خبير فيروسات: كورونا ينتقل بشكل عشوائي وعلى الانجلوساكسونيين التعلم من المغرب

الكاتب : الجريدة24

12 أبريل 2020 - 03:18
الخط :

حث الدكتور محمد نجم الدين الخبير المغربي في الفيروسات وعلم المناعة الدول الانجلوساكسونية التي تأخرت في اتحاد إجراءات وقائية من فيروس كورونا الى الاقتداء بالتجربة المغربية فيما يخص طريقة تدبير الحجر الصحي.
وأوضح البروفيسور المعتمد في شعبة علوم الأحياء بكلية العلوم بجامعة ابن زهر. وخريج كلية الصيدلة " Châtenay-Malabry" بجامعة "باريس XI" في حوار حصري مع الجريدة24 أن الخطوات التي اعتمدها المغرب للتصدي للجاءحة تعد نموذجية.
وفيما يلي النص الكامل لهذه المقابلة:

ما هي الفيروسات ودورها في الحياة ونفعها وضررها للإنسان؟

يعود اكتشاف الفيروسات إلى عام 1840، والفضل في ذلك يرجع إلى عالم الطبيعة الألماني " Jacob Henle" وكذا فيما بعد إلى تلميذه " Robert Koch" والطبيب الفرنسي " Louis Pasteur".
ولا تعد الفيروسات ضمن الأحياء، فهي تشكيلات مجهرية تسبب وبشكل حتمي خللا في الخلايا، بحيث أنها تتزود منها وتستفيد من طريقة عملها من أجل التكاثر والانتشار، وكل الأحياء على وجه المعمورة مصابة بالفيروسات.
وكما هو معلوم فإن الفيروسات لا تؤثر على حياة الإنسان فقط بل تسبب تداعيات على كل مناحي المنظومات الاقتصادية. الدراسات المنجزة بشأن الفيروسات مكنت من فهم طريقة عمل مستقبلاتها (الخلايا) وكذا نظام المناعة (الدفاع في مواجهة العدوى)، وقد استفاد علم الفيروسات كثيرا من التطور التقني الذي يشهده العالم.
بالنسبة لفيوروس كورونا كيف تطور وظهر؟

"كورونا" هو فيروس مغلف يحتوي على حامض نووي من نوع ل"ARN"، ويصيب الثدييات والطيور. وقد تم عزله مخبريا لأول مرة في 1930، بوصفه مسبب لالتهاب الشعب الهوائية لدى الطيور ولالتهابات المعدة والأمعاء لدى الخنازير فضلا عن التهابات الكبد لدى الفئران.
وعلى مدى الأربعون عاما الأخيرة، ولدواع اقتصادية، تم إخضاع الفيروس للدراسة عند الحيوانات الأليفة. أما فيما يتعلق بالبشر فتتحدد المعرفة في سلالتين من هذا الفيروس التاجي إقترنتا بنزلات البرد العادية خلال الفصول الباردة. لكن الوضع سرعان ما تحول بشكل تراجيدي بعد اكتشاف أصناف جديد من الفيروسات التاجية، كما حدث في 2002 حين ظهور الـ"SRAS" (داء أعراض التنفس الحادة) وقد تسبب في أمراض تنفسية قاتلة للإنسان.
ومكنت العديد من الأبحاث من التعرف على العديد من الفيروسات وكذا خزاناتها، ومن بينها فيروس "COVID-19" الذي ظهر مؤخرا والذي يشابه كثيرا الفيروس القديم مع متغيرات طارئة ومختلفة تجعله غير قابل للرصد من لدن جهاز المناعة البشري.

هل صحيح انه تم زراعته في مصنع الأوبئة بووهان؟

إن هذا الادعاء لا يستقيم من الناحية العلمية، وبالتالي فإن الفيروسات قادرة على التطور من تلقاء نفسها لمغالطة وخداع جهاز المناعة. والمثال الأشهر يتعلق بفيروس داء الانفلونزا الذي يتحول كل عام بما يفرض اكتشاف لقاحات جديدة.
وترجح دراسات أنجزت، مؤخرا، بخصوص فيروس "كورونا" المستجد أنه نتاج تلاقح للفيروسات التاجية لدى عدة حيوانات حاضنة قبل الإنتقال الى البشر.
هل جائحة كورونا ظاهرة طبيعية وما تأثيرها على مستقبل البشرية؟

لا يمكن إخراج جائحة "كورونا" من كوكبة الجائحات التي عرفتها البشرية على مدى العصور، ومن شأن هذه الجائحة أن تجبر الإنسان على تغيير عاداته الاجتماعية والانكباب على التفكير فيما ستصبح عليه الأولويات لدى البشرية جمعاء، لأن صحة الإنسان مرتبطة بشكل وثيق بمحيطه، و في المستقبل لن نكون في مأمن من جائحات أخرى تسببها الفيروسات بسبب الاستنزاف المفرط والمضطرد للبيئة في ظل العول و اقتصاد الإنتاج الضخم.
بالنسبة للعدوى بالفيروس هل هناك قاعدة رياضية تتم بها العملية أم أن الأمر مجرد صدفة؟

