أعلام فاس وعلماؤها…ابن أجروم الصوفي الفقير

الكاتب : الجريدة24

19 مارس 2024 - 11:00
الخط :

 فاس: رضا حمد الله

يعتبر الفقيه والرياضي محمد بن آجروم واحدا من علماء فاس ممن كان لعلمهم امتدادا لأقطار خارجية ذاع صيته فيها خاصة بالجزائر حيث احتك بزوار زاوية سالم بن مخلوف بالقبائل ودرس منذ التحق بها في 1502 قبل أن يقضي بها مدة طويلة أفاد فيها طلبة العلم والفقه والرياضيات.

وأكثر من ذلك سميت منطقة قرومة نسبة إليه اعترافا بما تركه من بصمة علمية وصوفية بها وفي القرى المجاورة، لحد أن أهلها يطلقون منذ تلك الفترة صفة "القرومي" على كل قارئ قرآن حادق وماهر نسبة لهذا العالم الفاسي الذي تجاوزت شهرته مختلف الأقطار العربية بعد ترجمة أعماله.

واعتبر كتابه "المقدمة الأجرومية في مبادئ علم العربية" مصدر شهرته العربية والعالمية بعدما طبعت منه عدة طبعات في بلدان عربية وبباريس ولندن وميونيخ وروما قبل ترجمتها لعدة لغات خاصة الإنجليزية والفرنسية واللاتينية والألمانية، ما زاد من إشعاعه ورقعة شهرته عالما مميزا.

والمقدمة إيجاز لكتاب "الجمل في النحو" لأبي القاسم بن إسحاق الزجاجي في 45 بابا تناولت الصرف والنحو والضرورات الشعرية والأصوات، كمباحث سهلة الحفظ لها علاقة بعلامات الإعراب وتصريف الأفعال وإعرابها ومختلف أنواع المعربات من الأسماء، ما جعلها أساس دراسات نحوية.

ولم يكن كتاب المقدمة وحده نتاج اجتهاده وألف عدة مصنفات وجملة أراجيز في التجويد والقراءات وشرح منظومة الشاطبي "حرز الأماني ووجه التهاني" المشتهرة بالشاطبية، وسماها "فرائد المعاني في شرح حرز الأماني" وعرفت أيضا بشرح الشاطبية نسبة إلى صاحبها الشاطبي.

وكانت لهذه المؤلفات وغيرها، أهمية في شهرة ابن أجروم وكان أقرب لمذهب الكوفيين دون أن يمنعه ذلك من الاهتمام بما كتبه الزجاجي الميال إلى البصرية. وإضافة لإنتاجه عرف الرجل بتقواه وورعه بشكل اختصره حتى اسمه "أجروم" الكلمة الأمازيغية التي تعني الصوفي والفقير.

وكان محمد بن أجروم ابن فاس التي درس فيها، صوفيا سيرا على خطوات أجداده وأحدهم كان أول من عرف بهذا اللقب الذي فعل خصاله واقعا في احتكاكه من العلماء وعامة الناس أينما حل وارتحل إن بالوطن أو خارج الديار في الجزائر والسعودية لما عاش زمنا بمكة وألف مقدمته.

كانت فترة مكوث الرجل ولقبه شراح مقدمته من قبيل الراعي والمكودي ب"الإمامة في النحو" اعتبارا لتميزه فيه، بمكة مهمة كما بالقاهرة حيث قضى مدة درس فيها على النحوي الأندلسي أبي حيان بن يوسف الغرناطي إلى حد أنه حظي بإجازته قبل أن يعود أدراجه إلى المغرب.

ومنذ عاد إلى المغرب استقر بفاس ولازم تعليم النحو والقرآن بجامع الحي الأندلسي إلى أن وافته المنية ودفن داخل باب الجديد بفاس التي أنجبت المئات من العلماء والأعلام والمتصوفة ممن ما زالت قبورهم ومنازلهم شاهدة على فترات تاريخية مختلفة برزوا فيها في مجالات علمية مختلفة.

وإضافة إلى شهرته في مجال النحو والقرآن، عرف عن محمد بن أجروم أنه رجل صالح وتقي ووصفه معاصروه من العلماء، بأنه "فقيه وأديب ورياضي" و"إماما في النحو" و"متبحر في العلوم الأخرى" منها التجويد وقراءة القرآن. ويحكى أنه ألف متن الأجرومية اتجاه البيت الشريف وألقاه بالبحر.

آخر الأخبار