التطبيع مع اسرائيل...العدالة والتنمية مجبر أخاك لا بطل

الكاتب : الجريدة24

28 ديسمبر 2020 - 10:00
الخط :

عبد الصمد غرنيط

أثارني في تغريدة كتبها أمس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد المكالمة الهاتفية مع العاهل المغربي الملك محمد السادس حول اتفاقهما على وصول وفد مغربي إلى إسرائيل بداية الأسبوع المقبل.

بمجرد أن قرأت تدوينة نتنياهو تساءلت عن من هي يا ترى الشخصيات الحزبية المشاركة في الحكومة التي سيتم اختيارها لتتحمل المسؤولية بدورها وتشكل وفدا يمثل المغرب في تل ابيب؟!

إذا كان الزعيم عبد الإله بنكيران "المبعد من رئاسة الحكومة بسبب مواقفه" قد تكلم على أن مسؤولية حزب العدالة والتنمية "الحاكم" هي ما ألزمت الدكتور سعد الدين العثماني كرئيس للحكومة على التوقيع على بروتوكول الإتفاق المغربي الإسرائيلي بصفته الحكومية.

فقد سجل التاريخ أن سعد الدين العثماني رئيس حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية سبق له أن أعرب عن موقف الحزب خلال كلمة ألقاها بمناسبة الملتقى 16 لشبيبة حزبه انتقد بشدة فيها التطبيع مع "إسرائيل"، واعتبرها خطوط حمراء بالنسبة للمغرب ملكا وحكومة وشعبا.

وذهب بعيدا الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وقال أن موقف المغرب هو الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والمسجد الأقصى المبارك، ورفض أي عملية تهويد أو التفاف على حقوق الفلسطينيين والمقدسيين وعروبة وإسلامية المسجد الأقصى والقدس الشريف".

 

أكثر من هذا فقد خرجت شبيبة حزب العدالة واستنكرت عبر رئيسها محمد أمكراز عملية التطبيع بمجرد أن أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وعبر محمد أمكراز عن نفس موقف أمين عام حزبه العدالة والتنمية رغم أن الحزب يترأس الحكومة، ورغم أن أمكراز يتقلد صفة وزير الشغل في الحكومة.

ماذا يعني هذا؟

هذا يعني أن حزب العدالة والتنمية رغم ترأسه للحكومة فوزرائه لم يكونوا يعلمون بهذه الصفقة، وهذا ما أكده وزير الشؤون الخارجية في كل خرجاته الإعلامية على أن المفاوضات مع أمريكا رعاها ملك البلاد شخصيًا، وأُجريت بعيدا عن الحكومة.

نعم أن حزب العدالة والتنمية ثمّن الموقف الأمريكي بالاعتراف بمغربية الصحراء المغربية، هذه القضية التي جعلها الحزب منذ نشأته من أولويات أولوياته، وهو نفس الموقف الذي كان يتبناه رجالاته منذ أن كانت حركتهم ممنوعة من العمل الحزبي، وحتى مند أن كان يزج بأعضاء الحركة الإسلامية في السجون.

فقد اختلفت آراء قيادات الحركة الإسلامية حول التوجهات السياسية، لكنها لم تختلف حول القضية الوطنية الأولى، وحملت القضية الفلسطينية مند الوهلة الأولى.

حزب العدالة والتنمية كان أول من استنكر استضافة حكومة اليوسفي للوفد الإسرائيلي ضمن اجتماع الأممية الاشتراكية بالدار البيضاء.

واحتج الحزب كذلك عندما سمحت حكومة عباس الفاسي بإستضافة معهد أماديوس المفلس الذي يشرف عليه نجل وزير خارجية حزب الإستقلال السابق لوزيرة الخارجية الاسرائلية تسيبي ليفني في حكومة مجرم الحرب أرئيل شارون.

ففي الوقت التي تحالفت فيه الكثير من هذه الحكومات، وعدد من الأحزاب وغيرها على تدمير حزب العدالة والتنمية فقط بسبب مرجعيته، إلى حد أن طالب بعضها بحله.

فإن حزب العدالة والتنمية كان يعلم أن العديد من هاته الأحزاب قد فقد فيها الناخب المغربي المصداقيه، وبدأ يدفع بها نحو الانحطاط، ولم يكن من بديل لدى هذا الناخب سوى حزب يثق في مرجعيته الإسلامية المعتدلة بالدرجة الأولى.

حزب وصل إلى الحكومة بعمله، وجده وكدِّه، وقادها لعشر سنوات متتالية لحد الآن، لم يُنعت قياديوها بنهب أموال الشعب حتى اليوم.

ورغم تبخيس عمله من طرف جيوب المقاومة من مختلف الاتجاهات، ظلت مواقف الحزب هي هي، وثقت الملك محمد السادس فيه هي هي، وعبر عن ذلك الملك في أكثر من مرة.

ولا أدل على ذلك إعادة الناخب الثقة في حزب العدالة والتنمية للمرة الثانية،  فأعلن عنه "بلوكاج" دام لتسعة أشهر بسبب مواقف رئيس الحكومة المعين أنداك عبد الإله بن كيران، الذي تعذر عليه معه تشكيل الحكومة.

ورغم محاولات انقلاب هذه الأحزاب على الشرعية الانتخابية، بمحاولاتها إبعاد حزب العدالة من رئاسة الحكومة، إلاّ أن الملك تدخل وأعاد الأمور إلى نصابها، وجدد التقة في الدكتور سعد الدين العثماني من نفس الحزب الذي اختارته صناديق الإقتراع، وليس غيرها.

إذن، إذا كان حزب العدالة والتنمية لم يستطع تغيير كل المنكر لا بيده، ولا حتى بلسانه منذ توليه الحكومة. فإن لم يستطع، فإنه يغير المنكر بقلبه.

مصداقاً لقوله تعالى بعد باسم الله الرحمن الرحيم "قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ" صدق الله العظيم.

رأي