الأحياء الشعبية في الدار البيضاء.. واقع مرير يخنقه غبار الوعود الزائفة

الكاتب : انس شريد

13 ديسمبر 2024 - 10:00
الخط :

رغم الوعود المتكررة التي تطلقها المجالس الجماعية المتعاقبة في الدار البيضاء، لا تزال مناطق واسعة من المدينة غارقة في التهميش، ما يجعل الساكنة تعيش حالة من الإحباط المتزايد.

في شوارع وأزقة أحياء مثل التشارك وسيدي مومن وحي مولاي رشيد وعين السبع وغيرها، يظهر التناقض الصارخ بين الصورة التي يُراد الترويج لها عن العاصمة الاقتصادية للمغرب والواقع المرير الذي يعايشه المواطنون يوميًا.

هذه المناطق، التي يُفترض أن تنتمي إلى مدينة حديثة وعصرية، تبدو أشبه بقرى معزولة تفتقر لأبسط مظاهر التحضر.

في جولة لرصد الأوضاع، بدت المعاناة جلية. الحفر المنتشرة في الطرقات تحولت إلى مصائد للسيارات والمارة على حد سواء، والإنارة العمومية شبه منعدمة، ما يجعل التنقل في ساعات الليل مغامرة محفوفة بالمخاطر.

أكوام النفايات المتناثرة في كل مكان تضيف عبئًا بيئيًا يهدد صحة الساكنة، في ظل غياب شبه كامل لحملات النظافة والتوعية.

ووسط هذا المشهد الكئيب، تبدو العربات المجرورة بالدواب كأنها العنصر الوحيد الذي يضفي لمسة من الحياة، رغم أنها تجسد بشكل صارخ حالة الفوضى والعجز عن مواكبة العصر.

ورغم مرور أكثر من عشرة أشهر على صدور قرار جماعي يمنع استخدام هذه العربات داخل المدينة، فإن المشهد في الأحياء المهمشة لا يوحي بأن القرار دخل حيز التنفيذ.

في أحياء مثل سيدي مومن وسيدي عثمان وحي التشارك، لا تزال هذه الوسائل البدائية تستخدم لنقل الخضر والفواكه وحتى الأشخاص، في تحدٍّ واضح لسلطة المجلس الجماعي.

في منطقة عين السبع، النابضة بالحياة في قلب مدينة الدار البيضاء، تصاعدت حدة القلق والتوتر بين السكان بشكل لافت.

الأمل الذي كان يحمله السكان بمشاريع تنموية واعدة تحول إلى كابوس يومي، حيث تتراكم النزاعات داخل مجلس مقاطعة عين السبع وتزيد الطين بلة.

وأصبحت المنطقة، مسرحًا للإحباط والاستياء بسبب البطء الشديد في تنفيذ العديد من المشاريع، التي كان من المقرر أن تحسن من جودة حياة السكان.

ويتصاعد غضب المعارضة من سوء تدبير يوسف لحسينية، رئيس مقاطعة عين السبع، حيث يتهمونه بعدم الكفاءة والفشل في تسيير الملفات الكبرى

ويبدو أن الشرطة الإدارية والمراقبون الجماعيون، الذين يُفترض بهم تطبيق القرار، عاجزين عن فرض النظام، ما يثير استياء الساكنة.

تصريحات المواطنين التي رصدتها الجريدة 24 تعكس حالة من الغضب والإحباط.

وعبر أحد سكان حي مولاي رشيد بمرارة عن خيبة أمله من المجلس الجماعي، قائلًا إن "الوعود التي سمعناها قبل الانتخابات من رئيس المقاطعة بقيت مجرد كلام، والحال يزداد سوءًا يومًا بعد يوم."

وتساءل آخرون عن جدوى القرارات التي لا تجد طريقها إلى التطبيق، مشيرين إلى أن الفوضى التي تشهدها المناطق المهمشة تسيء لصورة مدينة يُفترض أن تكون نموذجًا للحداثة.

وتحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى منبر للتعبير عن الغضب.

وتظهر مقاطع فيديو وصور، الأوضاع الكارثية في بعض الأحياء انتشرت بشكل واسع، مرفقة بتعليقات يتم انتقاذ من خلالها بعض رؤساء المقاطعات ويتهمونهم بعدم الوفاء بوعودهم.

المواطنون يرون أن المجلس الجماعي عاجز عن فرض هيبته، مشيرين إلى أن القرارات التي تصدر تبقى حبيسة الأوراق ولا تجد طريقها إلى الواقع.

في المقابل، تعالت أصوات المعارضة داخل المجلس الجماعي تطالب بتحقيق العدالة المجالية في توزيع المشاريع.

ويشير المنتقدون إلى أن الأحياء الراقية مثل أنفا والمعاريف تحظى باهتمام كبير من حيث الميزانيات والمشاريع التنموية، بينما تظل المناطق المهمشة خارج دائرة الاهتمام.

هذا التفاوت الصارخ يعزز الشعور بالإقصاء لدى سكان الأحياء الشعبية، ويطرح تساؤلات حول الأولويات الحقيقية للمسؤولين.

ويطرح الوضع الراهن في الدار البيضاء يطرح تساؤلات ملحة حول قدرة المدينة على تحقيق التحول الذي تطمح إليه.

هل ستنجح جماعة الدار البيضاء في التخلص من المظاهر البدوية التي تسيء لصورتها كعاصمة اقتصادية؟ أم أن التهميش سيبقى قدرًا لا مفر منه للمناطق الأقل حظًا؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذه التساؤلات، لكن المؤكد أن الساكنة لم تعد تحتمل المزيد من الإهمال والوعود الزائفة.

آخر الأخبار