بدون رأسمال رمزي ولا برامج حزبية.. هكذا يمكن أن تكسب مقعدا انتخابيا

الكاتب : الجريدة24

02 سبتمبر 2021 - 10:20
الخط :

أحمد امشكح

في عز الحملة الانتخابية التي دخلتها بلادنا استعدادا لاستحقاقات الثامن من شتنبر، يطرح السؤال : هل تكفي الشعارت والخطب الرنانة والبرامج الانتخابية التي تقدمها الأحزاب السياسية لناخبيها أثناء هذه الحملة الانتخابية، لكسب المقعد الانتخابي، أم أن الأمر في حاجة لأشياء أخرى فيها ما هو مالي وما هو عيني، ورمزي أيضا. وهي أشياء تتباين من حزب سياسي لآخر، ومن مرشح لآخر؟

تعتبر الانتخابات، بحسب التفسير القانوني والسياسي، الصيغة المثلى لوجه الديمقراطية من خلال التعرف على رغبات الناخبين.

وفي مغرب اليوم، كما الأمس، لا يخفي العارفون بخبايا الأمور أن جل الاستحقاقات الانتخابية، هي سوق كبيرة تلغي البرامج والخطب والشعارات، ويحضر بديلا عنها البيع والشراء ماديا أو عينيا. لذلك كثيرا ما انتصر هذا التوجه على كل ما تقدمه الاستحقاقات من عناصر أخرى إذا عرف المرشح وتنظيمه الحزبي كيف يكسب هذه السوق الكبيرة، وكيف يروج لسلعته لتنافس بقية السلع المعروضة. لذلك تقول نتائج جل الاستحقاقات التي عرفها المغرب إن نسبة كبيرة ممن يصلون سواء إلى البرلمان تحديدا، أو إلى الجماعات المحلية، هم أعيان توفرت لهم الإمكانيات المادية التي ساعدتهم على كسب الرهان. ويصبح بذلك الانتماء الحزبي مجرد صيغة لاستكمال المشهد، وإعطاء لعبة الديمقراطية قيمتها. ولذلك أيضا نتابع كيف يغير أكثر من مرشح جلده السياسي مع حلول كل محطة انتخابية إذا ما اكتشف أن مصلحته الخاصة قد تتعارض مع مصلحة التنظيم الحزبي المنتمي إليه.

انتخابات في حاجة لإمكانيات كبيرة

إن كسب رهان الاستحقاقات لا بد أن يمر عبر محطة الموارد المالية أكثر من البرامج ومن الشعارات والحملات الانتخابية. ومن تم تصبح عملية اختيار المرشحين وتوزيع التزكيات مرهونة بتوفر المرشح على حد أدنى من الموارد المالية الخاصة قبل أن يدخل التنظيم الحزبي على الخط. ولا يشكل الدعم المالي الذي يصرفه الحزب إلا نسبة ضئيلة مما تحتاجه معركة كسب المقعد. ومن تم تسعى جل الأحزاب السياسية، وهي توزع تزكياتها على هذا الشرط الأساسي بالنسبة لها. ودخلت أحزاب كانت إلى الأمس القريب تنادي باعتبار الانتخابات مجرد واجهة نضالية لإسماع صوت الحزب، سباق كسب المقاعد بمرشحين قادرين على ذلك ليس برأسمالهم السياسي، ولكن بما يتوفر لهم من إمكانيات مالية كافية لمواجهة السوق.

ويتحدث المتتبعون للشأن الحزبي المغربي عن حزب الاستقلال مثلا الذي ظل يفتح أبوابه لكل القادرين على كسب المقعد بقطع النظر عن انتماءاتهم السابقة، أو ولائهم الحقيقي للحزب.

كما سار على نفس النهج بعده حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي أوجد لهؤلاء الأعيان صيغة ما عرف بالانفتاح.

أما أحزاب ما عرف باليمين، كما هو حال الحركة الشعبية مثلا أو التجمع الوطني للأحرار، أو الحزب الوطني الديمقراطي سابقا. أو الأصالة والمعاصرة الحديث العهد بالحياة السياسية، فقد ظلت تعتمد بدرجة كبيرة على الأعيان القادرين على كسب المعركة.

