حمالة درب عمر .. معاناة يومية من أجل لقمة العيش

الكاتب : انس شريد

22 فبراير 2019 - 07:00
الخط :

بدرب عمر و على امتداد أزقتها وشوارعها تجد "الحمالة" يتسابقون لحمل السلع والبضائع، بواسطة العربات كالأحصنة مستخدمين في ذلك كل قواهم الجسدية، إذ يعتبر وجودهم عنصرا أساسيا في العملية التجارية في هذه المنطقة، فمن دونهم يمكن للحركة في درب عمر أن تتوقف.

الساعة تشير إلى الواحدة زوالا، وبالضبط بأحد الأزقة المعروفة برواجها التجاري الكبير في درب عمر، وسط الدار البيضاء يشتغل عشرات الأشخاص كأحصنة بشرية، يجرون مثل الدواب عربات خشبية محملة بالسلع، يشحنونها من المخازن ومحلات البيع بالجملة إلى أزقة مجاورة حيث تركن شاحنات ستنقل البضائع من درب عمر باتجاه مدن أخرى ومناطق نائية في المغرب العميق.

يعتمد العمل على«الثقة» كمبدأ أساسي بين التجار والحمالين في حي درب عمر، وهي مسالة تبنى مع مرور الوقت وإيصال السلع سالمة وبسرعة لشاحنات زبناء تجار سوق الجملة،ويمكن للحمال أن يستفيد من علاوة إضافية إن صادف زبونا يرق لحالة ويعينه على تكاليف الحياة بأن ينفحه دريهمات معدودات.

كان محمد 48 سنة يرتب قطع الكارتون غير عابئ بالعالم حوله، شاحنات وسيارات أجرة تقطع مدارة شارع الحسن الصغير،عيناه مركزتان على حسن تستيف السلعة قبل أن ينسل لمقود القيادة ويضع رباطا فوق منكبيه ويجر الحمولة باتجاه شاحنة.

بعد نصف ساعة تحدث إلينا محمد وعلامات التعب بادية على وجهه، والعرق يتصبب من جبينه، فقال: "عندي 3 أطفال، الكبير عندو 18 عام، وهاد الدراري محتاجين لمصاريف كثيرة، بحينث كلهم باقين كيقراو، وأنا فاش جيت أول مرة من البادية لدار البيضاء لقيت راسي ماعندي حتى شي حرفة أو صنعة في الأول بديت كنهز الصنادق في سوق الخضرة، ومن بعد جيت لدرب عمر، دابا شي 18 عام وأنا خدام في هاد المهنة، كنربح مابين 20 و40 درهم في تفريغ كل شاحنة، ولكن الحمد لله كنغطي بها بها شي مصاريف" .

زميله،الطاهر المنحدر من منطقة سيدي بنور قال إنه ألقى بنفسه في المقلاة وقرر أن يغوص فيما تبقى من عمره شيالا للسلع بحي درب عمر بعد أن فقد أرضه في نزاع قضائي ليهاجر بأسرته ويقطن بدوار العراقي الهامشي بضواحي ليساسفة،مشيرا إلى أنه مضطر للعمل لإطعام أبنائه

وما يثير القلق أكثر هو أن الأضرار المترتبة عن هذه المهنة لا تظهر سريعا بل تدريجيا مع مرور الوقت وبعد انتهاء "الحمال" من مزاولة مهنته يكتشف أنه مصاب بعدد من الأمراض الخطيرة التي تلزمه الفراش.

إذ لا يتوفرون على أدنى شروط السلامة في عملهم، إذ أنهم يتسابقون مع السيارات وشاحنات النقل، وإذا قدر الله وحصل لهم أي مكروه فهم لا يتوفرون على أي ضمان أو تغطية صحية يمكنها أن تساعدهم في العلاج.

يقول شعيب 55 سنة "أنا كنعرف واحد السيد صاحبي مبقاش كيقدر يخدم، حيت لقى راسو مريض بالحساسية، وعندو شي مشكل فالعمود الفقري، وطلب منو الطبيب يدير شي تحاليل، لكن حيث الغالب الله معندوش باش يديرهم راه ذاب.. باقي مرمي في الدار ومقدر حتى شي واحد من هادوك لي كان كيخدم عندهم يعاونو ولو بمبلغ بسيط، راه دوز معاهم في درب عمر شي 22 عام تقريبا".

وأصبح عدد الأحصنة البشرية العاملة في حي درب عمر في تناقص، بعد مجيئ الدراجات الصينية الثلاثية العجلات التي أصبحت تشكل منافسا قويا للحمالين،خصوصا وأنها تنقل السلع بشكل أسرع وتبقى البضائع بعيدة عن التلف الذي قد تتعرض له، إن نقلت بشكل اعتيادي على عربة خشبية يجرها آدمي فوق ظهره.

 

آخر الأخبار