عتيق السعيد: النموذج التنموي يهدف إلى إصلاح ما أفسدته "كورونا" وإعطاء الأولوية للرأسمال البشري

الكاتب : انس شريد

30 مايو 2021 - 10:30
الخط :

بعد عرض التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، مؤخرا، على أنظار جلالة الملك محمد السادس، ازدادت انتظارات وطموحات المواطنين، من هذا المشروع الذي استغرقت مدة إنجازه ما يقارب السنتين، لإحداث تغيير حقيقي بجميع المجالات وعلى مختلف الأصعدة.

وفي هذا الإطار، قال الأكاديمي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والمحلل السياسي عتيق السعيد، في تصريح للجريدة 24، إن الحديث عن تنزيل توصيات لجنة النموذج التنموي، يتطلب في البداية ربط تقريرها مع السياق العام الداخلي و الخارجي، بكون أن بلادنا عرفت تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس هندسة شاملة ومتعددة الأبعاد للمجال الاجتماعي، حيث شهدت انطلاق سلسلة من الأوراش والمبادرات الاجتماعية في مقدمتها ورش النموذج التنموي الجديد، و هي كلها مشاريع تعزز مثانة مقومات الدولة الاجتماعية في التصدي للآثار المستقبلية لجائحة "كوفيد-19"، وبالتالي المساهمة في ترميم تصدعات الأزمة من جهة والحد من آثارها وتداعياتها المستقبلية من جهة أخرى.

وأكد السعيد، أن المغرب يعيش مرحلة دقيقة وتحديات مختلفة تستدعي تضافر جهود القوى السياسية من أجل تجويد الأداء السياسي وجعله يرقى لما تشهده المرحلة من متغيرات بنيوية متلاحقة، وهنا لابد من الاشارة إلى أن الاحزاب السياسية كان لها دور في تقديم مقترحات هدا الورش -مهما كانت هاته التصورات-، فإن دورها اليوم أكثر أهمية من قبل، بكونها مرتبطة بعملية التفعيل والتنزيل وكذا توفير مناخ سياسي محفز على النقاش العمومي الجاد واعتماد اليات التنزيل الفعالة والناجعة.

وأضاف المحلل السياسي، أن النموذج التنموي ميثاق وطني جديد يتطلب تجديد شامل للنخب وتغيير جدري في التدبير السياسي، بكون أن تنفيذ مجموعة من الأولويات التي تحكم الأجندة السياسية، يدفع نحو تجديد للنخب، موضحا أن الأمر كفيل برسم مسار العودة القوية لروح العمل الجماعي من أجل البناء والاصلاح المستدام كأولوية تفرضها الحاجة إلى تمكين آلية الاستقرار والتوازنات الاجتماعية.

وأبرز ذات المتحدث، إن تجديد النموذج التنموي يعد مدخل للمرحلة الجديدة ما بعد كورونا قوامها المسؤولية والإقلاع الشامل المبني على الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في خطوة إلى الأمام للقضاء على مسببات الفوارق الاجتماعية، التي تعمل على إبطاء النمو وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية، و من ثم التركيز على إعادة توجيه الإنفاق العام لصالح الفئات المهمشة بغية تعزيز الإدماج الاجتماعي لها ولتحقيق النمو الشامل، إذ لا سبيل الى رفع التحديات إلا بتحقيق تنمية بشرية عادلة ومنصفة، كفيلة بالتصدي للعجز الحاصل في المجال القروي٬ والخصاص الذي يعيق النمو في الوسط الحضري.

وتابع عتيق السعيد، أنه وجب جعل تجديد النموذج التنموي ما بعد "كورونا"، يستثمر بدرجة أولى في الرأسمال البشري كأداة رئيسية للاقتصاد المنتج للثروة، ووسيلة لتحقيق التنمية البشرية الشاملة، على اعتبار أن الاستثمار في العنصر البشري يفوق في نتائجه الاستثمار في الموارد المادية التي تبقى مجملها غير قارة أو ثابتة، كونه العنصر الإنتاجي الأول في بناء التنمية وفي فاعلية ونجاعة عناصر الإنتاج المادية بغية تعزيز مسيرة التقدم والنماء المطلوبة للتكيف من التحولات البنيوية المستمرة التي تشهدها المملكة.

وأشار الأكاديمي بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن جائحة "كورونا" أكدت بالملموس أن التضامن المجتمعي، أصبح اللبنة الأساس في تماسك المجتمع في ظل الأزمات، بحيث أنه بقدر ما يكون صرح المجتمع وبناؤه التضامني متينا منيعا، بقدر ما يضمن الاستقرار، وبالتالي الحكومة مدعوة إلى رفع رهان سقف التضامن، والمحافظة على هذه المكتسبات كإطار محصن من كل الأزمات كيفما كان حجمها.

آخر الأخبار