تمخض عن الخوض في بطون مراجع أكاديمية والنبش في أرشيفات أمريكية نادرة.

كذلك، تناول الكتاب، الذي جاء بعنوان "إستيبانيكو: تتبع خطى مستكشف أفريقي بارز"، تناول جوانب أخرى، تهم المملكة المغربية وتموقعها في العالم، كما فصل في بعض مبادراتها الرائدة، مثل "المبادرة الأطلسية" التي أطلقها الملك محمد السادس في إطار العلاقات المغربية- الأمريكية.

وفيما يلي ترجمة للحوار الذي أجرته الزميلة "Maroc Hebdo" مع البروفيسور عبد السلام الإدريسي، أستاذ علم الأعصاب التنموي في جامعة "نيويورك"، وأحد كتاب هذا الكتاب، الذي يكرم مستكشفا مغربيا، حاز شهرة فائقة في العالم الجديد.

س: بداية.. مصطفى الزموري.. ما هي الدوافع الكامنة وراء توثيق كتاب عن المستكشف المعروف باسم "استيبانيكو"؟

ج: لا شك بأن أنشطتنا الثقافية السابقة لعبت دورًا كبيرًا في بروز فكرة نشر هذا الكتاب، كما أن الحراك الثقافي المثار حول شخصية "مصطفى الزموري" أتاح لنا فرصة تطوير مشروع كتاب:

"Estevanico : Tracing the Footsteps of a Remarkable African Explorer"، الذي ترجمته للعربية هي "استيبانيكو: على خطى مستكشف إفريقي بارز".

الدافع كان بسيطا، فكما أن الأكاديميون والكتاب الأمريكيون عن "مصطفى الزموري"، فإن هذا الأمر ينتفي في المغرب، لذلك ارتأينا أنه من الضروري تسليط الضوء على تاريخه، ولذلك شارك باحثون من جامعات أمريكية مختلفة، بما في ذلك جامعة مدينة نيويورك وجامعة أريزونا، في هذه الوثيقة التاريخية.

أيضا، حظي هذا الكتاب بمساهمة وإشراك باحثين ودبلوماسيين مغاربة أغنوا هذا العمل بمساهماتهم حول شخصية "مصطفى الزموري" وتاريخه من زوايا مختلفة، على أنه وقبل نشر الكتاب، نُظمت العديد من الأنشطة، بما في ذلك ندوة في فبراير 2024 بجامعة مدينة نيويورك، تمحورت حول حياة هذا المستكشف العظيم المتحدر من مدينة أزمور.

س: لماذا النبش في حياة "مصطفى الزموري" بعد أكثر من خمسة قرون على رحلته لأمريكا؟

ج: الأكيد أن اهتمامنا، بحياة هذا المستكشف المغربي، نابع من حدث مهم للغاية، إذ يتزامن تطور هذه الفكرة مع فترة يشهد فيها المغرب انفتاحًا على آفاق جديدة في علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية، وهنا لابد من الإشارة إلى "المبادرة الأطلسية" التي أطلقها الملك محمد السادس، وهي مشروع استراتيجي طموح يهدف إلى إنشاء جسر بين إفريقيا ومنطقة الأطلسي.

وبعيدًا عن الجوانب الجيو- سياسية، فإن نشر هذا الكتاب الجديد يُعتبر بمثابة تأكيد على أن المغرب، الذي عرف شخصيات مثل ابن بطوطة، الذي فتح آفاقًا نحو آسيا، وحسن الوزان (ليون الأفريقي)، الذي فعل الشيء نفسه مع إفريقيا، قدّم أيضًا شخصية أخرى وهي "مصطفى الزموري"، المعروف في الأوساط الأكاديمية والتاريخية والسياسية الأمريكية، بصفته واحدًا من مكتشفي القارة الأمريكية.

