دبلوماسية الرضوخ الجزائري ووهن بيت العنكبوت

الكاتب : الجريدة24

08 يناير 2024 - 11:10
الخط :

هشام رماح

في كل مرة يرضخ النظام العسكري الجزائري للواقع، ويبدي للعالمين أنه يجترح لنفسه إهانات غير مسبوقة في علاقاته بجواره، فكما قرر الـ"كابرانات" إعادة سفيرهم إلى "باماكو" في الخامس من يناير الجاري، بعد شد وجذب مع جارتهم الجنوبية مالي، التي حاولوا اللعب مع قيادتها الجديدة، اضطروا أيضا، في وقت سابق لإعادة سفيريهما صاغرين إلى مدريد وبقبلها باريس بعدما عنت إليهم فكرة اللعب مع الكبار بألاعيب الصغار.

ولم يعد خفيا أن النظام العسكري الجزائري يتخبط في علاقاته بدول الجوار، ويتقلب ذات اليمين وذات الشمال محاولا الظهور بمظهر قوي، لكن سرعان ما تفضح الأيام ضعفه ووهنه، وهو ما تم حينما أذعنت الجزائر للأمر الواقع بعدما انفضحت سرائر "كابراناتها" الذين سعوا لإثارة الفتن في مالي، لتسحب الأخيرة سفيرها ويبادلها النظام العسكري بالمثل، إلى حين أعاد سفيره خاضعا خانعا إلى "باماكو"، دون أن تنحو الأخيرة لنفس الفعل.

وليس ما اقترفه النظام العسكري في حق نفسه جديدا، فقد نهج نفس النهج مع فرنسا حينما أخذته الحمية وسحب سفيره من باريس لذر الرماد في عيون الجزائريين، وسعيا لإيهامهم أن حكامهم لا يلينون، لكن سرعان ما وقفوا على فداحة ما قاموا به وأعادوا السفير إلى مكنه خاضعا بدوره، وهو أمر جرى إسقاطه بالحرف في العلاقات الجزائرية الإسبانية، بعدما تمت إعادة السفير الجزائري إلى مدريد وهو يجر أذيال الخيبة بعد طول جفاء لم يفضي لشيء مع الإسبان.

ورضخت الجزائر كرها للأمر الواقع، لتعيد سفيرها، إلى العاصمة المالية، بعدما كان العسكر استدعاه بعد التصعيد الذي طال العلاقات بين الجزائر ومالي بعدما نخرت الأولى في شؤون الثانية، وسعت لخراب مالي بإثارة النعرات فيها، من خلال تمويل ودعم معارضين إرهابيين وانفصاليين للحكومة القائمة في مالي والتي واجهت الجزائر بسوء أفعالها لتسحب سفيرها من هناك.

وفيما أعادت الجزائر سفيرها إلى مالي، فإن هذه العودة لم تقابلها بعد عودة السفير المالي إلى الجزائر، في تجل سافر لحالات الرضوخ الجزائرية التي تكررت لتصبح معتادة، ولتكشف عن التهور المتجذر في نفوس حكام الجارة الشرقية بالسليقة، وهو أمر يتجلى في حالة إعادة "سعيد موسي" السفير الجزائري، إلى باريس في مارس 2023، بعد محاولة فاشلة للظهور بمظهر الغاضب من الوصاية الفرنسية وعتاب الرئيس "إيمانويل ماكرون" لعبد المجيد تبون بشأن قضية الطبيبة الصحفية أميرة بوراوي، التي تم تهجيرها نحو فرنسا عبر تونس.

ثم إن النظام العسكري الجزائري، انحنى للإسبان وأعاد سفيرها إلى العاصمة الإسبانية، شهر نونبر الماضي، بعدما جرى سحبه لنحو 18 شهر منذ سحبه في أبريل 2022، على خلفية إعلان "بيدرو سانشيز"، رئيس الحكومة الإسبانية دعمه لمقترح الحكم الذاتي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء وتأكيده عزم إسبانيا وضع اليد في اليد مع المغرب لرسم معالم المستقبل.

إنها شذرات من واقع دبلوماسي جزائري متخبط، يحيل على أن "القوة الضارطة" لا تنفك تضر نفسها بمحاولتها الظهور بمظهر القوة وهي واهنة وداخلها أوهن من بيت العنكبوت.

آخر الأخبار