بوريطة: المغرب وفرنسا دخلا معا في صفحة جديدة.. وباروت: نترقب زيارة الملك محمد السادس إلى باريس

أمام تطورات مشهودة تلمس جوهر العلاقات المغربية الفرنسية، جاء تصريح وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة ليعكس عمق هذا التحول الدبلوماسي في ظل رغبة مشتركة بتدشين مرحلة جديدة من التعاون.
في ندوة صحفية جمعته بنظيره الفرنسي جان نويل باروت، كشف بوريطة عن أربع محاور أساسية تُبرز الأبعاد الاستراتيجية للشراكة، مؤكداً على دورها في رسم ملامح دبلوماسية تعكس التوافق المتبادل بين الرباط وباريس.
ووفق بوريطة، فإن التحولات الراهنة تشكل امتدادًا لحقبة جديدة، حيث تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون في مجالات مختلفة، مما يظهر تطلع البلدين لإعادة صياغة مفهوم الشراكة لتصبح أكثر عمقاً وتأثيراً.
كما شدد على أهمية الوثيقة المشتركة التي وقعها الملك محمد السادس والرئيس إيمانويل ماكرون، معتبراً إياها مرجعًا رئيسيًا يحدد معالم التعاون بين البلدين.
هذه الوثيقة، بحسب بوريطة، تحمل بين طياتها رؤية استراتيجية تهدف إلى تحفيز التعاون المشترك في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لتكون بمثابة خارطة طريق نحو مستقبل أكثر استقرارًا.
وفي سياق متصل، طرح بوريطة موضوع القضايا الإقليمية والدولية المشتركة، كالأوضاع في الشرق الأوسط، ومناطق النزاع في القارة الأفريقية، حيث يشكل التوافق الدبلوماسي بين البلدين قاعدة أساسية للتعامل مع هذه الملفات.
وأكد بوريطة على أهمية توحيد الجهود لمواجهة التحديات الراهنة، مُشيراً إلى أن التعاون المغربي الفرنسي يمكن أن يكون نموذجاً لدبلوماسية فعّالة تسعى لتحقيق الاستقرار والتنمية.
ثمّ جاء الحديث عن تحسين صورة المغرب الاقتصادية وخاصة في الأقاليم الجنوبية، حيث أشار بوريطة إلى موقف فرنسا الداعم لمساعي المغرب في تحقيق التنمية الشاملة، مما يعكس تحولاً نوعياً في دعم فرنسا لسيادة المغرب على صحرائه.
هذه الإشارة المهمة تأتي في وقت حرج، وسط تصاعد الاهتمام الدولي بملف الصحراء المغربية، وتزايد زخم الدعم للمغرب على الساحة الدولية.
أما وزير الخارجية الفرنسي جان نويل باروت، فقد أشاد بالعلاقة التاريخية الممتدة بين فرنسا والمغرب، مستحضراً اللحظات التي كان فيها المغرب شريكاً في تحرير فرنسا.
وأكد باروت على أن عمق العلاقة لا يقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يمتد إلى جذور إنسانية قوية، حيث يعيش 700,000 مغربي في فرنسا، بينما يقيم 80,000 فرنسي في المغرب، مما يجعل هذه العلاقة الثقافية والاجتماعية متجذرة بعمق، تتناقلها الأجيال عبر الأدب والفن والتاريخ المشترك.
من الناحية الاقتصادية، أشار باروت إلى الاستثمارات الفرنسية الضخمة في المغرب، حيث توجد أكثر من ألف شركة فرنسية تساهم في خلق فرص عمل عديدة، وذلك ضمن إطار توقيع 22 اتفاقية شراكة بين البلدين، تؤكد التزامهما بتطوير التعاون الاقتصادي.
كما تطرق باروت إلى نجاح بعض المشاريع المشتركة، وخاصة في مجال الانتقال الطاقي، مشدداً على أهمية الهيدروجين الأخضر ومشاريع البنية التحتية، والتي تُعد عناصر أساسية لتحقيق الأهداف المشتركة.
وبالعودة إلى ملف الصحراء، أعلن باروت أن وزارة الخارجية الفرنسية نشرت خريطة للمغرب تضم أقاليمه الجنوبية كاملة، مما يُعتبر موقفاً لافتاً يعكس دعم فرنسا لوحدة الأراضي المغربية.
وأكد على أهمية التنمية في هذه الأقاليم، مشيراً إلى أن السفير الفرنسي سيزور المناطق الجنوبية قريباً للعمل على تنفيذ مشاريع تنموية هناك، مما يعكس حرص فرنسا على تقديم دعمها الكامل للمغرب.
وتزداد وتيرة التقارب مع اقتراب زيارة الملك محمد السادس المرتقبة إلى فرنسا، والتي يأمل الطرفان في أن تكون مناسبة لتعزيز الروابط التاريخية وفتح آفاق جديدة في مجالات مختلفة.
وأكد باروت أن هذه الزيارة المنتظرة لجلالة الملك محمد السادس، ستضيف زخماً جديداً للعلاقة بين البلدين، مما يجعل من فرنسا شريكاً موثوقاً للمغرب في جميع المجالات.
تصريحات باروت وبوريطة لم تكن مجرد إشارات، بل جاءت لتؤكد على دور المغرب وفرنسا في الساحة الدولية، حيث يمكن اعتبار هذه الشراكة مثالا يحتذى به في الاستقرار والتعاون المثمر.