من يكسب الرهان في ليبيا.. الجزيرة أم العربية؟

الكاتب : وكالات

06 أبريل 2019 - 03:00
الخط :

عبد الباري عطوان

الحرب التي تندلع مجددا في ليبيا ليست بين قوات الجيش الوطني الذي يقوده المشير حفتر من ناحية، ورئيس الحكومة المدعومة دوليا بقيادة الرئيس فائز السراج، وانما أيضا بين محطة “الجزيرة” التي تمثل التحالف القطري التركي، وبين قناة “العربية” الداعمة للمشير حفتر، وتمثل تحالف مضاد تقوده الدول الأربع المقاطعة لدولة قطر، أي مصر والسعودية والامارات، الى جانب البحرين.

بمعنى آخر تشهد الساحة الليبية حربا إعلامية تتوازى مع معارك عسكرية دامية على الأرض، سيخرج الفائز منها زعيما لليبيا الجديدة الموحدة، ولكن هذا لا يعني انها ستكون مستقرة بسبب تعقيدات الازمة الليبية، والتدخلات الإقليمية والدولية من قبل دول تسعى للاستيلاء على الكعكة الليبية الدسمة، جزئيا او كليا.

الاعراب عن القلق من تطورات الأوضاع في ليبيا هو الحاسم المشترك لجميع البيانات والتصريحات التي تصدر عن جهات دولية عديدة هذه الأيام، بما في ذلك مجلس الامن الدولي الذي عقد جلسة طارئة مساء الجمعة، ولكن هذا “التكاذب” يعكس رغبة خفية بدعم المشير حفتر وزحف قواته نحو العاصمة طرابلس تحت عنوان مضلل اسمه القضاء على الإرهاب.

المشير حفتر اقدم على هذه الخطوة في توقيت محسوب بعناية، وبعد ان اخذ الضوء الأخضر من دول خليجية ودولية كبرى، اقليميا مثل المملكة العربية السعودية والامارات ومصر التي زارها قبل ان يطلق رصاصة الزحف الأولى نحو العاصمة، ودوليا مثل روسيا وفرنسا وامريكا التي لا تخفي رغبتها في وضع حد لحالة الفوضى في هذا البلد العربي الافريقي، الذي يدفع ثمن تدخل حلف “الناتو” عام 2011 الذي أدى الى تغيير النظام فيه، وتحويله الى قاعدة انطلاق للهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، ولتجميع قواته لجماعات إسلامية متشددة.

الدعم العسكري والسياسي من قبل المثلث السعودي المصري الاماراتي لقوت الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر لم يتوقف طوال السنوات السبع الماضي، واشتمل على دبابات وعربات مدرعة، ومعدات عسكرية متقدمة، بينها طائرات حربية، علاوة على عشرات المليارات من الدولارات.

تحديد لحظة “الصفر” للهجوم جاء في وقت تعيش فيه قطر حالة من الحصار، وتركيا تراجع في شعبية الرئيس رجب طيب اردوغان، الداعم الحقيقي لحكومة السراج، وغرق بلاده في ازمة اقتصادية، ربما تتطور في ظل تفاقم خلافاته مع الولايات المتحدة على أرضية صفقة الصواريخ الروسية “اس 400”.

الكفة تميل لصالح قوات حفتر، ليس بسبب السلاح القوي والمتقدم الذي يتدفق على قواته من مصادر عديدة، وانما أيضا لأنه يحظى بدعم بعض القبائل القوية الموالية للزعيم الليبي السابق معمر القذافي مثل الورفلة والمقارحة، والعبيدات، وهناك من يتحدث عن صفقة بين سيف الإسلام القذافي والمشير حفتر حول تقاسم السلطة في حال دخول قوات الشرق الى طرابلس والسيطرة عليها.

قوات المشير حفتر سيطرت على الشرق والجنوب ومعظم آبار النفط الليبية، ووصلت الى مطار طرابلس الدولي، وسيطرت عليه لبرهة من الزمن قبل إخراجها من قبل القوات الموالية لحكومة السراج، وهذا يعني ان معركة طرابلس المتصاعدة ستكون هي الأخيرة والحاسمة، ومن يخرج منتصرا منها سيكون الحاكم الجديد لليبيا.

الشعب الليبي منقسم في هذه الحرب بين تأييد حكومة شرعية مدعومة دوليا ولكنها ضعيفة عسكريا بقيادة السراج، ودعم من قوات تابعة لمصراته وجماعات إسلامية، وأخرى بقيادة المشير حفتر، ولكنه أي الشعب الليبي، متفق مع امر واحد، وهو وضع حد لحالة الفوضى وعدم الاستقرار التي دمرت بلاده، وهجرت حوالي ثلاثة ملايين ليبي الى دول الجوار وأوروبا، وحاله يشبه حالة نظيره العراقي قبل الغزو الأمريكي عام 2003، حيث بات الخلاص من الحصار هدفه الرئيسي.

يصعب علينا التنبؤ بنتائج معركة طرابلس الحاسمة، ولكن في ظل عدم وجود أي خطط دولية او إقليمية لوقف تقدم قوات المشير حفتر، فان احتمالات فوز الأخير الذي جمع “الحسنيين”، أي الدعمين الأمريكي والروسي معا، فان فرصه ربما تكون اكبر بالفوز حتى كتابة هذه السطور، والامر المؤكد  ان الشعب الليبي سيدفع ثمنا باهظا من دماء وارواح أبنائه للمرة الثانية..

رأي