يحتاج المرشح في المحطة الأولى، عمليا لأشهر كافية قبل الانخراط في حملته الانتخابية، إلى موارد مالية للتحرك في دائرته الانتخابية من أجل أن يعيد معه أواصر التعارف التي تكون قد انقطعت على مدار التجربة الانتخابية المنتهية. وعليه أن يكون حاضرا في كل المحطات ذات البعد الاجتماعي سواء تعلق الأمر بالأفراح أو الأحزان. فلا بد للمرشح أن يعيد مرضى دائرته الانتخابية، ويقدم التعازي لمن فارق الحياة. كما يجب عليه أن يكون حاضرا في أعراس ناخبيه ليقدم الهدايا التي تليق بحجمه كمرشح مستقبلي. وعلى الرغم من أن هذه السلوكات تبدو خارج مهامه السياسية وخارج المهام التي يفترض أن يقوم بها المرشح سواء بداخل مجلس النواب أو بالجماعات المحلية، إلا أنها حاضرة بقوة في المشهد الانتخابي المغربي، وتحتاج لمصاريف غالبا ما تكون ذاتية.

ثاني المحطات التي تفرض على المرشح أن يكون حاضرا فيها على المستوى المالي، هي بداية الحملة الانتخابية. فكل العمليات اللوجستيكية تفرض مصاريف هي أكبر بكثير مما يصرفه الحزب لمرشحه.

فالأمر يحتاج لأسطول من السيارات التي يتم كراؤها في الغالب الأعم بعد أن انتهت عملية التطوع الحزبي التي كانت سائدة فيما قبل. ويحتاج هذا الأسطول للبنزين، ولأجور السائقين وتعويضات الأكل. كما تحتاج العملية لأداء تعويضات جزافية للمتطوعين للقيام رفقة المرشح بحملته الانتخابية. وهم في الغالب جماعة من الشباب الذي يجد في هذه المناسبة فرصته لكسب قوت يومه بعد أن تراجع التطوع، ولم تعد للأحزاب شبيباتها التي كانت تقوم بهذه المهام، وهي كانت بثمابة قوات احتياطية لمثل هذه المحطات.

أما إذا اختار التنظيم الحزبي تنظيم مهرجان خطابي في عز الحملة الانتخابية، فإن المصاريف ستزداد حتما. ولذلك كثيرا ما تراجع بعض المرشحين عن تنظيم مهرجان خطابي إذا أبانت المعطيات الأولى للحملة الانتخابية عن تراجع المرشح في سباقه من أجل المقعد. أما البديل عن المهرجانات الخطابية الصاخبة التي تلقى فيها الخطب وترفع الشعارات، ويحمل فيها الزعماء فوق الأكتاف، فقد أصبح هو الاعتماد على بعض الوسائل الحديثة كالكتيبات والأقراص المدمجة.

يوم الاقتراع ومصاريفه الخاصة

أن أكبر المحطات التي يحتاج فيها المرشح لإمكانيات مالية مضاعفة، هو يوم الاقتراع خصوصا إذا اقتنع أن ذلك السوق الكبير فرض منطق من يدفع أكثر. لذلك يعترف الكثير ممن جربوا هذه الوصفة أن يوم الاقتراع يشكل قرابة التسعين في المائة من المردودية، أكثر من كل أيام الحملة الانتخابية الأخرى، خصوصا إذا كان المقعد سيكلف صاحبه شراء الأصوات، وضبط السوق، وتسويق السلعة بالشطارة اللازمة.

ويحتاج الأمر كذلك لربط أواصر الثقة بين المرشح وبين أعيان المنطقة سواء أكانوا قد كسبوا هذه الصفة لوضعهم الاجتماعي، أو لقربهم من السلطة، لكي يقوموا بديلا عنه بإقناع الناخبين بالجدوى من التصويت عليه. إنهم هنا هم الوسطاء الضروريين لكسب الرهان. وكل عملية خارج هذه الصيغة تعتبر مضيعة للجهد والمال والوقت. لذلك كثيرا ما أفلس مرشحون بعد أن صرفوا أموالا كثيرة دون أن ينالوا المعقد، فقط لأنهم دخلوا سوق الانتخابات بدون وسطاء.

