أعلام فاس وعلماؤها الشيخ أحمد البرنسي زروق صاحب الشروحات المعتمدة عند المالكية

الكاتب : الجريدة24

10 أبريل 2024 - 06:00
الخط :

فاس: رضا حمد الله

رضع العلامة أحمد بن عيسى البرنسي الفاسي، حليب العلم والتقوى والورع من ثديي أمه الإنسانة المعروفة بالزهد والتقوى والصلاح، التي ربته أحسن تربية منذ رأى النور في تازة حيث عاش في حضن جده وبين أخواله وخالاته، بعد وفاة والده وهو رضيع، ليعيش اليتم والحرمان مبكرا.

ولقبه جده الذي كان بعينه زرقة، ب"زروق" لقبا لازمه طوال حياته كما ذريته حتى أنه اشتهر به أكثر من شهرته باسمه العائلي البرنسي، وكثير من زملائه وصفوه ب"الفقيه المالكي" صاحب الشروحات المعتمدة عند المالكية، بعدما تجاوزت شهرته فاس وتازة والمغرب إلى المشرق العربي.

وللشيخ مسار علمي طويل وجاب عدة أمصار إلى أن وافته المنية بمدينة مصراتة غرب ليبيا، بعدما زار مصر والجزائر حيث أقيمت له زاوية ببجاية، بل أصبح من أشهر علماء المغرب والجزائر ومصر وتونس في تلك الفترة متفوقا مع أقرانه ممن التقاهم هناك وأفادهم واستفاد منهم.

وكان للشيخ المسلك عبد الله المكي فضل عليه كما محمد بن القاسم القري والشيخين علي السبطي وعبد الله الفخار اللذين قرأ رسالة ابن أبي زيد القيرواني في فقه المالكية، على يديهما، قبل أن يحتك مع علماء وشيوخ بباقي أقطار المغرب العربي كالمجاصي والزرهوني والمجدولي والدميري.

قضى أحمد زروق مدة ببجاية الجزائرية بعدما قصدها في 1479 وكان له أقران في زاوية يحيى العيدلي، وأقام زاوية باسمه تكنى أيضا ب"زاوية أوقلة" وتوجد في بلدية تمقرة، حيث كان له أتباع كثيرين هناك وحيث أسس زاويته قبل أن مغادرتها وهذه المدينة في اتجاه القاهرة بمصر.

وشكل مكوثه بمصر، نقطة مهمة في مساره حيث اكتسب شهرة كبيرة، بل درس في الجامع الأزهر وكان يحضر دروسه أكثر من 6 آلاف مستمع، وأكثر من ذلك تولى إمامة المالكية هناك وصار المرجع الرئيسي في هذا المذهب وانتفع على يديه خلق كثير وأصبح من أهم مراجع المالكية.

وتكاد جل مصنفات الفقه المالكي لا تخلو من اسمه وفتاواه واجتهاداته وشروحاته في المجال، و"تحلى بعقود القناعة والعفاف، وبرع في معرفة الفقه والتصوف والأصول والخلاف. خطبته الدنيا فخاطب سواها وعرضت عليه المناصب فردها وأباها" كما قال عنه العلامة عبد الرؤوف المناوي.

ووصفه المناوي أيضا ب"عابد من بحر الغيب يغترف ،وعالم بالولاية يتصف" في شهادة زكاها كل من جايله ومنهم الشيوخ أبي العباس الحضرمي الذي أخذ عنه الطريقة ولازمه وصار شيخه في سلوكه قبل أن يشتغل في علوم اللغة العربية وأصول الفقه فكان علي الجوجري من تلاميذه النجباء.

ولم يكن للرجل أثر فقط ببجاية حيث زاويته، وبمصر حيث برع، بل ترك بصمته أيضا في ليبيا التي أسس بها أيضا زاوية في مدينة مصراتة مجهزة بمكتبة تعتبر من أقدم المكتبات في المنطقة وتحظى باهتمام دولي ويرتادها الباحثون من دول عالمية، كما أنها على علاقة بمراكز علمية.

وترك الشيخ أحمد زروق أكثر من 12 مؤلفا منها "الجنة للمعتصم من البدع بالسنّة" و"تفسير القرآن العظيم" و"شرح رسالة أبي زيد القيرواني" و"ثلاثة شروح على متن القرطبية" و"ستة وثلاثون شرحاً على الحكم العطائية (لابن عطاء الله السكندري(" و"شرح لكتاب دلائل الخيرات".

ومن مؤلفاته كذلك "شرح أسماء الله الحسنى، المسمى المقصد الاسما" و"شرح حزب البحر للإمام الشاذلي" و"قواعد التصوف على وجه يجمع بين الشريعة والحقيقة ويصل الأصول والفقه بالطريقة" و"النصيحة الكافية لمن خصّه الله بالعافية" و"العقائد الخمس" و"شرح كتاب صدور الترتيب".

كل هذه الكتب وغيرها مما كتب ومخطوطات ما زالت موجودة بمختلف مكتبات العالم، صححت مسيرة التصوف وتعتبر نتاج سنوات من التعلم والسفر بين الحواضر العلمي بالعالم الإسلامي، حتى أنه أصبح مرجعا يحتدى به في الحياة العلمية والاجتماعية والتربوية على صعيد العالم الإسلامي.

آخر الأخبار