عمال الموقف .. معاناة يومية من أجل لقمة العيش

الكاتب : انس شريد

12 مارس 2019 - 08:25
الخط :

على طول شارع  درب إنجليز بالمدينة القديمة، يصطف العشرات من عمال الموقف أو "العطاشة" في طوابير طويلة، منهم "الصباغة، والنجارة، والتريسيانا والبلومبيا، والبنايا"، هم من مختلف الأعمار وجلهم شباب يقدمون خدماتهم مقابل أجر زهيد ، يجدهم المرء في الساعات الأولى من كل صباح وبمجرد وقوف الزبون أمام الموقف تتعالى صيحات العمال وأصواتهم، كل يعرض تخصصه ومهنته ويستعملون كلمة واحدة '' أش خاصك أ الشرِيف خاصك شي بريكول راني معلم وهادكشي لي خاصك هاتلقاه عندي''.

ويعيش عمال الموقف معاناة اجتماعية ومادية عميقة بسبب قلة المداخيل إذ قد يجود اليوم بالعمل وقد يطول الانتظار، وفي الأخير يعود الواحد منهم أدراجه خالي الوفاض، ويحكي محمد، وهو عامل البناء يشتغل في الموقف، منذ أزيد من 11 عاما، أنه ''لا يتوفر العمل باستمرار، فيوم نشتغل وأيام كثيرة نبقى في انتظار الزبون'' مضيفا ''الله غالب مالقيناش البديل  كاين نهار لي كنضربوا فيه تمارة وفلخر كناخدوا 80 درهم ''.

وقد كشف لنا أيضا صديقه لحسن، وهو يشتغل في مهنة الصباغة،  أنه يأتي إلى الموقف منذ أزيد من عشر سنوات فهو متزوج وأب لأربعة أطفال، يسكن في غرفة مع الجيران، يكتريها بثمن 500 درهما شهريا، مع العلم أنه كما كشف لنا أن أجرته الشهرية لا تتجاوز في أحسن الأحوال 1000 درهم، إضافة إلى الاحتياجات الضرورية من فاتورة الكهرباء والماء و الأكل و الدراسة  .

وأضاف لنا حميد أننا نعيش وضعية كارثية، بكون أجرة اليوم الواحد لا تتعدى مائة درهم في أفضل الأحوال، ويكون ذلك خاصة في فصل الصيف، أما في الشتاء فقد لا تتجاوز 60 درهما لليوم، والمشكل أنه قد تمضي أيام الأسبوع بأكملها دون أن يطلب منا  أحد شيئا، "راه الحركة ميتة"، الشيء الذي يؤثر على ظروف العمل والمصاريف اليومية، "راه المشكلة إيلا مرضنا ماكاين حتى شي واحد يعاوننا راه ماعندنا لاضمان الاجتماعي لا والو".

وقد عبر لنا أيضا عبد الحميد 35 سنة وهو " البلومبي " عن معاناته اليومية وظروف عيشه الصعبة  ''عايشين بزز في هاذ البلاد''، مضيفا "بغينا نخدمو ولكن الخدمة مكايناش لي كنمشيو عندوا كيجري علينا اللهم الموت ولا هاذ الحالة".

ولم يكن محمد ولحسن و عبد الحميد إلا صورة مصغرة للعديد ممن يجلسون في الموقف يوميا، جمعتهم الصداقة منذ سنين تجدهم فيما بينهم يتجاذبون أطراف الحديث عن همومهم اليومية، التي يتخبط كل واحد منهم فيها، ويبقى هاجسهم الأساسي هو وقوف أحد الزبائن لتقديم خدماتهم.

ومع المعاناة التي يعيشها عمال الموقف بات من اللازم على الدولة تدخل عاجلا، لإدماج هؤلاء الأشخاص في المشاريع الخاصة في إطار الإنعاش الوطني، أو توفير لهم فرص الشغل داخل المقاولات من أجل حفظ كرامتهم، وتوفير العيش الكريم لأسرهم.

 

 

آخر الأخبار