مهن تقاوم ..الحدادة التقليدية حرفة في سوق لا يرحم

الكاتب : الجريدة24

26 أبريل 2024 - 12:00
الخط :

أمينة المستاري

من كنوز الحرف بالمغرب "الحدادة"...حرفة مارسها المغاربة من عقود من الزمن، في الأحياء والقصبات من طرف "معلمين" أكفاء عرفوا بين الساكنة بصنع الأدوات الفلاحية من شواقير، مناجل، سكك الحرث وإصلاح الأواني والأدوات المنزلية...هي صناعة تعبر وشكلت عماد العمارة المغربية و الهوية المغربية.

مراكش وفاس ومكناس...مدن عتيقة عرفت بانتشار هذه الحرفة حافظت بعضها على أصولها رغم المنافسة الشديدة للصناعة الحديثة، خاصة سكك الحرث وبعض التذكارات القديمة التي تميزت بالنقوش المستعملة في ديكور المنازل.

ففي دروب المدينة العتيقة مكناس ترتفع دقات "المعلمين" منهمكين في ورش عملهم لصنع آنية أو ديكور يبدعون في صناعته بأدق تفاصيله، خاصة المصنوعات المعدنية الثمينة خاصة الفضية التي يقومون بتضمينها في معدن آخر لإنتاج آنية مزخرفة تسر الناظرين كحاملات الشموع والمصابيح وكراسي...

تكافح هذه الحرفة وحرفييها منافسة الصناعة العصرية، ويبحث ممارسوها عن الجديد لمواكبة العصرنة التي تغزو كل القطاعات سواء النسيج أو الصياغة....لذلك يحاول الصناع دائما ابتكار أشكال جديدة رغم أنها حرفة شاقة وتتطلب أحيانا جهدا ومجهودا عضليا نظرا لطبيعة المادة المستعملة والأدوات المستخدمة لتحويلها إلى شكل فني أو أداة تستعمل في المنزل المغربي، الذي غزته التكنولوجيا والبحث عن كل ما هو  عصري.

محمد، ابن المدينة مكناس الذي يعلم أصول المهنة من والده وجده، يؤكد أن الحدادة فن، يتطلب قوة عضلية ودراية قوية بأنواع الحديد ويحمل أفكارا حتى يستطيع الاستمرار ومقاومة المنافسة القوية لمنتوجات أخرى قادمة من دول أخرى أو من معامل ومصانع.

ففي ورشته بحي"الحدادين"، يقضي محمد معظم وقته في تمديد الحديد وتطويعه وتجعيده وتلحيمه...حتى يصبح آنية أو ديكورا أو أداة تستعمل في مجالات عدة...طبعا مع ضرورة الحذر من بعض المخاطر التي قد تواجهه جراء استعمال الحديد والآلات المستخدمة.

يقول محمد عن حرفته: " كيما قالوا زمان حرفة بوك لا يغلبوك...لم أتمكن من استكمال دراستي لذلك أحضرني والدي وجدي إلى الورشة هنا لتعلم حرفة تنفعني، وطبعا قضيت مدة قبل أن أصبح متمكنا منها، والحمد لله تزوجت وأنجبت أبناء بمدخول الحدادة، على ضعفه، فالحرفة تعرف منافسة قوية من صناعات أخرى خاصة في الديكورات التي نصنعها، بسبب المنتوج الصيني وغيره، لكن هناك فئة من الزبناء يحرصون على اقتناء المنتوج الأصيل وهم سواء مغاربة أو أجانب يعرفون قيمة ما نصنعه، أما الحدادة التقليدية كالمناجيل وسكك الحرث....فهي تقاوم الاندثار بعد دخول الآليات الكبيرة والتقينات الحديدة".

واقع الحال من اختفاء ورشات الحدادة التقليدية الأصيلة يشير للصعوبات التي تواجه الحرفة، بسبب التقنيات الحديثة، فيما يحاول الصانعون التطور والتأقلم ومقاومة سوق لا يرحم، فالتحول إلى مجالات أخرى كالديكورات، وتطويع الحرفة لمسايرة التطورات يفرض نفسه حتى لا تختفي تلك الحرفة التي برع فيها المغاربة منذ القديم وحافظت على الذاكرة المغربية لعقود.

آخر الأخبار