القيم الديني بالمغرب: الإطار التشريعي والوظيفي

الكاتب : الجريدة24

05 أبريل 2021 - 11:00
الخط :

 

محمد أكعبور- مرشد ديني وباحث في الخطاب والإعلام الديني

أصبح الفاعل الديني بالمغرب مكونا من مكونات المجتمع المدني العصري، يساهم في بناء القدرات العاطفية والدينية والروحية والثقافية للمغاربة .

فمصطلح القيم الديني –دلالة جمعية-خاص بالمغرب وهو من المعجم الديني الذي راكمته بلادنا،وأصبحت تعرف به في المنتديات والمحافل الرسمية والمدنية الوطنية منها والدولية، له أصول تاريخية متجذرة ممتدة في الزمان والمكان ، بما له من مسؤوليات اجتماعية ودينية وروحية وثقافية وظيفية بالنص التشريعي -الظهير الشريف رقم 1.14.104 صادر في 20 من رجب 1435هـ 20 ماي 2014المنظم لمهام القيمين الدينيين-الذي يعتبر مكسبا للفاعل الديني المدني على غرار الفعاليات الأخرى المجتمعية،لكونه ضامنا للحقوق المكفولة إليه وهو رسم لخارطة الطريق لوظيفته الشريفة النبيلة بما هي إنابة شرعية عن الإمام الأعظم ؛أمير المؤمنين ،الضامن الرسمي له ولحقوقه، في بلد إمارة المؤمنين.

وصدور الظهير الشريف هذا، دليل على مدى وعي الدولة المغربية الحديثة بنجاعة وفعالية وأداء الوظيفة الدينية في جانبها التعبدي والأدائي وفي إطار من تقنين هذه الوظيفة الدينية التي حددها الظهير الشريف المذكور في مستويين:

وظائف دينية. وظائف تقنية . والفاعل الديني في المغرب على ضربين :

فاعل رسمي :مؤسسة إمارة المؤمنين والمؤسسات المأذون لها بتدبير المجال والإشراف المباشر على قطاع الأوقاف والشؤون الإسلامية ببلادنا من مؤسسات ذات صبغة واختصاصات قانونية وإدارية وتدبيرية ،ومؤسسات ذات صبغة علمية وأكاديمية ومؤسسات ذات صبغة واختصاصات اجتماعية تكافلية تضامنية تكفلية ومؤسسات ذات صبغة واختصاصات تعليمية عليا تحت إشراف المباشر لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية .

فاعل مدني :القيمون الدينيون على منطوق الظهير الشريف أعلاه .

وقد تم ترجمة الاهتمام الخاص بالقيمين الدينيين رسميا ببلادنا ، بتنصيص وبموجب الظهير الشريف رقم 1.16.38 لـ 17 جمادى الأولى 1437(26 فبراير 2016) المحدد لاختصاصات وتنظيم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية،بإحداث :

مديرية تدبير شؤون القيمين الدينيين،والتي من مهامها ،ما يلي:

تنظيم المهام الدينية.

العمل عل توفير القيمين الدينيين المؤهلين لمزاولة المهام الدينية، القادرين على المساهمة في تنفيذ برامج إعادة تأهيل الحقل الديني

تدبير شؤون القيمين الدينيين، وتتبع أحواله، وتمكينهم من الأدوات والوسائل اللازمة لأداء مهامهم.

القيام بالإجراءات اللازمة للرفع من مردوديتهم وتحسين مستواهم العلمي والمعرفي، بتنسيق مع المجالس العلمية المحلية.

العمل على تحسين وضعيتهم المادية، وتعميم استفادتهم من الخدمات الاجتماعية المقدمة من المؤسسات المختصة، وتوسيعها وتطويرها، والإشراف على تدبير التأمين الصحي الخاص بهم.

تتبع الأنشطة الدينية والعلمية المنظمة من طرفهم، أو بمساهمة منهم، وإنجاز تقارير دورية عنها.