وكما يحدث في أي سوق، فإن منطق المضاربات ومحاولة إفساد السوق، هو ما ينطبق على الانتخابات حيث يكثر السماسرة الذين يبحثون عن الربح المادي بكل السبل. ومن تم قد ترتفع سومة الصوت الانتخابي بارتفاع تقلبات السوق. ولأن السلطة ظلت في جل الاستحقاقات التي عرفها المغرب تختار حيادا سلبيا، إذا لم تكن تراهن على دعم مرشحها المفضل، فقد ظل المرشحون ينتظرون يوم الاقتراع لشراء أصواتهم وفق الثمن المحدد في السوق.

لكل هذا، تصبح الأحزاب السياسية سواء تلك التي توظف أموال مرشحيها أو تلك التي تعتمد على إمكانياته الذاتية، مجرد نوافذ وهمية لا تعكس الطبيعة الحقيقية والوزن السياسي لمختلف التعبيرات السياسية في البلد. والحصيلة هي أن جل الاستحقاقات لم تفرز في المغرب ممثلين صوت عليهم ناخبون عن اقتناع، إلا بنسبة ضئيلة جدا.

للسلطة منطقها الخاص

لقد كشفت جل التجارب الانتخابية التي عاشها المغرب عن حالات مد وجزر في تعامل السلطة معها، ومع التشكيلات السياسية التي قبلت دخول اللعبة منذ الستينات، قبل أن تتوقف وتعود في منتصف السبعينات فيما سماه الحسن الثاني وقتها  بانطلاق المسلسل الديمقراطي. غير أن هذا المد والجزر لم يغير من صورة هذه الاستحقاقات التي ظلت توصف بالسوق الكبيرة التي يكسبها من يدفع أكثر، ولمن يحسن تسويق سلعته بالشطارة والمعرفة بميكانزيمات هذه السوق وتقلباتها. مع التوفر على العملة القابلة للصرف سواء تعلق الأمر بالخطب والشعارات، التي لم تعد تغري الناخبين كثيرا، أو بالمال الذي اقتنعت جل الأحزاب السياسية اليوم على أنه السبيل لكسب المقاعد. لذلك فهي تسهر على توزيع تزكياتها لمن هو أهل لكسب هذا المقعد ولو على حساب مناضلين أفنوا أعمارهم في نقاشات المقرات الحزبية الباردة.

الدين والانتماء الجغرافي يحدد السلوك الانتخابي

في 1913، سيلاحظ الفرنسي " سيجرفريد" أن الآراء السياسية المعبر عنها تتميز بتوزيع خاص، مرة على المستوى الجغرافي، ومرة بحسب مستويات أخرى منها ما هو طبيعي. وكانت خلاصة هذا الباحث الفرنسي هي أن ثمة توافقا بين الخرائط السياسية والخرائط الطبيعية والبشرية والاقتصادية.

لقد توقف هذا الباحث عند وجود نوعين من الناخبين هما ناخبو الحجر، وناخبو الكلس. وهم ما فسره بكون الطبيعة الصخرية توفر الماء، وتسمح بظهور ملكيات زراعية كبيرة حول مصدر هذا الماء. في الوقت الذي لا تسمح فيه الطبيعة الكلسية في السهول مثلا بتوفر الماء الكافي. وهو ما لا يسمح بالتالي إلا بظهور ملكيات زراعية صغيرة متجمعة في القرى. وعليه فإن نظام الملكية، هو العامل المحدد للسلوك الانتخابي.

ويزيد هذا الباحث في الشرح لكي يؤكد على أن الملكية الصغيرة يكون فيها الفلاح متشبثا باستقلاليته، ويؤمن بقيم العدل، الذي يحدد سلوكه الانتخابي في غالب الأحيان.

أما في أنظمة الملكية الكبيرة المراقبة من قبل طبقة أرستقراطية، فإن التصويت يكون في الغالب لصالح الأحزاب المحافظة.

كما أن العامل الديني يعتبر محددا أساسيا للسلوك الانتخابي. وقد سجلت نفس تلك الدراسة أن نسبة المشاركة في العمليات الانتخابية، تكون في المناطق الأكثر تدينا، مرتفعة. أما التصويت فيها فيكون على أحزاب اليمين في الغالب الأعم.

