أوجار: "ليس لاقتصاد الهمزة والشعبويين مكان بيننا"

الكاتب : الجريدة24

22 أبريل 2020 - 06:00
الخط :

وجد محمد أوجار في الحجر الصحي ضالته بعدما كان برنامجه السياسي والحزبي الميداني يملأ معظم وقته، حيث كان يتنقل بشكل دوري لمتابعة الانشطة بجهة الشرق بالإضافة إلى تواجده خارج المغرب في إطار عمل قبيل الحجر بأيام.

عاد إلى أسرته واكتشف من جديد أبناءه ومواهب زوجته العالية في الطبخ، فالرجل بحسب ما حكى لنا اختار أن يعيش حياة عادية لا تتأثر بتقلبات السياسي حيث اعتاد أبناؤه على نمط عيش مستقر لا يرتفع مع ارتفاع رتبته إلى وزير ولا ينخفض بعد ذهاب جبة رجل الدولة.
عاد أيضا إلى الأوراق والكتب حيث قرأ طيلة فترة الحجر مذكرات اليوسفي والمعسول للعلامة مختار السوسي، وروايات علاء الأصواني الروائي المصري المميز كما وصفه، ومحمد الأشعري..وعاد للكثير من الاشياء التي كتبت حول تجربة الإنصاف والمصالحة خاصة كتاب "كذلك كان" لمبارك بودرقة وأحمد شوقي.

العودة النقدية لهذه المرحلة كانت مثرية بالنسبة له باعتبار أنه كان وزيرا لحقوق الانسان بحكومة عبد الرحمان اليوسفي وعايش كل التحولات الحقوقية في المغرب.
ومن جهة أخرى كان الحجر فرصة للانكباب على الكتابة التي بدأها منذ زمن حول مسار التحول الديمقراطي في المغرب مؤكدا أن كتابه بهذا الخصوص سيخرج إلى الوجود قريبا.
وبالاضافة الى الكتابة والمطالعة يمارس أوجار رياضته بشكل يومي، ويستمتع بنقاشات مطولة مع أبنائه الذين يعيشون معه بالمنزل وأبنائه الموجودين في باريس ودبي والذين يعملون في القطاع المالي الخاص وقطاع الاتصالات.

واكتشف أوجار لأول مرة العالم الرقمي الجديد إذ فرض عليه الحجر الاشتغال عن بعد والاجتماع عن طريق ما توفره التكنولوجيا وهو الذي كان يحلم بالوصول الى المحكمة الرقمية خلال شغله منصب وزير العدل.

دعوة لفعل سياسي جديد..

أوجار السياسي والوزير السابق وجد هذه الجائحة فرصة سانحة لتغيير نمط اشتغال الفاعلين السياسيين والابتعاد عن الخطابات والممارسات الشعبوية والتوجه نحو خطابات عقلانية علمية تختفي معها "فوقعات" دغدغة المشاعر وتحل محلها كتل من الكفاءات الحقيقية في المشهد السياسي.

التواضع ونكران الذات، بالنسبة لأوجار سلاح تنضاف إليه  الجرأة والشجاعة الفكرية من أجل إيجاد دور له كفاعل سياسي لمواجهة الجائحة وما بعدها، ويرى أن الفاعل السياسي اليوم يواجه بحدة سؤال المصداقية النجاعة والكفاءة في مواجهة هذه الأزمة.

وتابع إن هذا الفاعل يجب أن يعيد النظر في رؤيته للمغرب ويعيد ترتيب أولوياته ورسم علاقاته مع المجتمع وأن يحاول إبتداع منهجية جديدة في التعامل مع الشان العام تقوم أولا على الانتصار دائما للمصالح العليا للوطن والابتعاد عن الشعبويات الفارغة التي تدغدغ عواطف الناس، والنأي بنفسه عن الاعتبارات الحزبية الضيقة وفسح المجال في فعله وعمله لطاقات تزخر بها الجامعات، والاعتماد على الاستماع للخبرة وللعلم ولوسائل الاعلام إضافة إلى السعي الصادق مع الآخرين لبلورة ردود قادرة على الاستجابة للتطلعات.

بشاعة الواقع..وفشل المشروع التربوي.

قال أوجار أن هذه الجائحة "فجرت أمام أعيننا بشاعة الواقع وحجم الفقر والمعاناة التي تعيشها المناطق المحيطة بالمدن" موضحا أن هناك عجزا اجتماعيا بينا وقصورا في العدالة المجالية بين الجهات، مشيرا أن ما "اكتشفناه من قدرتنا الجماعية حين تصدق النيات على تعبئة كثير من الموارد، وما حدث من تعبئة لإصلاح المستشفيات قادر على حل مشاكل المغرب".

وأضاف "المستشفى العمومي الذي كان يجمع الجميع على رداءة خدماته، أبان أنه قادر لحد الان هلى مواجهة الجائحة وذلك بفضل تلتضامن الوطني وتوفير الامكانيات والسرعة في اتخاذ القرار وسرعة المبادرة".