وفي قراءة لنا لهذه المهام يتضح أنها تستهدف المجالات التالية :

1-الكفاءة المهنية لتنفيذ برامج الوزارة الموكولة إليها ،في إطار جودة الخدمة الدينية ،كل حسب وظيفته في ضبط وتقنين المهام.

2-التدبير الجيد للموارد البشرية مع تزويدها بوسائل الأداء والتنفيذ،والعنصر البشري أساس التنمية البشرية والدينية والعمرانية .

3-التكوين والتأهيل المعرفي والتتبع الميداني والمتابعة الموازية للرفع من المردودية العلمية بتنسيق مع المجالس العلمية المحلية، عبر جهات الوطن ،والتكوين المستمر أثبت نجاعته وقدرته الفعالة ذات النتائج الجيدة بأقصى سرعة ممكنة مع ربح الجهد وخفض الطاقة وتدبير الوقت والفضاء ،والتدبير الزمني رهان المؤسسة الناجحة الناتجة.

4-التدبير الاجتماعي المؤسساتي لملفات القيم الديني ولذوي الحقوق من أهله وبنيه ،إذ الجانب الاجتماعي هو الشغل الشاغل في الوعي الفردي والجماعي والمؤسساتي في الدولة المغربية العصرية ،وقد لاحظنا إنشاء مؤسسات موازية اجتماعية لمؤسسات تدبيرية وقانونية وإدارية ومالية وقضائية،أفلا يكون للقيم الديني من يسهر على التكفل به وذويه اجتماعيا في فترات عمرية ووظيفية وفي الحالات الاجتماعية التي تعتري الحالة المدنية للفاعل الاجتماعي ،وكذلك كان .

5-تذييل الإنجاز والعمل الميداني والوظيفي والإشهاد عليه من لدن القيم الديني في أداء لواجبه المهني على غرار الفاعلين الآخرين في قطاعات وظيفية رسمية –عمومية أو خاصة ،مقابل تلقيه حقوقه المكفولة إليه .

إن لفظتي القيم الديني ببلادنا ،وبفضل عمل الجهات الرسمية التي قننتها ،فرقَّت بها إلى مستوى مصطلح تشريعي بعد أن تم تداوله إعلاميا رسميا في إطار تدخلات الفاعل الديني الرسمي وتوظيفه توظيفيا وظيفيا مركزيا وإجرائيا في حمولة دلالية اقتضائية ليكون له بعد ذلك فرادة وخاصية مغربية ،أصبح متداولا مدنيا واجتماعيا .

هذا ،ولا يزال مصطلح القيم الديني ،مصطلحا وظيفيا وفخرا لحامليه ومستعمليه من كونه يشير إلى فئة من أهل الله وخاصته المشتغلين ببيوت الله وهم عمارها الأولون عمارة مادية -الحضور المادي /الجسدي ومعنويا في إطار الحضور الذهني لدى رواد مساجد المملكة المغربية على ربوعها العزيزة العالية الغالية .

والقيم الديني لا تقام إلا بحضوره الجماعات ،فهو الخاتم للدعوات ؛البادئ للقراءات؛ الحافظ على الخاصيات المغربية في التدين والثقافات والحضارات ؛ينشر الخطب والدروس والعظات ؛يؤلف الجماعات ويرفع الأذانات ويعلم الصبيان والصبايا من الذكور والإناث السور والآيات يحضر المناسبات وينوب في الخطب والصلوات يعتلي الدرجات في الجمعات إيعاظا للناس من السيئات اتقاء للدركات وكسبا للحسنات.

وبه يقتدي المغاربة والمغربيات إدراكا منهم أنه النائب الشرعي عن أمير المؤمنين المبايع من طرفهم بالحب والتبريكات والتحيات من أجل رفع التحديات التي تواجه المواطنين والمواطنات،وإليه يرفع القيم الديني الدعوات بالمسرات دبر الصلوات المفروضات بالقول بعده التأمينات من لدن المصلين والمصليات ،بل وفي الخلوات والجلوات في إخلاص منه للثوابت والمقدسات.

ذلك هو القيم الديني إن سألتني عنه ،أجبك بالنص والتشريع والقانون والواقع والعرف والعمل.

آخر الأخبار