المغرب يفرض معادلة جديدة في الساحل!

الكاتب : عبد اللطيف حيدة

16 فبراير 2025 - 01:00
الخط :

يواصل المغرب تعزيز موقعه كشريك استراتيجي في منطقة الساحل، حيث يلعب دورًا محوريًا في تحقيق الاستقرار الإقليمي وسط تحديات أمنية وجيوسياسية متزايدة.
ووفقًا لتقرير المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، تعتمد الرباط على مزيج من المبادرات الأمنية والاقتصادية والتنموية، مثل "المبادرة الأطلسية"، لتعزيز التعاون الإقليمي والاستقرار طويل الأمد.
وتستفيد المملكة من موقعها الجغرافي وروابطها التاريخية العميقة مع دول الساحل لتعزيز أمن الحدود والتنمية الاقتصادية.

المغرب جسر استراتيجي

وأوضح التقرير أن المغرب أصبح فاعلًا رئيسيًا في تأمين منطقة الساحل، مستفيدًا من موقعه الجغرافي وروابطه التاريخية العميقة مع دول المنطقة.
ومن خلال تطوير شراكات اقتصادية وبنى تحتية متقدمة، عزز المغرب تعاونه الأمني عبر الحدود، مما ساهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.

وأشار المعهد إلى قدرة المغرب على العمل كجسر بين شمال وغرب إفريقيا، مستغلًا أدواته الاقتصادية والأمنية لتعزيز التنمية المستدامة والحد من التهديدات الأمنية في الساحل.

نافذة بحرية

وتشكل "المبادرة الأطلسية" المغربية خطوة طموحة تهدف إلى منح الدول الساحلية غير المطلة على البحر منفذًا بحريًا عبر الموانئ الأطلسية المغربية.
ويساهم هذا المشروع في تقليل الاعتماد على طرق النقل غير المستقرة، وتعزيز الترابط الاقتصادي بين المغرب وجيرانه الجنوبيين، ما يساعد في مكافحة انعدام الاستقرار والإرهاب وتهريب السلع.

وفي إطار تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، يعمل المغرب أيضًا على مشاريع ضخمة، مثل "خط أنابيب الغاز النيجيري-المغربي" الذي يربط موارد الطاقة في غرب إفريقيا بشمال القارة وأوروبا، ما يعكس التزام الرباط بتوظيف الاقتصاد كوسيلة لتحقيق الأمن.

انسحاب دول الساحل من ECOWAS

وفي يناير 2025، أعلنت بوركينا فاسو ومالي والنيجر انسحابها رسميًا من "المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا" (ECOWAS)، وهو تحول جيوسياسي بارز قد يكون له تداعيات مباشرة على الأمن الجماعي والتعاون الحدودي. ورغم محاولات بعض الدول، مثل السنغال وتوغو، لثني هذه الدول عن قرارها، إلا أن "تحالف دول الساحل" (AES) أصر على تعزيز تكامله بعيدًا عن المجموعة الاقتصادية الإقليمية.

وأشار تقرير المعهد إلى أن هذا الانسحاب قد يؤثر على التجارة، حركة التنقل، والجهود الأمنية في المنطقة، في حين تحاول "ECOWAS" الحفاظ على الوضع الراهن من خلال محادثات خروج منظمة، لتجنب أي تصعيد قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار.

تحولات التحالفات الأمنية

وفي ظل هذه التطورات، أعلنت حكومات تحالف دول الساحل عن تشكيل قوة عسكرية مشتركة قوامها 5000 جندي لمواجهة النشاط الجهادي المتزايد. ومع ذلك، يواجه هذا المشروع تحديات لوجستية وتمويلية كبيرة، مما يثير تساؤلات حول مدى فعاليته على المدى الطويل.

وفي الوقت نفسه، ومع انسحاب القواعد العسكرية الغربية، مثل القاعدة الأمريكية في النيجر والقاعدة الفرنسية في تشاد، تتجه دول الساحل إلى تنويع شراكاتها الأمنية، حيث قد تتوسع علاقاتها مع قوى غير غربية مثل روسيا، تركيا، أو الصين.

الاستقرار عبر التنمية

وبالتزامن مع هذه التحولات، كثف المغرب جهوده الدبلوماسية والاقتصادية تجاه الساحل، حيث افتتحت الرباط في ديسمبر 2024 محطة كهرباء في نيامي لدعم قطاع الطاقة في النيجر، الذي يعاني من اضطرابات نتيجة العقوبات المفروضة بعد الانقلاب.
ويبرز هذا المشروع رغبة المغرب في تعزيز سيادة الدول الساحلية في مجال الطاقة، وتوطيد روابطه مع حكوماتها.

وأكد تقرير (RUSI) أن المغرب يواصل إثبات نفسه كشريك استراتيجي رئيسي في الساحل، حيث يدمج بين الاستثمارات الاقتصادية والمقاربات الأمنية والدبلوماسية لتعزيز الاستقرار الإقليمي.
ومع استمرار التحولات الجيوسياسية، يظل دور الرباط محوريًا في دعم أمن الساحل وتعزيز الشراكات المستدامة لمكافحة التحديات العابرة للحدود.

تعاون إقليمي أعمق

وفي ظل التغيرات الحاصلة، شدد المعهد على ضرورة تعزيز التعاون عبر الحدود كشرط أساسي لاستقرار الساحل.
ويؤكد التقرير أن الاستجابة الفعالة تتطلب شراكات قوية، تنسيقًا أكبر، ودعمًا متزايدًا للتنمية، وهو الدور الذي يواصل المغرب لعبه بفعالية في المنطقة.

 

آخر الأخبار