النقابات تتوعد.. والحكومة تحت الاختبار!

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

07 ديسمبر 2024 - 09:45
الخط :

بعد التصويت على مشروع قانون الإضراب بلجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب أعلنت منظمات نقابية عن عدم رضاها على التعديلات التي أدخلها البرلمانيون على المشروع، فضلا عن رفضها المضامين التي صاغتها الحكومة بالمشروع.

ومن المتوقع أن يتسبب هذا الموضوع في إشعال وتصاعد التوتر بين الحكومة والنقابات، وفي مقدمتها الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي لمحت إلى أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في قادم الأيام بسبب مضامين هذا المشروع وقضايا اجتماعية أخرى.

تهديد النقابة المذكورة يأتي في سياق سياسي واجتماعي يزداد توتراً.
واستنكر المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT) موقف الحكومة بشأن إحالة مشروع القانون التنظيمي للإضراب على البرلمان دون توافق مسبق في إطار الحوار الاجتماعي.
واعتبر المكتب التنفيذي للنقابة، أن الخطوة الحكومية تعدياً واضحاً على أسس الحوار الاجتماعي ومقتضيات الاتفاقات الدولية والدستورية.

جوهر الخلاف
وشددت الكونفدرالية على أن التعديلات التي أجرتها لجنة القطاعات الاجتماعية على النص القانوني لم تغير جوهره "التكبيلي" للحق في الإضراب.
وأبرز البلاغ أن هذه التعديلات لم تأخذ بعين الاعتبار الآراء الصادرة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكذلك توصيات لجنة الحريات النقابية بمنظمة العمل الدولية.

دمج صناديق التأمين
وجدد المكتب التنفيذي للنقابة المذكورة رفضه لمشروع قانون دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS).
واعتبر أن هذا القرار الحكومي، الذي تم اتخاذه خارج إطار الحوار الاجتماعي، يمثل "ضرباً لميثاق المأسسة" واتفاق 30 أبريل 2022، محذراً من تأثيراته السلبية على حقوق المؤمنين ومكتسباتهم.

السياسة الاجتماعية
وطالبت النقابة بعقد جولة جديدة من الحوار الاجتماعي لاستكمال التفاوض حول القانون التنظيمي للإضراب ومناقشة الملفات الاجتماعية العالقة.
وأكدت أن الإعفاء التدريجي للمعاشات من الضريبة على الدخل لم يحقق العدالة للمتقاعدين، بسبب تجاهل مطالب الرفع من الحد الأدنى للمعاشات وربطها بنسبة التضخم.

تحركات مرتقبة
وفي إطار تصعيدها، أعلنت الكونفدرالية استعدادها لاتخاذ خطوات نضالية للدفاع عن الحق في الإضراب ومواجهة ما وصفته بـ"محاولة الإجهاز" على هذا الحق.
ودعت إلى تشكيل جبهة مشتركة للدفاع عن الحقوق النقابية، ما يبرز احتمالية تصاعد الحراك الاجتماعي في الفترة المقبلة.

بين الحقوق والالتزامات
يذكر أن النقاش حول قانون الإضراب في المغرب لطالما أثار الجدل حتى قبل صياغته وقبل أن يحث عليه الدستور، حيث ترى النقابات أن الحكومة تتجه نحو تكبيل الحريات النقابية، بينما تدعي الحكومة أن القوانين الجديدة تهدف إلى تنظيم العمل النقابي بما يتماشى مع الالتزامات الدولية.

وقد يدفع غياب التوافق بين الحكومة والنقابات إلى موجة جديدة من الاحتجاجات والإضرابات، مما يضع الحكومة أمام اختبار حقيقي لقدرتها على تحقيق التوازن بين التزاماتها الدولية واحترام حقوق العمال في سياق يزداد تعقيداً.

مسار قانون الاضراب

وحرص الدستور على تنظيم حق الاضراب بقانون، وهو ما فتح المجال أمام نقاشات واسعة حول كيفية صياغة قانون ينظم الإضراب دون المساس بجوهر هذا الحق.
وكان من المفترض أن يتم إصدار القوانين التنظيمية اللازمة خلال الولاية التشريعية الأولى بعد الدستور، بما في ذلك القانون التنظيمي للإضراب.
وقدمت الحكومة مشروع قانون تنظيم الإضراب عدة مرات، لكنه قوبل برفض من قبل النقابات التي اعتبرت أن بعض بنوده تقيّد الحق في الإضراب وتضعف من قوته كوسيلة للتفاوض.

المحاور الخلافية
أبرز النقاط التي أثارت الجدل بخصوص قانون الإضراب هي إجراءات إعلان الإضراب، لكون المشروع ينص على ضرورة تقديم إشعار مسبق يصل إلى 10 أيام قبل القيام بالإضراب، وهو ما اعتبره النقابيون قيدًا على فعالية الإضراب.
منع الإضراب التضامني بدوره أثار غضب النقابات، إذ إن المشروع يحظر الإضرابات ذات الطابع التضامني، مما يعتبره النقابيون تضييقًا عليهم.
ورفضت النقابات نص المشروع على قائمة بالقطاعات التي يمنع فيها الإضراب لضمان "استمرارية الخدمة العمومية"، مثل الصحة والنقل، وهو موضوع حساس.
موضوع العقوبات بدورها أغضبت النقابات، بعدما اتضح أن المشروع يتضمن عقوبات ستصدر في حق كل من أقدم على الإضرابات التي تُعتبر "غير مشروعة"، مما يثير مخاوف من التفسير التعسفي.

 

 

 

آخر الأخبار