بدعوى التحضير لفاتح ماي..الريع النقابي يفرغ المرافق العمومية المغربية لـ 10 أيام

الكاتب : الجريدة24

27 أبريل 2019 - 02:00
الخط :

عبد الرحيم العلام

ما يحدث هذه الأيام في الادارات والمرافق العمومية المغربية يؤشر على أزمة حقيقية للعمل النقابي والسياسي:

لقد تم إفراغ الإدارات والمؤسسات العمومية من جزء كبير من موظفيها وأساتذتها وأطبائها ومهندسيها....، بدعوى التحضير لمناسبة فاتح ماي.....إذ استفادت كل نقابة من رخص لفائدة العديد من أعضائها (أو غير أعضائها) لمدة 10 أيام قبل يوم فاتح ماي، بزعم التحضير لهذه المناسبة، وكأن بقاء أعضاء النقابات داخل وظائفهم سيمنعهم من التواصل مع زملائهم وإخبارهم بفاتح ماي؟ أو أن هؤلاء النقابيون سينتظرون 10 أيام الأخيرة من ابريل لكي ينجحوا في ما لم يتوفقوا فيه طيلة السنة؟

الغريب أن النقابات فرّغت العديد من أعضائها داخل كل القطاعات (قد يصل أحيانا الأعضاء المتفرغون داخل كل القطاعات والمنتمون لنفس النقابة حوالي 50 موظف داخل كل إقليم) وإذا علمنا أن النقابات في المغرب داخل كل قطاع تتجاوز 4 أو 5 نقابات، فإن النتيجة هي أن آلاف الموظفين في المغرب هم في عطلة مدفوعة الأجر طيلة 10 أيام، والحجة هي التحضير لاحتفالية رمزية صباح يوم فاتح ماي من المفروض أن يشارك فيها العمال والموظفون بعفوية ودون إلحاح إذا كانت النقابات فعلا تقوم بأعمالها.

الغريب أيضا أن من الذين يتسفيدون من رخصة 10 أيام لا يقومون بأعمال التحضير لأي شيء باستثناء النوم أو قضاء الحوائج الشخصية، كما أن منهم من لا ينتمي إلى النقابة التي استفادة من رخصة باسمها، ومنهم أيضا من يكره العمل النقابي ولا يعرف حتى زعيم النقابة أو قوانينها الأساسية، فقط هو مستعد للاستفادة من رخصة (رشوة) من أجل تكثير سواد النقابة المعينة؛

والغريب أيضا أنه الادارت والمؤسسات التي تمنح هذه الرخص لموظفيها لا تطالبهم بأي تقارير أو جرد الأدوار التي قاموا بها، والأكيد أيضا أن بعض النقابات لا تطلب من الموظفين الذين منحتهم رخص باسمها القيام بأي عمل، بل منهم من قد لا يحضر إلى مناسبة فاتح ماي، وما الأعداد القليلة للمشاركين في مسيرات فاتح ماي إلا دليل على ذلك.

قد يقول قائل: ولكن هذا ينص عليه قانون الوظيفة العمومية؟

أولا: إذا كان القانون ينص على ذلك فينبغي تعديله؛

ثانيا: لا وجود لأي نص داخل القانون يمنح الموظفين 10 ايام كاملة من أجل التحضير لفاتح ماي، فقط تنص الفقرة الثانية من قانون الوظيفة العمومية على منح رخص استثنائية: "لممثلي نقابات الموظفين المنتدبين بصفة قانونية أو للأعضاء المنتخبين في المنظمات المُسيّرة، وذلك بمناسبة استدعاء المؤتمرات المهنية النقابية والاتحادية والتحالفية والدولية"....بمعنى أن الترخيص يكون بسبب الحضور الفعلي للمناسبة أو للاحتفالية وليس من أجل التحضير لها.

والأغرب من كل هذا، أن الادارت التي تمنح موظفيها رخصا بمناسبة التحضير لفاتح ماي بكل أريحية وعفوية، تكون متشددة مع باقي الموظفين إذا هم رغبوا في المشاركة في مناسبة علمية أو ثقافية لا تتجاوز مدتها يوم واحد أو يومين، وكثيرا ما تم منع رجال ونساء تعليم أو أطباء أو موظفين من حضور مؤتمر دولي أو مسابقة عالمية أو ندوة محلية بداعي الحرص على مصلحة التلاميذ أو المرضى أو غيرهم....أما أن يترك الأساتذة أقسامهم والأطباء مرضاهم....طيلة 10 ايام من اجل التحضير لمسيرة لا تتجاوز مددتها الزمنية 3 ساعات فذلك يعتبر نضالا من أجل تطوير الدولة....

الخلاصة: على النقابات أن تتوقف عن الاستفادة من هذا الريع، وعلى المشرّع أن يدقق في نصوص القانون حتى لا يتم توظيفها بشكل سلبي.......

كم فكرة جميلة تكسّرت على صخرة الجهل والانتهازية، وكم حرية تم تشويهها حتى أضحت موافقة للفوضى، وكم قضية عادلة تولى الدفاع عنها محام فاشل...

رأي