من المستهدف الحقيقي من قطع الجزائر أنبوب الغاز الذي يمر من المغرب؟

الكاتب : الجريدة24

03 نوفمبر 2021 - 01:00
الخط :

الشرقاوي الروداني

في خطوة بدأت دراستها مند سنة 2016 ، تاريخ الإعلان الفعلي للانشاء خط أنبوب الغاز العبر القاري ما بين دولة نيجيريا و المغرب،  مرورا بدول افريقية،  قامت الجزائر بتنفيد جزء من خطة ذات أبعاد استراتيجية ، عبر قطع للأنبوب الغاز الذي يمر من المغرب في اتجاه اسبانيا و البرتغال ( ما بين 8 و 10 ملايير متر مكعب سنويا من الغاز). هذه القرار يظهر أن  الجزائر  تفضل الهروب للأمام، و تثبت، عبر هذا السلوك اللامسؤول، انها ليست شريكا موثوقا به على المستوى الدولي و ذلك راجع للعدة اسباب.

في قراءة للقرار و خلفياته يتبين أن السياسة الخارجية الجزائرية اصبحت عامل عدم استقرار في المنطقة المغاربية و المحيط الإقليمي برمته. على المستوى الاوروبي، سيكون هذا القرار  بداية للتغلغل الروسي على المستوى الطاقي في دول  أوروبا و التي تبلغ وارداتها من الغاز الروسي حوالي 43% من كمية الغاز المستهلك ،  و تأثير دلك على تغيير في موازين القوى للدول أوروبا الوسطى، و سيدعم مواقف المانيا في توجهاتها للتوسيع و إقامة خط الانبوب الغاز North Stream2. في نفس السياق، يعتبر هذا القرار الجزائري ذا أبعاد جيواستراتيجية،  خاصة و أن الولايات المتحدة الأمريكية تعارض هذا الأنبوب الروسي الذي قد يقوض الاستقلالية السياسية للدول أوروبا و من تم يمكن فهم محددات الاختلاف و الصراع الألماني- الأمريكي .

في هذا الصدد،  هذا القرار الجزائري له تبعيات أخرى ظاهرة و مبطنة و تدخل محدداته في لعبة كبيرة،  ربما تتجاوز الفهم الاستراتيجي للقصر المرادية، تكلفت الجزائر بتصريف جزء من المؤامرة.

التقرير الالماني الشهير و الذي لم تتسرب منه إلا الخطوط العريضة للخطة ما تسميه برلين "صياغة توازن جديد في شمال افريقيا" ، و للإشارة دعا الدول الاوروبية الى "معالجة " ما تسميه الدوائر الرسمية الالمانية  الاختلال  في التطور البيني للدول المنطقة خاصة بين المغرب و الجزائر، قد يكون من غير المستبعد أن تكون المملكة المغربية الا في المراحل الاولى للمؤامرات هي الآن قيد الدراسة.

التقارب الألماني- الجزائري الاخير له محددات و استراتيجية توثر جديدة  سيكون الهذف منها خلق محددات فرض سياسة مغايرة تغير من سياسة التحالفات الدولية في المنطقة المغاربية، خاصة بعد دخول الولايات المتحدةالأمريكية بثقلها الى المنطقة من خلال حسم اختياراتها الاستراتيجية باعترافها بمغربية الصحراء و ما و خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

الكل يعرف أهمية الأمن الطاقي و ما له من تأثير على الأمن السياسي و سيادة القرارات الوطنية . و من تم، فإن من القرار ليس الا بداية مناورة تضرب سيادة القرار الاوروبي و مواقفه في عدة ملفات. هذا القرار سيقوي أسهم الشركات الروسية - التركية  و التي ستعرف خطوطها الطاقية، خصوصا  Trans-Anatolian Gas      Pipline TANAP ،  انتعاشا جديدا سيقوي من محددات القوة التفاوضية لروسيا و تركيا اما دول الاتحاد الأوروبي.

اما الاحتياجات الطاقية الأوروبية المتزايدة،  فإن آثار  القرار الجزائري تبقى غير محايدة اذا ما  استحضرنا محددات السياسة الطاقية الاوروبية و التي اعتبرت ممر الغاز الجنوبي(Southern Gas Corridor)  والذي يبقى  مبادرة من المفوضية الأوروبية لطريق إمداد الغاز الطبيعي من بحر قزوين ومناطق الشرق الأوسط إلى أوروبا. هذا الممر يشمل الطريق من أذربيجان إلى أوروبا عبر خط أنابيب جنوب القوقاز و TANAP وخط الأنابيب عبر البحر الأدرياتيكي (TAP). TANAP هو الجزء المركزي من ممر الغاز الجنوبي ، الذي يربط حقل غاز شاه دنيز العملاق في أذربيجان بأوروبا عبر خط أنابيب جنوب القوقاز و TAP. للاشارة فإن هذا الخط يعتبر ذا أهمية استراتيجية لأنه يتيح تصدير الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا و بالتالي يؤمن حاجيات مهمة من الاستهلاك الاوروبي للطاقة. و بالتالي،  يمكن الرجوع إلى الوراء و  فهم الصراع الاستراتيجي الأذربيجاني -الارميني و طبيعة التحالفات و الدعم العسكري الذي حسم المواجهة العسكرية.

و من تم فإن الرسالة الجزائرية عبر قطع الانبوب، هي متجهة نحو أوروبا و تخدم أجندة روسيا و تركية على اعتبار أن منظومة الخطوط الطاقية للأنقرا تعرف استثمارات روسية ضخمة

كما أن موسكو اعتادت على تقييد إمدادات الغاز لممارسة ضغوط سياسية على المستوردين و هو ما كان جليا في ملف جزيرة القرم، سوريا، و بريطانيا.

سينقلب السحر على الساحر و ستخسر الجزائر الكثير من العائدات المالية و التأثير الإستراتيجي في المنطقة. هناك احتمالات كبيرة بأن اسبانيا و البرتغال في طريقهما للبحث عن بدائل مستقبلية على مستوى الأمد القصير، المتوسط و البعيد.  حالة اللايقين التي تسود في الجزائر و التي تترجمها قرارات انفعالية قد تضع هذه الدول الاوروبية، ذات يوم، أمام موقف صعب قد تكون له تكلفة سياسية و أمنية كبيرة. هذا المعطى، اصبح حاضرا في سيناريوهات واضعي استراتيجيات هذه الدول الذين أصبحوا يسابقون الزمن حتى لا يكونوا يوما ما رهينة أمام نظام جزائري قد يهدد الأمن الطاقي و من تم الأمن السياسي لهذه البلدان.

و من تم، جيوسياسية الطاقة في منطقة غرب المتوسط و شمال افريقيا ستعرف تغييرات مهمة ستعرف دخول أطراف أخرى كانت تتصيد هذه الفرصة للإنقضاض على سوق مهمة و واعدة.

على المستوى الوطني،  رب ضارة نافعة،  و البحث عن استراتيجيات طاقية شاملة هو السبيل الوحيد للتحقيق الاكتفاء الذاتي ( استثمارات جديدة، توريد عبر سلاسل طاقية موثوقة،..) من أجل رفع تحدي التنمية الشاملة.

آخر الأخبار