هل يمكن أن تنتشر العدوى عن طريق الهواء و مياه الصرف الصحي ومياه الشرب؟

حتى يثبت العكس، يمكن الجزم أن فيروس "كورونا" المستجد يتنقل من شخص لآخر عبر الإتصال المباشر وبطريقة عشوائية، وعلم الرياضيات ها هنا يمكن من استخلاص نماذج موثوقة، يمكن الاستناد إليها فيما يتعلق بانتقال الأمراض المعدية.
وانجزت العديد من الدراسات في وقت وجيز لاستيعاب طريقة انتقال فيروس "COVID-19"، وما هو معروف حتى الساعة، أن انتقال الفيروس يتم عبر الاحتكاك المباشر بين الأشخاص عن طريق قطرات الرذاذ التي تنتشر عبر التنفس أو السعال من لدن الأشخاص المصابين.
كذلك، يستطيع الفيروس التواجد في الطبيعة كما الشأن بالنسبة للمياه العادمة، لكن يصعب الجزم في غياب يقين علمي بشأن فترة بقائه ودرجة عدواه.

هل الحجر الصحي كفيل بوقف انتشار العدوى؟

لقد أثبت الحجر الصحي المتمثل في خلق تباعد اجتماعي فعاليته في الصين وفي كوريا الجنوبية، إذ يمكن في مدة وجيزة من وقف انتشار العدوى، وفي هذا الشأن يلزم تثمين سرعة مبادرة سلطات البلاد إلى إعلان حالة الطواريء الصحية وكذا التنويه بحرص السلطات على تطبيق الإجراءات الكفيلة بذلك وتعزيزها، فضلا عن العمل المبذول من مهنيي قطاع الصحة وعنايتهم بالمرضى المصابين.
ويلزم التذكير أن التشخيص المبكر بالإصابة أصبح ضروري ويكتسي أهمية قصوى، من أجل رصد بؤر انتشار الفيروس وبالتالي حصرها استباقيا من اجل التعجيل بالعودة للحياة الطبيعية في أقرب وقت.
كانت هناك تحذيرات بان ذروة انتشار الفيروس بالمغرب وشمال افريقيا ستكون في بداية ماي، الى اي حد مثل هذه التحذيرات صحيحة؟
جامعيون مغاربة تنبؤوا ان ذروة العدوى ستتوقف عند حد 8 آلاف إصابة والوفيات الف الى اي حد مثل هذه التنبؤات صحيحة؟

إن هذه التوقعات بدرت عن أخصائيين معترف بهم وذلك بناء على نماذج رياضية وكذا المعطيات المتوفرةّ، ومن شأن هذه التوقعات أن تساهم في وضع استراتيجية للوقاية تنسجم مع الجائحة التي تجتاح المغرب.
خبراء في علم الفيروسات تحدثوا عن مناعة القطيع، كخيار وحيد أمام البشر لمواجهة الجائحة، هل يمكن الاستلام لهذا الأمر؟

من أجل محاربة عدوى "COVID-19"، يلزم كل فرد أن يطور من جهاز مناعته بشكل ملائم، وهي الفرضية التي تم الدفاع عنها بقوة في بداية الجائحة من قبل السلطات الصحية خاصة في المملكة المتحدة.
لكن المنظومة الصحية سرعان ما تضررت، بما استوجب العودة إلى تدابير الحجر الصحي والحد من التنقلات كما هو معتمد في المغرب، ومن هذا المنطلق يمكننا تصدير تجربتنا في العزل الصحي التي اثبتت إلى حد الآن نجاعتها إلى الدول الأنجلو-ساكسونية.

في المقابل وخلال هذه الأزمة يلزم التكفل والعناية بالمرضى من الفئات الهشة، وتحديد بؤر تواجد الفيروس ومحاصرته. وبعد التقليل من المخاطر، يمكن حينها الاعتماد على خيار تطوير الأفراد لأجهزة مناعتهم بصفة تلقائية.

الدكتور محمد نجم الدين
عالم في الفيروسات وعلم المناعة
بروفيسور في شعبة علوم الأحياء بكلية العلوم بجامعة ابن زهر اكادير.
عضو في "جمعية علم الأحياء الدقيقة العامة" ؛ و "الجمعية الدولية للفيروسات الارتجاعية البشرية".
خريج كلية الصيدلة " Châtenay-Malabry" بجامعة "باريس XI".
-باحث سابق في قسم المناعة ،London Imperial College، لندن ، المملكة المتحدة.
- باحث سابق في مختبر الأورام الفيروسية ، معهد Andre Lwoff بالمركز الوطني للبحث العلمي ، باريس ، فرنسا ؛
-باحث سابق في مختبر قطبية الخلية ونقل البروتين ، بالمعهد الوطني للصحة و البحث الطبي ، جامعة بيير وماري كوري ، باريس ، فرنسا ؛
- باحث سابق في مختبر علم الفيروسات والمناعة الجزيئية ، بالمعهد الوطني للبحث الزراعي ، باريس ، فرنسا.

آخر الأخبار