بين تونس الحبيب بورقيبة وتونس المجنون قيس سعيد

أفردت "DW" الألمانية في نسختها العربية خاصا، عما يجري في تونس، التي كانت ترفل في استقلالية متميزة في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، قبل أن تنحدر إلى أسفل سافلين منذ أن أطل المجنون قيس سعيد على الخضراء وجعلها هشيما تذروه الرياح.
قيس سعيد.. "زعيم" من ورق
ووفق "DW" فإن "قيس سعيّد يسعى إلى تقديم نفسه كزعيم مؤثر مثل بورقيبة، عبر كتابته دستورا جديدا استهلم من دستور بورقيبة (1950) نظاما رئاسيا أكثر سلطوية"... مستدركة "لكن من حيث المضمون فإن توجهات سعيّد تختلف جوهريا عن فلسفة بورقيبة وعقيدته السياسية ذات التوجه الوطني البراغماتي المتشبع بقيم الحداثة الغربية".
وحسب "DW" فإن قيس سعيّد دون ماض حزبي، و"دأب بدوره على الحفاظ على زيارة ضريح بورقيبة في كل عام عندما تحل ذكرى وفاته. ورغم اختلاف سعيّد سياسيا وفكريا مع نهج الرئيس الراحل بورقيبة، إلا أن محاولاته إظهار ارتباطه بشخصية بورقيبة وتراثه السياسي، تبدو نابعة من تقاطعه معه في بعض الأبعاد، كما لا تخلو من حسابات في الصراع على السلطة".
وأضافت " DW"، " كما يسعى سعيّد من خلال تقرّبه من بورقيبة ورمزيته، لسحب البساط من بعض خصومه السياسيين الذين يوظفون تراث الرئيس الراحل السياسي، وخصوصا السياسية الشعبوية الأخرى عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر، التي سجلت في السنوات القليلة الأخيرة تقدما ملحوظا في استطلاعات الرأي".
القاعة المزوقة بالزليج المغربي
وأفادت "DW" بأن تونس الحبيب بورقيبة كانت ترتبط أيما ارتباط قوي بالمغرب، وهو ما تعكس ملامح عدة للعلاقة التي تدهورت، بعدما اختار مجنون تونس الاصطفاف إلى جانب النظام العسكري الجزائري الذي طالما تحرش بالخضراء وبالتونسيين.
ووفق نفس المصدر فإن ما "يلفت نظر زائر متحف الحبيب بورقيبة (قصر سقانص) بالمنستير قاعة استقبال مرصّعة بالزليج المغربي الأندلسي، وتسمى "القاعة المغربية"
وتتصدرها لوحة كُتب عليها "زوّق فريق من الحرفيين المغاربة كافة مكونات القاعة على الطراز المغربي التقليدي"، وهي عبارة عن هدية من الملك الحسن الثاني للرئيس بورقيبة، تعبيرا عن الصداقة المتينة والتضامن بين الرجلين على امتداد عقود حكمهما الطويلة والمليئة بالعواصف الداخلية والخارجية.
وأضافت الصحيفة الألمانية بأنه "بسبب نزعة بورقيبة الاستقلالية ورفضه للهيمنة ونديته في مواجهة زعماء عرب مثل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر أو ملوك السعودية والرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، تعرضت علاقات تونس وأوضاعها الداخلية لعواصف".
انصياع للـ"كابرانات" وإهانات تبون للتونسيين
وحقا يعد قيس سعيد مجنون تونس بامتياز، فكما أن هذا القادم من بعيد عن السياسة إلى رئاسة البلاد، في 2019، يحاول أن يبدو قويا وهو يرفض ما وصفها بـ"إملاءات" صندوق النقد الدولي، إلا أنه لا يرفض بتاتا إملاءات "كابرانات" النظام العسكري الجزائري، رغم أن الأخير عبر رئيسه الصوري لا ينفك عن امتهان كرامة التونسيين في كل مناسبة.
وكان عبد المجيد تبون، أهان التونسيين دون أن يدري وهو الجاهل حينما صرح في مقابلة مع قناة "الجزيرة" القطرية بأن الجزائر ساعدت تونس كثيرا، وأنه حفاظا على كرامة التونسيين لن يستعرض هذه المساعدات ولن يعددها سواء المادية منها أو المعنوية!!!
وبينما وضع قيس سعيد يده في أيادي الـ"كابرانات" المثقلين بضغائنهم تجاه المغرب، حادت تونس عن جادة الصواب، بعدما صادر الرجل الراغب الحالم في رسم معالم رئيس ينسي التونسيين الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، كل السلطات وجمعها بين راحتيه، معتبرا نفسه الأوحد الذي يضيء البلاد أو يقطع عنها الكهرباء.