ومن جهة أخرى أشار إلى وجود بعض الممارسات كشفت بالملموس فشل المشروع التربوي من تربية على المواطنة وعلى القيم، وهو الأمر الذي يفترض أن تساهم فيها المدرسة ووسائل الإعلام ومؤسسات التنشئة الاجتماعية والأحزاب وكل الفعاليات.
وقال أن ما يحدث من ممارسات لخرق التباعد الاجتماعي والاكتظاظ الذي نراه في الأحياء الشعبية غير مقبول، مشددا على ضرورة إصلاح هذا العجز التربوي .

مقاولات لم تظهر مواطنتها..
استنكر أوجار سلوك بعض المقاولات والمؤسسات الإعلامية التي لم تظهر مواطنة عالية في التعامل مع الأزمة، والتي باشرت اتخاذ مجموعة من الإجرات التعسفية في حق أجرائها مؤكدا أنه "لابد أن تكون الدولة صارمة وحازمة في مواجهة كل من يحاول أن يتاجر بهذه المحنة وأن يحقق أرباحا ومكاسب مالية في خضم الجائحة" مضيفا "لابد أن يقع ضغط سياسي واجتماعي وإعلامي لنقول كفى لهؤلاء لأن المغرب الجديد لا يمكن أن يقبل بهذه الممارسات الشاذة، فنحن بحاجة لمغرب يتعايش فيه الغني والفقير، والمرفق العام والخاص لكن على قواعد أخلاقية تنتصر للمواطن، وتفتح باب التنافس الشريف على قاعدة احترام الالتزامات والابتعاد عن كل أشكال "اقتصاد الهمزة" والعقليات التي لا ترى في هذه الجائحة إلا فرصة للاغتناء".

توافق وطني..

لا يمكن إلا الافتخار بالمؤسسة الملكية في المغرب، هذا درس آخر يقول أوجار ينبغي على الجميع استيعابه، موضحا أن هذه المؤسسة نجحت  في بلورة توافق وطني واسع حول كل المبادرات التي اتخذها المغرب في ظل الجائحة.

وعاد السياسي الذي تربى بين أحضان حزب الحمامة ورجاله الأولين، إلى التاريخ ليذكر أن الملكية نجحت دائما في صناعة التوافقات، في المسيرة الخضراء و ثورة الملك والشعب، "اليوم أيضا نشهد لحظة توافق واسع فجره ملك البلاد وهذه مناسبة سانحة لإنجاز الإصلاحات التي عجزنا عنها في الماضي"، شريطة أن يتأسس هذا الاجماع على قيم جديدة وعلى إرادة جماعية لإنجاز جيل جديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وسيتمكن هذا الاجماع  من تقوية جبهة المغرب الداخلية كما سينجح في توفير المناخ الذي يسمح لكل الطاقات الوطنية بالتعبير عن عبقريتها في صيغ تضامنية وضمن عمل جماعي لا يلغي التعددية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

مغرب ما بعد كورونا..

يجب أن يظل متمسكا بدولة القانون والحقوق والحريات..وأن يكون دولة قوية، موضحا أن الدولة القوية ليست هي الدولة السلطوية التي تبطش بالمواطنين، وإنما تلك الدولة التي تحرص على أن تبني قوتها وتواجدها على احترام الدستور وعلى معاقبة من يخرق القانون.

المغرب الجديد سيشتغل بنفسية جديدة، يتعاون فيها المدني والعسكري.
وينبغي أن يبنى بأحزاب سياسية جديدة تمارس عملية نقد ذاتي واسعة وعميقة لمساءلة هيكلتها وأدائها وفلسفتها وبرامجها وطرق اشتغالها مع المواطن، أحزاب تضم نخبا جديدة و خبراء وعلماء لنعيد للسياسة انشغالها الجدي.

التجمع الوطني للأحرار..
قال أوجار أن حزبه يشتغل على سؤال "كيفية العمل بعد الأزمة" ويدرس في اجتماعات عن بعد الأوضاع الحالية من أجل استخلاص العبر، ويبحث نوعية النخب التي سيشتغل بها والأفكار والاستراتيجيات التي سيقترحها على المغاربة.
"سنسعى لاستقطاب الذين لم يكونوا يمارسون السياسة ويعتبرون أنفسهم خارج السياسة" واسترسل متسائلا "لماذا لا نفكر في لائحة جديدة للعلماء والخبراء لإثراء المؤسسات النيابية والبلدية بخبرات توجد في الجامعات والمقاولات ومنظمات المجتمع المدني لكي تتمكن الاحزاب من أداء أدوار مؤثرة بعيدا عن العمل الكلاسيكي والانتخابي" مضيفا "البرلمان إلى بقاو كيجيولو ناس من عينة معينة فلن يتغير شيء".

 

 

آخر الأخبار