مصطفى العراقي
انزعجت كثيرا السبت الماضي وأنا أرى مئات الفتيات والفتيان ينتظرون بالممر الرئيس لمعرض الكتاب بالرباط قصد الحصول على توقيع كاتب سعودي لكتب اقتنوها وجلهم قرأها أو استمع اليها عبر وسائط التواصل الاجتماعي.
وتساءلت شأني شأن العديد من الذين فوجئوا بهذا الحجيج الذي لم يسبق لمعرض أن عرفه من قبل ، تساءلت عن أسباب هذا الاقبال على كتب وروايات ألفها الكاتب الذي لا يعرفه جل أبناء جيلي ولم يسبق لهم قرأوا له أو اطلعوا على مقالات نقدية لإنتاجه الذي فاق 30 مؤلفا .
في النقاش مع عدد من الأصدقاء كانت هناك آراء متباينة بين من رأى "الحدث" بعين سلبية معتبرا ان عملية استدراج عن قصد استهدفت هؤلاء المنتظرين لتزج بهم في توجهات ما ...
وأن هناك "هشاشة" فكرية لدى هذه الفئة العمرية تتعدد أسبابها وتدفع بها الى استهلاك منتوج لا تتوفر فيه من وجهة نظرنا مقومات "الكتاب النموذجي...".وأن ذلك ما هو إلا امتداد للأذواق اتي تطبع شبابنا الذي أصبح ينساق لموجات موسيقية وغنائية "رديئة"...
وهناك من رأى "الحدث" بعين إيجابية اعتبرت أن الرغبة في القراءة لا زالت حية لدى هذه الفئة وأننا في طفولتنا وشبابنا كنا نقرأ روايات وسلسلات كتب مضامينها شبيهة بما تتضمنه كتب المؤلف السعودي ...
قبل أن نكتشف كتب الروائيين والكتاب العرب والعالميين ... وعلينا أن لا نكون مستائين من أن "حجيج التوقيع" لا يقرأ لمن فاز بجائزة المغرب أو حصل على جوائز نوبل أو البوكرالعربية أو....فقد توصلهم دروب القراءة الى ذلك مستقبلا...
ربما هناك نقط التقاء بين رؤيا العينين معا السلبي والايجابي تجاه ما عرفه معرض الكتاب ..لكن علينا أن نتساءل :
هل أنتجنا كتبا تتوجه للأطفال والشباب وجعلناها في متناولهم جودة ومضامين وأسعارا ؟؟؟
هل هناك وزارة أو مؤسسة عمومية اليوم تهتم بكتاب الطفل وتشجع المؤلفين والجمعيات التي تعمل في حقل التربية ؟؟
أين هي مكتبات القرب التي أنجزتها جماعات ترابية في عقود السبعينات والثمانينات والتسعينات ؟؟
وفي المؤسسات التعليمية ماهي حصة القراءة خارج المقرر المدرسي ؟ هل نضع في الاعتبار تخصيص مكتبات وقاعات مجهزة بهذه المؤسسات ؟؟
وأبن دور الشباب التي كانت تعج بأندية الكتاب وتستقبل مئات المنخرطين وتستضيف مثقفين من أجل تصبح القراءة جزءا ن الحياة اليومية لطفولتنا وشبابانا ؟؟؟
نعم هناك مبادرات رائدة تعمل وبإمكانيات متواضعة لكن بحماس ومثابرة في إطار مشروعات للقراءة لكن دعمها الرسمي محدود ولا ترصد لها إلا إمكانيات ضعيفة مقارنة مع ما ينفق على مناسبات ومشاريع غير ذات قيمة ثقافية وتربوية.
اليوم علينا ان نضع في الحسبان أن لوسائط التواصل الاجتماعي أهمية كبرى في تسويق الأفكار والظواهر .
فمؤلفات الكاتب السعودي عبرت من هذا الحقل الأزرق بطرق مكتوبة ومسموعة ولم تجد منافسا لها من كتابنا وروائيينا وشعرائنا الذين ينتظرون ان يأتي اليهم القارئ بدل ان يبدلوا مجهودا للتواصل معه.
شأنهم شأن جامعاتنا التي لم تعد تهتم بدراسة الظواهر ومعرفة توجهات المجتمع وشبابه ...
وللإشارة فقط أن مؤلفات الكاتب أياه تناول "الخوف" و" المستقبل" ، وقد يكون هاجس هؤلاء الفتيات والفتيان تجاه مستقبل غامض هو الدافع لذلك الاقبال المثير ..