كيف أصبح المغرب ملاذًا آمنًا للشركات الاسبانية؟

في السنوات الأخيرة، شهد المغرب نموًا اقتصاديًا ملحوظًا وتحولًا جذريًا في بنيته التحتية والصناعية، مما جعله وجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية.
وتشهد إسبانيا موجة من نقل شركاتها الإنتاجية إلى المغرب، بحثًا عن بيئة أكثر استقرارًا ومرونة أمام التحديات العالمية.
وتجد الشركات الإسبانية في المغرب مجموعة من العوامل التي تجعل منه ملاذًا آمنًا لاستثماراتها. أولى هذه العوامل هو الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمغرب، الذي يشكل بوابة بين أوروبا وإفريقيا. هذا الموقع يوفر للشركات الإسبانية فرصة الوصول إلى أسواق جديدة بأقل التكاليف اللوجستية، مما يفتح أمامها آفاقًا تجارية غير محدودة.
هذه الظاهرة، التي أطلقت عليها مؤسسة "فيتش سولوشن" اسم "الهجرة الصناعية الكبيرة"، تعكس تحركًا استراتيجيًا من قبل الشركات الإسبانية للتكيف مع سياسات الاتحاد الأوروبي واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة في المغرب.
وأفاد تقرير حديث للمؤسسة بأن أكثر من 360 شركة إسبانية قد اتخذت خطوة جريئة بنقل عملياتها إلى المغرب.
وتأتي هذه الخطوة في ظل الجهود المستمرة من قبل الشركات الأوروبية لتقريب سلاسل توريدها من مواقع الإنتاج وتقليل الاعتماد على سلاسل التوريد البعيدة التي تأثرت بشدة ما بين 2019 و2021.
والهدف الرئيسي لهذا الانتقال، حسب ذات التقرير، هو تعزيز مرونة الشركات في مواجهة الاضطرابات المستقبلية التي قد تعصف بالأسواق العالمية.
ووفقا لذات التقرير، فقد اختارت بعض الشركات نقل كافة عملياتها الإنتاجية، في حين فضلت أخرى إقامة فروع جديدة أو الدخول في شراكات مع نظيراتها المغربية.
أحد أبرز الدوافع وراء هذا التحول هو رغبة هذه الشركات في توطين سلاسل التوريد وزيادة مرونتها، إلى جانب الاستفادة من المزايا الجمركية التي يقدمها المغرب، حسب مضمون التقرير.
ووفقًا للتقرير ذاته، يُتوقع أن تحقق هذه الشركات توفيرًا يصل إلى 100 مليون يورو في الرسوم الجمركية بعد قرار المغرب بإلغاء الرسوم على 70% من واردات الزراعة والصيد.
يعد هذا التحرك بمثابة إعادة رسم للخريطة الصناعية بين أوروبا وشمال أفريقيا، حيث يعزز المغرب موقعه كوجهة مفضلة للاستثمار والصناعة، ويجذب الشركات العالمية التي تسعى لضمان استدامة عملياتها وتقليل التكاليف في عالم ما بعد الجائحة.