وعلاقة بالتاريخ، تضيف الدراسة، أنه يمكن للماضي السياسي لمنطقة معينة أن يفسر سلوك ناخبيها في فترة من الفترات.

وذهبت دراسات أخرى حول السلوك الانتخابي لتؤكد على أن هذا السلوك تحدده ثلاثة عناصر أساسية هي الوضعية الاجتماعية للناخبين، والتقليد المحلي، والظروف السياسية.

فالفئات الاجتماعية عير المحظوظة في المجتمع هي التي صوتت في الغالب لفائدة أحزاب اليسار. أما الفئات المالكة للثرات، فهي التي تصوت لأحزاب اليمين.

وبخصوص التقليد المحلي، تؤكد الدراسات على أنه عامل أساسي بوجود جماعات تصوت لصالح اتجاه سياسية محدد بغض النظر عن تركيبة ناخبيها الاجتماعاية أو المهنية. ويرجع هذا الأمر مثلا للماضي السياسي لهذه المناطق.

أما ثالث العوامل المحدد للسلوك الانتخابي، فهي المتعلقة بالشروط السياسية التي تجري فيها الاستحقاقات، خصوصا وأن الانتخابت هي في نهاية الأمر جواب الناخب عن سؤال سياسي محدد. ولفهم سلوك الناخب لا بد من معرفة طبيعة السؤال. لذلك تختلف طبيعة المشاركة السياسية باختلاف الاستحقاقات. فنسبة المشاركة مثلا في الاستفتاءات تكون مرتفعة. كما أن نبة التصويت في دائرة انتخابية لفائدة حزب معين ليست هي نفس النسبة في انتخابات من نوع آخر. بالإضافة إلى أن ناخبي بعض الدوائر قد يصوتون على اتجاه سياسي معين في فترة معينة، ثم يغيرون اختياراتهم في الانتخابات اللاحقة.

وارتباطا بالسلوك الانتخابي، تضيف الدراسة أنه يحدد أيضا بحسب التحفيزات التي تدفع الناخب لكي يختار بين هذا المرشح أو ذاك. ومن تم نصبح أمام الجواب على أسئلة من قبيل ما هي دواعي مشاركة فرد في الانتخابات؟ وما هي دواعي اختياره لهذا الحزب دون الآخر؟ ولهذا المرسح دون الآخر؟ وما هي الأسباب التي تجعله مخلصا لاختياراته، أو تلك التي تجعله مضطرا لكي يغير سلوكه الانتخابي من استحقاقات لأخرى. أما الخلاصة التي انتهت إليها الكثير من الدراسات التي اهتمت بهذا الموضوع، فهي أن السلوك الانتخابي يظل غير عقلاني. ولا يمكن أن يصبح كذلك إلا إذا توفرت جملة من الشروط أساساها الوعي وإمكانية الحصول على المعلومة والأخبار، والاتصال بأفراد وفئات لها نفس الوضعية، وثبات البنيات الاجتماعية.

غير أن السؤال الكبير الذي يمكن أن يطرح أمام هذه الخلاصات وهذه الدراسات التي تناولت السلوك الانتخابي من زوايا مختلفة، هو ما مدى تطابق ما خلصت إليه، مع ما تعرفه انتخاباتنا المغربية التي تخلط كل شيء، ويحركها جلها الفساد على أكثر من مستوى.

كيف يتحول الحزب السياسي إلى "علامة تجارية"؟

ظلت الأحزاب السياسية، في كل التجارب، تبحث عن جواب مقنع لسؤال محير. ما هي أفضل الطرق الواجب استخدامها لدفع الناخبين للتصويت عليهم، خصوصا وأن الناخبين فقدوا ذلك التجانس السابق، وأصبحوا يتشكلون من طبقات وفئات اجتماعية متباينة وذات مصالح مختلفة ومتناقضة أحيانا.

وفي بداية القرن العشرين، حاول بعض رجال السياسة بلورة نظرية التسويق السياسي، بعد أن حققت نجاحات كبيرة في عالم التسويق التجاري.

فالشعار الأكبر في أية عملية تسويق هي معرفة أذواق وأهواء المستهلك من أجل اقتراح منتجات تستجيب لهذا الذوق. لذلك أصبحت قدرة المؤسسة الإنتاجية لا تقاس بعدد الزبناء، ولكن بنسبة المخلصين منهم لعلامتها. ومن تم بدأ ربط المستهلك بعلامة تجارية معينة.