س: اخترتم اللغة الإنجليزية كلغة لنشر الكتاب عن "استيبانيكو"، ما الغاية من ذلك؟

ج: إن اختيار اللغة الإنجليزية لم يكن بمحض الصدقة، بالنظر إلى البيئة المؤسساتية القوية التي تتميز بوجود جامعة مدينة نيويورك، وهذا الوجود تمثّل في مشاركة عدد من الأشخاص الناطقين بالإنجليزية في عملية التحرير، فضلا عن ذلك فإن الإنجليزية ليست حاجزًا لغويًا للجمهور المستهدف، خاصة بالنسبة للجالية المغربية المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وهنا يلزم الإقرار بأن معظم الباحثين المشاركين كانوا أمريكيين، لذلك كان من الأسهل عليهم معالجة الموضوع بالاعتماد على منشوراتهم الخاصة. وهناك أسباب أخرى تتعلق بتاريخ الأفارقة الأمريكيين التي دفعتنا لاختيار هذه اللغة.

س: إلى جانب العلاقات المغربية الأمريكية، تتناولون أيضًا العلاقات المغربية الأوروبية، كيف تقيمون هذه العلاقات؟

ج: لقد سعينا لمنح شخصية "مصطفى الزموري" قيمة رمزية في هذه العلاقات الثلاثية، إذ تُعزى هذه العلاقات جزئيًا إلى "استيبانيكو" نفسه،، كمغربي وعربي وأفريقي، عاش العديد من التجارب، من بينها وصول البرتغاليين إلى السواحل الإفريقية عبر المغرب.

ولقد هاجر "مصطفى الزموري" إلى البرتغال في وقت كانت فيه هذه الدولة رائدة في اكتشاف طرق الهند والسواحل الإفريقية، كما أنه عاش أيضًا في إسبانيا، وبالتحديد في إشبيلية، ولكل هذا فقد كان مصطفى "استيبانيكو"، بمثابة جسر رابط بين أوروبا وأمريكا.

س: وصف البعض" مصطفى الزموري" بأنه رجل ذو بشرة داكنة، بينما أشار آخرون إلى أنه كان ببشرة فاتحة. ما رأيكم في هذا الشأن؟

هناك عدة تمثلات لشخصية "مصطفى الزموري"، فأحيانًا يوصف بأنه ذو بشرة فاتحة، وأحيانًا بأنه أسمر البشرة، وهذه هذه القضية تظل معقدة بعض الشيء، لكن من الواضح أن المستكشف "نونيز كابيزا دي فاكا" وصفه بأنه عربي أسمر البشرة ومتحدر من مدينة أزمور.

وعموما فالأساسي هنا هو أن هذا المستكشف، كان ببشرة مائلة إلى اللون الأسمر، وهو أمر غير مستغرب لشخص نشأ في مدينة أزمور التي كانت آنذاك مدينة متعددة الثقافات، حيث تعايش فيها العرب والأمازيغ والأفارقة والإسبان واليهود، على أن التوثيقات التي كُتبت عن سكان تلك المدينة تشير إلى أن "استيبانيكو" لم يكن أسودًا تمامًا، وأن سنواته الثمانية التي قضاها في التنقل بين الغابات والصحاري الأمريكية أسهمت في اسمرار لون بشرته.

س: هل نجحتم في تسليط الضوء على جوانب جديدة من حياته من خلال كتابكم؟

لا شك بأن هذا هو الجانب الغني في هذا العمل، الذي تُوّج بمؤتمر عالي المستوى، كان أحد أهدافنا هو تدوين حياة "مصطفى الزموري" وتقديمه بطريقة أكثر دقة من الناحية التاريخية. كان هذا فرصة لاستكشاف رحلته التي بدأت من المغرب ووصلت إلى العالم الجديد (الولايات المتحدة حاليًا).

ولقد قاد هذه الرحلة "نونيز كابيزا دي فاكا" لاستكشاف ولاية فلوريدا، واتسمت الرحلة بعبور العديد من المناطق، مثل الكاريبي، بما في ذلك "سان دومينغو" (هايتي وجمهورية الدومينيكان حاليًا)، وكوبا، وفلوريدا.

وهذه الرحلة، تواصلت لاحقًا عبر مناطق مثل ألاباما، وتكساس، وأريزونا، ونيو مكسيكو، حتى الوصول إلى المكسيك، أخيرًا، وقد عين "مندوزا"، نائب الملك في المكسيك، مصطفى الزموري" كمرشد ومستكشف لبعثة استكشافية نحو الشمال، لذا كان لزاما علينا تكريمه كمستكشف مغربي جاب العالم الجديد ونقل إلينا معالمه قبل خمسة قرون خلت.

آخر الأخبار