بين "طوفان الأقصى" وبكائيات الهرطوقي ابن كيران والحيوانات السياسوية

هشام رماح
أينعت في رأس عبد الإله ابن كيران، بكَّاء شكَّاء حزب "العدالة والتنمية" أنه يستطيع مرة أخرى الركوب من جديد على الموجة، والعودة إلى الواجهة مرة أخرى، ممتطيا تداعيات "طوفان الأقصى"، عبر دغدغة مشاعر الشعب المغربي الذي قضى أمرا كان مفعولا وساقه ومريدوه سوْقا إلى مكب نفايات التاريخ.
وإذ غادر "السياسوي" المثخن بالهزيمة النكراء التي تلقاها حزبه في الاستحقاقات التشريعية السابقة، ركنه القصي في صالون فيلا زوجته بحي الليمون، فإنه لم يشُذَّ مثل حليمة عن عادته القديمة، وراح مثل أي هرطوقي ينفث الكلام وينفش ريشه، مكررا أسطوانته المشروخة أمام المغيَّبين الذين يدلِّس عليهم، وهم على أبصارهم غشاوة ولا يرون فيه ما رآه الشعب المغربي من أفعاله المقيتة حينما كان رئيسا للحكومة.
ونسي عبد الإله ابن كيران، أنه من كان قبل ردح من الزمن، ماسكا بزمام الأمور، بعدما آلت إليه رئاسة السلطة التنفيذية وتداولها عن سابقيه في جو ديمقراطي، لكنه وعند الامتحان، أخفق في ترجمة ما ظل يهلل به حينما كان خارج الركب الحكومي، وإذ ذاك انقلبت سحنته وتحول إلى وحش ضارٍ نهش المغاربة من كل حدب وصوب وفعل فيهم كل الأفاعيل ومع ذلك ظل يدعي أنه مطارد من العفاريت والتماسيح.
فعن أي تماسيح كان يتحدث عبد الإله ابن كيران؟ إن لم يكن هو وأمثاله ممن يذرفون الدمع الهتون كذبا، وقد عادوا من جديد بمُقَلٍ مغرورقة وأحداق مبللة، حسبهم في ذلك أنهم يرون في ما يقع في فلسطين فرصة سانحة للعودة إلى الدار عبر النافذة بعدما رمى بهم الشعب المغربي صاحب الدار خارجا وصفق الباب وراءهم بقوة.
وقد يخجل ذووا المروءة.. لكن كيف إن كان عبد الإله ابن كيران ومريدوه ينتمون إلى نِحلة واحدة قميئة ومِلَّة ليست على شيء، وهم يرددون لازمة "الشعب يريد إسقاط التطبيع" في مهرجانهم الرثائي، وقد تغافلوا بأن إحياء العلاقات المغربية الإسرائيلية تم بتوقيع ذيَّله سعد الدين العثماني، سلف هذا الابن كيران في الأمانة العامة وخلفه في الحكومة.
والحق يقال إن المنتسبين إلى حزب العدالة والتنمية يتفننون في إتيان الأمر ونقيضه ولا تطرف جفونهم قط خجلا ولا وجلا، وقد انحازوا إلى تجسيد ذلك علانية في تجمعهم البكائي الذي نظمته حركة "التوحيد والإصلاح"، وانعقد على شفا حرب قائمة في غزة وجدوا فيها فرصة لاجترار الشعارات الرنانة والخوض في العويل لعلهم يلملمون بعضا من شرفهم الذي ضاع على مدى سنين ظهر للمغاربة فيها حقيقة معدنهم الرخيص.
وبينما عبد الإله ابن كيران، هو بشحمه ولحمه كبيرهم الذي علمهم السحر في حزب "المصباح"، فإنه انتهز الفرصة ليقفز على القضية الفلسطينية، وليحاول الاقتيات منها وأن يتوغل أكثر في ذلك وهو يفرد لـ"خالد مشعل"، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" بالخارج، المجال فسيحا حتى يتطاول على المغاربة ويتخطى كل ألاعتاب ويتعدى كل الحدود وهو يخاطب المغاربة عن بعد مثل قصَّر، دون أن يكبحه التمساح الكبير.
وفتح عبد الإله ابن كيران ومن معه السبيل لـ"خالد مشعل" حتى يستأسد على المغاربة في حضرتهم، وراح ينفث عليهم سمه الزعاف، بينما ظل صاحب الركن في الصالون ومريدوه واجمين وكأن على رؤوسهم الطير، وقد ارتضوا امتهان القيادي الحماسي للمغاربة أمام ناظريهم وتحت مسامعهم، وسكنوا مثل العرائس في حضرة هذا المتلاعب.
لقد أخفق عبد الإله ابن كيران، مثل ديدنه في أن ينتصر للمغرب وأن يصطف لتازة قبل غزة، وبدا جليا أنه يتجاسر على بني جلدته ويهرطق ويزندق كعادته، مدعيا عذرية هتكها هو بنفسه ومن معه، بنفاقهم السياسي وببكائياتهم وبدموعهم التي لن تستطيع أن تجعل قلوب المغاربة يرنون لعودتهم أو حتى يرقون لحالهم وقد بدا لهم منهم كل السوء وعرفوا أنهم مجرد حيوانات سياسوية لا تقيم وزنا لأي شيء إلا لقضاء مآربها ومآرب عشيرتها وبعدها الطوفان.