قتلة الأصول... طفل قتل والدته بسبب لعبة "فريفاير"

تفاصيل انتحار شاب بفاس بعد محاولته قتل جارته

الكاتب : الجريدة24

29 يونيو 2023 - 05:00
الخط :

فاس: رضا حمد الله

دللت الأم صغيرها أكثر من اللازم. كان أكبر إخوته الثلاث وأوفرهم حظا. معاملتها له تمييزية. لم تكن لترفض له طلبا ولا كسرت يوما خاطره. ولدته بعد سنين من انتظار الذرية. لذلك كان كل شيء في حياتها رغم أنها رزقت فيما بعد بأخوين له أحدهما لم يكمل السنتين من عمره، والثاني أوشك عنره على السبع سنوات، أصغر من ذاك المدلل، ب5 سنوات.

هذه المعاملة زادت من دلاله وجعلت منه شخصية نرجيسية يحب لنفسه ما لا يحب لأخويه. استغل حب والدته لتحقيق امتيازات ليست في متناول كثير من الأطفال أمثاله، رغم محدودية دخل أسرته ووضعها الاجتماعي المتوسط. الأم موظفة بالقطاع الخاص، والأب جندي في الصحراء المغربية، لا يحضر إلا شهرا كل نصف سنة. ظروف العمل وبعد المسافة، كانت تجعلاه كذلك.

لم يكن للأب سلطة على الطفل المدلل، فهو عنه بعيد. وحتى وإن حضر، يغض الطرف عن أنانيته طالما أن وقت عطلته قصير ومفروض أن يحضنه فيه ليعوضه عن قليل تبعات البعد المسافاتي لا العاطفي. كانت الأم في غياب الأب، كل شي في ذاك المنزل الذي اشترياه بقرض بنكي لم ينهيا أقساطه بعد. لكنها لم تحسن التعامل مع أبنائها ولم تعدل بينهم في ذلك، ما جعل الأكبر اكثر جشعا ودلالا لم تعتقد أنه سيصبح عادة سيئة في سلوكه.

كان للطفل هاتف ذكي اقتنته له بمبلغ مالي مهم. ورغم انها كانت حريصة على حسن استعماله له وفي مدد محددة كي لا يؤثر ذلك دراسته التي كان مجدا فيها ويحصل على معدلات متفوقة، فإن أمر التحكم سينفلت من يديها لاحقا. اصبح الابن مع مرور الوقت يستغل غيابها للانهماك في لعب بعض الألعاب غير المؤمنة والتي تتطلب صبيبا من الانترنيت يستلزم مصاريف إضافية زادت مع إدمانه عليها. كانت تحذره من ذلك، دون أن تدري أنه مدمن عليها.

في ذاك المساء عادت الأم من العمل، وخلدت للراحة بغرفتها. كانت منهكة. وبعودة الابن من المدرسة، ستستفيق على ندائه عليها وهو جالس قرب سريرها، دون أن يحترم حاجتها لاستراحة ونوم تخفف به من تعبها. اختار الابن سلاح الترغيب بعد أن قبل رأسها، حيلة ليحصل منها على مبلغ مالي لتعبئة هاتفه برصيد كاف للعب تلك اللعبة المشهورة ب"فريفاير". ادعى حاجته لتعبئة لإنجاز بحث طلب منه بالمدرسة. لم ترفض طلبه ومنحته 10 دراهم تناولها وغادرها ليعود بعض نحو ساعة. وجدها في المطبخ بصدد إعداد وجبة عشائها وأخويه. مجددا طلب منها مبلغا إضافيا، لكنها هذه المرة رفضت. لم يتعود على رفضها ولم يستسغه. ولم تنفع كل حيله ووسائل الترغيب، فتجرأ عليها دس يده في جيب سروالها وتناول ما به مما أرجعته من تبضعها. حاولت منعه، فتراجع للوراء، لكنها لحقت به وأمسكت به محاولة استرداد المبلغ، لكنه دفعها بقوة.

فقدت الأم توازنها وسقطت على قفاه وارتطم رأسها بحائط المطبخ. سال دمها ولم تتحرك. لقد أغمي عليها من قوة السقطة. حاول الطفل مساعدتها على النهوض، لكن تعذر عليه ذلك، فخي لا تتحرك. دهشته زادت بعدما عاين دمها سائل، حينها بكا بحرقة. لم يهتدي لشيء يساعدها به لإنقاذ حياتها.

لم يجد من حل غير الاتصال بخاله القاطن قريبا من منزل الأسرة في الحي. حضر الخال بعد مدة قصيرة. وصدم لإصابة أخته وتيقن من وفاتها بعدما تحسس نبضات قلبها. لقد ماتت أم دللت ابنها أكثر من اللازم، والابن مهدد بالاعتقال والمتابعة القضائية. حقيقة مرة حكاها الابن لخاله الذي حاول التستر على الجريمة، بادعاء وفاتها بعد سقوط مفاجئ أثناء إعدادها الوجبة. وكذلك أشيع. لكن خبر وفاتها تسرب وتداولته الألسن، ما اضطرت معه المصالح الأمنية للدخول على الخط.

حضرت عناصر الأمن وعاينت جروحا في رأس الأم وأنجزت محضرا بذلك واستمعت للطفل الذي أكد رواية خاله، ونقلت الجثة لمستودع الأموات بالمستشفى، لتشريحها وأنجزت الطبيب الشرعي تقريرا بذلك لاحظ فيه كون الوفاة ناتجة عن نزين، وحجم الجرح يؤكد قوة السقوط، مرجحة احتمال وجود دفع سابق للسقوط.

ملاحظات الطبيب الشرعي، أخذتها الشرطة القضائية بعين الاعتبار واستمعت من جديد للطفل باعتباره الوحيد الذي كان مع أمه وقت الحادث. استعمل الضابط ذكاءه مع استنطاقه للطفل، شجعه على البوح وقول الحقيقة، زاعما أنه حتى ولو كان سببا في وفاة أمه، فالقانون لا يعاقب على القتل الخطأ. هكذا أوهمه. ورغم إنكاره فبالاطلاع على ذاكرة هاتفه اكتشف إدمانه على تلك اللعبة، معلومة استثمرت في البحث قبل انتزاع اعتراف الطفل الذي حكى تفاصيل ما وقع، ليحال على الوكيل العام الذي امر بإيداعه مؤسسة للرعاية الاجتماعية في انتظار محاكمته.

آخر الأخبار