سيستفيد رجال السياسية من هذه الوصفة حينما بدأت الأحزاب السياسية ترسم لنفسها هي الأخرى علامة تجارية تميزها عن بقية الأحزاب المنافسة، من خلال التعرف على حاجيات الناخبين للحصول على أصواتهم. وقد انطلق العمل بهذه الوصفة في ثلاثينيات القرن الماضي حينما انهزم الحزب الديمقراطي الأمريكي في الانتخابات الرئاسية لسنة 1928، ليبادر وقتها لخلق مصلحة لإشهار الحزب، وانطلاق التسويق السياسي.

اشتغل الماركوتينغ السياسي وقتها على دراسة بحثت موضوع تطلعات الناخبين بالحصول على المعلومات الدقيقة حول ما يرغب فيه هؤلاء الناخبون. وذلك قبل الانخراط في ترتيب الحاجيات والتطلعات بحسب درجة أهميتها. بالإضافة إلى كيفية حصول الناخب على المعلومات السياسية وبرامج الحزب وشخصيات المرشحين، ومدى تأثير الممارسة السياسية على الناخبين، وكيفية رد فعلهم. ثم معرفة كيف يختار الناخب مرشحه. وكيف يبرر صوته.

أما الخلاصات التي انتهت إليها هذه الدراسة، فهي أن الأفكار والبرامج الحزبية ليست دائما ذات قيمة ولا تأثير على سلوك الناخبين. في حين أن الطريقة التي تدار بها الحملات الانتخابية، والشكل الخارجي للمرشح وسلوكه اليومي هي التي لها تأثير أقوى على الناخبين.

في التجربة المغربية، لم يخرج التسويق الانتخابي عن أنماطه التقليدية من خلال البرامج الانتخابية التي لا تزال تقدم في عموميتها أفكارا ومتمنيات بدون ضوابط إجرائية.

ثاني إشكال التسويق السياسي هي التي تأتي عن طريق التلفزيون الذي ساعد على إيصال أفكار الأحزاب وبرامجهم إلى الناخبين. غير أن كسب رهان هذا العامل الحاسم يحتاج إلى جملة من الإجراءات والأفكار التي أصبح خبراء الإعلام ينوبون فيها عن الزعماء السياسيين. لذلك يتحدث العارفون بعالم التلفزيون وعلاقته بالتسويق السياسي عن جملة من الشروط التي لا بد من توفرها. وفي مقدمة هذه الشروط، الحرارة الإنسانية في الخطاب التلفزيوني. والإقناع من خلال ردود فعل الضيف وحركاته. زد على ذلك الصدق في القول، والذكاء من خلال الرد على الأسئلة غير المنتظرة ببراعة. ومع ذلك فإن تأثير التلفزيون على النتائج السياسية يبقى محدودا. فكثيرا ما أسفرت حملة انتخابية عصرية ومحكمة عن نتائج سلبية إذا ما قورنت بمرشحين بدون مصداقية.

أما ثالث الدعامات، فهي التي تعتمد التسويق السياسي من خلال الصحافة المكتوبة حيث تفيد الأرقام أن معدلات سحب الصحف تزداد خلال الحملات الانتخابية. بل إن تنظيمات حزبية تختار أن تصدر جرائدها الخاصة حتى ولو تعلق الأمر فقط بفترة الحملات الإنتخابية. ومع ذلك فإن هذه الوسيلة لا تزال تعتبر غير ذات تأثير بالنظر لنسبة المقروئية في المغرب، وارتباط ذلك بأمية الناخبين.

وتبقى الصورة اليوم واحدة من عوامل التسويق السياسي التي قد تنوب عن المكتوب الذي يعرف تراجعا كبيرا، ولا يغري الناخبين.

هكذا يمكن كسب مقعد انتخابي حتى دون أن يتوفر للمرشح المفترض أي رأسمال رمزي ولا برنامج سياسي مقنع، بقدر توفره على إمكانيات مالية كافية يعرف بواسطتها كيف يكسب سوق الانتخابات، في الوقت الذي تشكل بقية الأدوات مكملات للعملية.

آخر الأخبار