ما الداعي للتعديل الحكومي !!
حنان رحاب
لنبتعد عن جدل نشر تسريبات تخص تعديلا حكوميا مرتقبا في منبر فرنسي، ولنسلم مؤقتا على سبيل الافتراض بصحة ما ورد في الموقع.
ولنطرح سؤالا: ما الداعي للتعديل؟
قبل أيام قليلة كانت كل مكونات الأغلبية تتحدث عن الانسجام الحكومي، وعن نجاعة الأداء في ظل ظروف صعبة، وعن أن الدعوة لتعديل حكومي هي مزايدات لأن الحكومة لم تمضي حتى سنة واحدة.
ما المستجد اليوم؟
وهذا يقودنا لسؤال آخر: هل نحن بحاجة لتعديل سياسي أم لتعديل تقني فقط؟
بمعنى هل ما يستدعي التعديل هو ثبوت خطأ المنطلقات التي تم من خلالها انتقاء الفريق الحكومي بناء على البروفايلات التي تحتاجها تلك المنطلقات المعبر عنها في التصريح الحكومي الذي قدمه رئيس الحكومة أمام البرلمان والذي قال إنه محصلة عمل لجنة مشكلة من ثلاثة أحزاب؟
ام أن الأمر لا يتعلق بالمنطلقات والبرنامج الحكومي وقانون المالية بل بأفراد بعينهم فشلوا في تدبير قطاعاتهم؟
إذا كان العيب في البرنامج الحكومي فهذا يستدعي نقاشا سياسيا ومجتمعيا، لأننا في مرحلة صعبة داخليا وخارجيا.
وإذا كان العيب في الأفراد، فهو خلل في "الكاستينغ".
وكيف سينجح "كاستينغ" جديد، في ظل فرضية إعفاء رئيس الحزب الثاني الذي هو من سيقود مفاوضات التعديل بصفته أمينا عاما للحزب؟
وفي ظل حقيقة صراعات داخل الحزب الثالث / الاستقلال افضت إلى تأجيل مؤتمره الاستثنائي لحين بناء تفاهمات بين نزار بركة وحمدي ولد الرشيد، أي أن حزب الاستقلال في مفاوضات التعديل سيكون همه إرضاء كلا التيارين المتصارعين في كعكة الاستوزار عوض تقديم البروفايلات المناسبة.
لو صدق ما ورد في التسريب، فإن الأمر يعني دفع البام نحو تنحية امينه العام، أو حشد هذا الأخير الحزب نحو الخروج للمعارضة ردا على الإهانة.
في كل الأحوال سيدخل البام مفاوضات التعديل في وضعية ضعف سياسي، والأمر نفسه ينطبق على الاستقلال.
وآنذاك سيتحول التعديل الحكومي من فرصة لسد الثغرات وتصحيح المسار إلى محطة لحل تناقضات حزبية داخلية عند حليفي رئيس الحكومة المفترضين.
رئيس الحكومة سيستفيد من غياب أي معارضة له داخل حزبه، ومن قدرته على جلب حتى تكنوقراط آخرين من خارج الحزب دون أي مشكل، وبالتالي فهو في وضعية مريحة وهامش من المناورة كبير.
ولكن لنعد للسؤال الأهم: ما الغاية من التعديل؟
هي حكومة ببرنامج وقانون مالية سابقان على حقيقة سنة فلاحية مطبوعة بالجفاف وازمة دولية اشعلتها الحرب الروسية الأوكرانية، يجعلان كل الفرضيات التي بني عليها البرنامج وقانون المالية خاطئة، والحكومة لا زالت تعتبر ذلك البرنامج والقانون مرجعيتها في التدبير.
حكومة بهندسة ألغت وزارة قوية بحجم "الصناعة والتجارة" وأعادت إدماج قطاعات في وزارات أخرى بدون اي تفسير مقنع مما إثر على أداء تلك القطاعات، وخلق مشاكل في التقائية البرامج في غياب التنسيق رغم وجود وزارة مكلفة بالالتقائية.
حكومة بتواصل هو الأضعف في تاريخ الحكومات المغربية، بل حتى العناصر التي نسبيا لها تجربة في النقاش العمومي كوهبي والمنصوري تدافع عن قطاعاتها، وتعمل بإزاء الاتهامات الموجهة للحكومة ولرئيسها بمنطق: اذهب انت وربك فقاتلا، بعيدا عن اي تضامن حكومي، وكأن البام في الحكومة يستعد لفشل الأحرار من أجل أن يقدم أوراق اعتماده.
صحيح أننا لا نعيش أزمة سياسية كبيرة، ولكن ذلك بفضل المؤسسة الملكية الضامنة للاستقرار واستمرارية الدولة وحفظ التوازنات والأدوار التحكيمية، والتدخل عند القصور الحكومي (الأوامر بإنشاء صندوق دعم الفلاحين بسبب الجفاف،،،).
لكن الأداء الحكومي يقتضي منه أن يكون مسؤولا، وبالتالي المفروض ربط اي تعديل حكومي بانتظارات المواطنين، وبما تقتضيه الظرفية التي تمر منها البلاد، وليس تحويله إلى مجرد "كاستينغ" لتغيير شخص بآخر ارتباطا بتوازنات حزبية أو مصلحية أو إرضاء لنزوات شخصية.
فللأسف أثبتت الشهور الأولى للحكومة أن بعض الوزيرات والوزراء كمن يقضون فترة تدريب لإغناء سيرهم الذاتية.