هل يؤدي استمرار الدعم المباشر إلى عرقلة جهود تقليص البطالة؟

الكاتب : انس شريد

17 ديسمبر 2024 - 10:30
الخط :

وسط تصاعد معدلات البطالة وتزايد الضغوط الاقتصادية، خرج عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، اليوم الثلاثاء، بموقف حاسم يرفض فيه اعتماد الدعم المباشر كحل دائم، محذراً من تبعاته السلبية على سوق العمل والميزانية العامة.

ففي ندوة صحفية أعقبت الاجتماع الفصلي لمجلس بنك المغرب، شدّد الجواهري على ضرورة تبني حلول هيكلية ترتكز على النمو الاقتصادي وخلق الثروة، مؤكداً أن الدعم، وإن كان مقبولاً في الظروف الاستثنائية، لا يجب أن يتحول إلى سياسة مستدامة تعيق فرص التشغيل وتُثقل كاهل المالية العامة.

وأوضح قائلاً: "إذا كان الدعم ظرفياً فهو مقبول، لكن لا ينبغي أن يصبح أداة دائمة، لأن الاعتماد عليه قد يثني الناس عن البحث عن فرص تشغيل ويؤدي إلى استنزاف موارد الميزانية العامة".

مؤكداً أن الحل الأمثل للتشغيل يتمثل في العمل الجاد على خلق فرص شغل دائمة من خلال تشجيع الاستثمار والنمو الاقتصادي المستدام.

كما شدّد على أن تشغيل الشباب والحد من البطالة لن يتحقق إلا عبر نمو اقتصادي مستدام وزيادة ثروة البلاد وتوزيعها بشكل عادل.

وتأتي تصريحات الجواهري عقب إعلان شكيب بنموسى، المندوب السامي للتخطيط، عن ارتفاع معدل البطالة في المغرب إلى 21.3 في المائة خلال عام 2024، مقارنةً بـ 16.2 في المائة قبل عشر سنوات.

وبالرغم من هذا التراجع الواضح، أكد والي بنك المغرب أن الأرقام المقلقة تتطلب حلولاً هيكلية بعيدة عن الحلول المؤقتة التي لم تثبت فعاليتها في الماضي.

وفي حديثه عن أبرز الأرقام الاقتصادية، كشف الجواهري عن تحقيق نمو إيجابي في القطاعات غير الفلاحية، والتي بدأت تشهد تطوراً ملحوظاً، حيث وصلت توقعات نسبة النمو الاقتصادي إلى 3.9 في المائة.

ومع ذلك، أكد أنه من الضروري العمل على تحقيق معدلات نمو أعلى، تصل إلى 4 أو 5 في المائة، باعتبارها السبيل الوحيد لتقليص معدلات البطالة وخلق الثروة.

وفي سياق تشغيل الشباب، أبدى الجواهري قلقه من ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و24 سنة، حيث وصلت النسبة إلى 50 في المائة.

ووصف هذا الرقم بالمقلق، مؤكداً ضرورة التركيز على إيجاد حلول ملموسة لدمج هذه الفئة في سوق العمل، خاصة أن التوجهات الحالية تظهر استمرار هذه الوتيرة التصاعدية.

وأشار والي بنك المغرب أيضاً إلى التأثيرات الخارجية على الاقتصاد المغربي، حيث شدد على أن المغرب يرتبط اقتصادياً بشكل كبير بأوروبا، والتي تمر حالياً بأزمة اقتصادية متفاقمة ومخاوف من الانكماش.

وأوضح أن مثل هذه التحديات الخارجية تؤثر مباشرة على الاقتصاد الوطني، خاصة في قطاعات التصدير والاستثمار.

وفي ما يخص الأرقام المسجلة خلال الفصل الثالث من عام 2024، كشف الجواهري عن بعض المؤشرات الإيجابية لأول مرة منذ فترة طويلة، حيث شهدت قطاعات الخدمات نمواً لافتاً، ونجحت في توفير نحو 257 ألف فرصة شغل خلال هذه الفترة.

ورغم هذه التطورات الإيجابية، يرى والي بنك المغرب أن الجهود يجب أن تتركز على دعم القطاعات الإنتاجية والاستثمارية من أجل تحقيق استدامة في خلق فرص العمل.

وفي الختام، أكد الجواهري أن معالجة البطالة تتطلب استراتيجية شاملة تجمع بين تشجيع الاستثمار، دعم القطاعين العام والخاص، وخلق بيئة اقتصادية مواتية للنمو المستدام.

كما أشار إلى ضرورة تحسين توزيع الثروة الوطنية كعامل أساسي لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، مشدداً على أن الحلول المؤقتة لن تكون كافية لمعالجة المشكلات الاقتصادية الهيكلية التي يواجهها المغرب.

آخر الأخبار