لا ترهنوا مستقبل المغرب في أيادي السياسيين والنقابيين الفاشلين

الكاتب : الجريدة24

17 يناير 2020 - 10:20
الخط :

رشيد لزرق- خبير في القانون الدستوري والشؤون السياسية

أبعدوا القيادات السياسية والنقابية الحالية عن مستقبل الأجيال القادمة، فما يبدر عنهم ليس غير محاولات دؤوبة وغير يائسة منعكسة عن تنظيمات وتيارات تحاول ركوب الموجة والمزايدة في خضم بلورة تصور للنموذج التنموي الجديد.

فهل يعقل اليوم أن يعمل السياسيون والنقابيون الذين أثبتوا على مدى السنين فشلهم وانقضى رصيدهم  على "المساهمة" في بلورة هذا النموذج؟ إن هذا الأمر كفيل بتحويل ورش استراتيجي يرهن مستقبل المغرب لدخول زمن التنمية إلى مسرحية هزلية حتما ستكون  نهايتها دراماتيكية.

وبالعودة إلى مقترحات الأحزاب التوجيهية التي تطرح تصوّراً للنموذج التنموي البديل، فلا يمكن اعتبارها غير تشخيص انطلاقا من زاويتها، كما أنها تحاول تصوير متمنياتها على كونها مقترحات!

فضلا عن ذلك، فإنه لا يمكن أن تكون عروض الأحزاب أو المركزيات النقابية أو تنظيمات المجتمع المدني، قوية بشأن تصوراتها للنموذج التنموي الجديد، لماذا؟ الجواب ببساطة ينحاز لكونها جميعا تفتقر في أدبياتها إلى ما يسمى على الصعيد المقارن بـ"الأطروحات الاقتصادية" التي تتطلب مراكمة سنوات من الاشتغال داخل مراكز حزبية متخصصة.

إن وضع تصور من قيمة نموذج اقتصادي، يحتاج إلى طاقات وكفاءات متخصصة لها من الزاد العلمي والسياسي ما يكفي لتقديم عرض متكامل الأركان، وهو ما لا تتوفر عليه المنظومة الحزبية أو النقابية أو المحسوبة على المجتمع المدني.

ولقد كشف اختبار النموذج الاقتصادي، على الخصوص، وجود هوة شاسعة مازالت تفصل المنظومة الحزبية المغربية عن مرحلة أحزاب المؤسسات، التي تلعب أدوارها كاملة في تكريس الديمقراطية، وطرح المشاريع البديلة، إذ غلب على لقاءات ممثلي الأحزاب برئيس اللجنة الخاصة بالنموذج الاقتصادي التشكي وعرض المؤاخذات في شكل مبسط.

كل هذا يؤكد الانطباع السائد بأن البنية المعطوبة للأحزاب ومن يدور في رحاها، منعتها من التكيف مع مقومات الزمن الدستوري لما بعد 2011، جراء عدم الوعي بتغيير سياسي شمل المبنى والمعنى وعدم القدرة على مواكبة تطلعات أجيال جديدة من الفاعلين الاجتماعيين.

وبمراعاة الحاصل المتمثل في عجز الدولة، على استخدام الوظيفة العمومية كآلية لخلق فرص الشغل في ظل معدل نمو ضعيف، يفرض سؤال مركزي نفسه حول دور الدولة في خلق الشغل خاصة في القطاعات ذات التشغيلية العالية والمردودية الاقتصادية المحدودة، وهذا الدور هو ما تعارضه سياسة المؤسسات المالية الدولية، ويستدعي البحث عن التوازن الجهوي وتحقيق الحق في التشغيل الذي يظل حتى اللحظة شعارا دون مضمون؟

 

ولأن المناسبة شرط، فها هنا نتساءل حول دور رئيس مجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي الذي من المفروض أن عضويته داخل اللجنة بالصفة هي تعبير عن مؤسسة دستورية تتشكل إلى جانب الرئيس الذي يعين بظهير شريف، من 105 عضوا موزعين على خمس فئات.

فالمفترض في رئيس المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي، أن يكون له تصور حول النموذج التنموي المنشود، بما يعيد الاعتبار لدور الدولة المبادر والحاث والمعدل والموجه وذلك بامتلاك تصور حوا القوانين  الضرورية للتحفيز على الاستثمار وتركيز البنى التحتية الضرورية إلى جانب المبادرة بتمويل مشاريع نموذجية في قطاعات مختلفة.

آخر الأخبار