وهبي: العقوبات البديلة ستنطلق في غشت... والقانون الجنائي ليس مجرد نص

الكاتب : انس شريد

10 ديسمبر 2024 - 06:30
الخط :

في خضم الجدل القائم حول مشروع القانون الجنائي في المغرب، أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي على أهمية دفع هذا التشريع ليكون أكثر انفتاحًا، مع الإعلان عن دخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ في شهر غشت المقبل.

هذه التصريحات جاءت خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، حيث كشف الوزير النقاب عن أبعاد النقاش الحاد داخل الحكومة حول القانون الجديد، الذي يعكس التباين الواضح بين التيارات المحافظة والحداثية داخل المجتمع والحكومة على حد سواء.

وأوضح وهبي، أن التوتر السياسي والنقاش المستفيض الذي استمر لأكثر من ثلاث سنوات هو ما أخر عرض المشروع على البرلمان.

وأشار إلى أن القانون الجنائي الجديد يتطلب توافقًا يعكس تنوع التوجهات المجتمعية، مما يفرض دراسة مستفيضة لمواده.

وأضاف الوزير: "القانون الجنائي ليس مجرد نص قانوني؛ إنه مرآة للمجتمع. نعمل بجد لضمان أن يكون مشروع القانون أكثر انفتاحًا ومواكبًا للتحولات الاجتماعية".

وأشار الوزير إلى أن أهمية هذا القانون لا تقتصر على كونه إطارًا قانونيًا، بل تشمل معالجته لظواهر إجرامية معقدة ومواكبة تحديات جديدة، مثل تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المجتمع وطبيعة العقوبات المناسبة.

وتابع وهبي أن النقاش حول القانون يركز أيضًا على تنظيم السياسة الجنائية التصالحية، ما يعكس تحولًا في النهج التقليدي نحو العدالة.

في إطار الخطط الرامية لتحديث النظام الجنائي المغربي، أعلن وهبي أن قانون العقوبات البديلة سيدخل حيز التنفيذ يوم 22 غشت المقبل، مؤكدًا أن رئيس الحكومة دعا، قبل أسبوعين، إلى استكمال جميع الإجراءات التنظيمية اللازمة بحلول شهر ماي المقبل.

وأكد الوزير أن العقوبات البديلة ستشمل، على سبيل المثال، أداء خدمات اجتماعية تخدم المصلحة العامة، مع الاستفادة من تجارب دول أخرى لتحقيق نجاح هذا النموذج.

وشدد وهبي على ضرورة تنفيذ هذا القانون بحذر شديد ومتابعة دقيقة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة، داعيًا إلى الاطلاع على التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال.

وبيّن أن العقوبات البديلة ليست مجرد تخفيف للعبء على المؤسسات السجنية، بل وسيلة لإعادة بناء شخصية الجاني وإبعاده عن تكرار الجرائم.

ويعكس النقاش حول القانون الجنائي الجديد التحديات التي تواجه الحكومة المغربية في ظل وجود تيارات متباينة داخلها.

وبينما يسعى وهبي إلى تقديم قانون يعكس روح الحداثة والانفتاح، يواجه مقاومة من تيارات محافظة تخشى أن تتعارض بعض التعديلات مع القيم المجتمعية.

وفي هذا السياق، أكد وزير العدل: "من الطبيعي أن تكون هناك اختلافات في الآراء حول هذا القانون، ولكنه جزء من ديناميكية مجتمع متنوع ومتعدد التوجهات".

ويؤكد وهبي أن الحكومة ستعمل على تمرير القانون خلال هذه الولاية، قائلاً: "سأستمر في العمل على هذا المشروع إلى آخر يوم من ولايتنا الحكومية. نحن بحاجة إلى قانون جنائي جديد يعكس واقعنا المعاصر ويواكب تطلعات الأجيال القادمة".

مع دخول العقوبات البديلة حيز التنفيذ واقتراب عرض مشروع القانون الجنائي على البرلمان، يقف المغرب على أعتاب مرحلة جديدة في سياسته الجنائية.

هذه المرحلة تستهدف إحداث تحول نوعي في مفهوم العدالة الجنائية، مع التركيز على إعادة تأهيل الجناة وتقليل معدلات الجريمة، مع الحفاظ على التوازن بين القيم التقليدية ومتطلبات الحداثة.

يبقى السؤال المطروح: هل سينجح وهبي في تمرير قانون جنائي يعكس تطلعات الانفتاح ويواكب التحولات المجتمعية، في ظل الانقسامات العميقة داخل الحكومة والمجتمع؟ الإجابة عن هذا السؤال ستتضح خلال الفترة المقبلة، مع تصاعد النقاش داخل البرلمان وخارجه.

آخر الأخبار